Monday, October 30, 2006

مجتمعنا مريض و السعار الجنسي أولى أعراض المرض


كنت دائما أرفض فكرة الموت و المرض حتى لو كان المريض في حالة انهيار كامل أمامي لا أعترف أنه مريض, ربما لأني أرفض فكرة المرض من الأساس أو لأني ليس لدي الجرأة للاعتراف و بالتالي تحمل التبعات

لكن المسألة لم تعد تحتمل الانتظار و الاختباء في الرمل, لأن الأمر أصبح مرعبا, مجموعة من الشباب بين عشرة و أربعين عاما يتجمعون في مكان واحد و في وقت واحد و يتفقون على شيء واحد, ألا و هو الهجوم على كل فتاة تمر من أمامهم و تجريدها من ملابسها و التحرش بها و انتهاك حرمة جسدها, و لم يكن المعيار هنا إن كانت الفريسة كبيرة أم صغيرة , سيدة أم فتاة, محتشمة أم متحررة في ملابسها, محجبة أو غير محجبة!!!!!!! إذن ما المعيار؟! المعيار الوحيد هو أنها أنثى

و لم أجد نفسي مندهشة أكثر مما دهشت إلا عندما سمعت أن رجال الشرطة المتربصين في كل مكان بوسط البلد – طبعا من أجل إخماد المظاهرات و قمع المتظاهرين ليس إلا – لم يحركوا ساكنا و هم يرون ما يحدث, و كأن كل رجل منهم قد نسي نخوته و شهامته و تحول إلى آلة لا تتحرك إلا إذا أعطيت الأمر بالتحرك, ...... و طبعا موت يا حمار

و ألمني جدا مجموعة السذج الذين راحوا يرددون كلمات كان مجتمعنا قد لقنهم إياها طيلة سنوات و سنوات, حيث علمهم أن كل جرم يرتكبه الرجل هو حتما من جراء أفعال المرأة , و أن كل امرأة تجر الرجل إلى خطأ تستحق الذبح, حتى و إن فعلت ذلك دون أن تدري, ببساطة المرأة هي حواء التي خرجت بآدم من الجنة و لولاها ما كان خرج, و كأن أدم منذ بداية التاريخ هو الضحية المسكينة لأفعال حواء و على هذا الأساس يبرر له المجتمع أفعاله المشينة و يحملها على عاتق المرأة!!! و هذا بالضبط هو ما حدث, أول تعليق سمعته على حالة الفوضى الجنسية التي ضربت وسط البلد في أيام العيد كان:

"البنات هي السبب", تخيل؟

البنات هي السبب في أن يتحرش بها في الشارع و في المواصلات و في مكان العمل و ربما في المنزل أيضا!! أي منطق هذا؟ الضحية هي الجاني و المقتولة هي القاتل, و في النهاية:

"الشباب مسكين بريء مش عارف يعمل ايه ... طيب قولي أنت يعني فيه حد يبقى طبق اللحمة قدامه و ما يكلش؟" و الله؟ فعلا أنا مش مصدقة وداني

يعني أيه طبق اللحمة قدامه؟ هل معقول مثلا أن يكون في يدك سندوتش و يأتي من يهجم عليك و يخطفه من يديك بالقوة و المفروض منك أن لا تفعل شيئا بل و تبتسم أيضا لأن أخينا الحرامي كان جائعا و أنت لم تراعي مشاعره و أكلت أمامه؟ بنفس المنطق أيضا فإن من حق العاطلين على المقاهي و أولاد الشوارع الأعتداء على الأثرياء لا لشيء إلا لأنهم لم يراعوا مشاعرهم و أصبحوا أغنياء!!! و على الطالب الفاشل أن يقتنص من درجات الطالب المتميز لأن الأخير لم يراعي مشاعر زميله الفاشل و ذاكر و تفوق

لو مشى رجل عاريا في الشارع سيقولون "مش مهم أهو راجل" و إن لبست امرأة ملابس عادية جدا رموها بكل أنواع السب و مبررهم في ذلك "دي بنت ...!" طيب يعني ايه بنت, هي شتيمة مثلا؟ و طبعا سيكون الرد "لأ إحنا عاوزين نحافظ عليها", و كأن المرأة شخص فاقد الأهلية غير مسئول و غير قادر على تحمل نتائج تصرفاته و بالتالي ليس من حقه اتخاذ قرار حتى فيما يحب أن يلبس و كيف يحب أن يتعامل مع الآخرين

حسنا قلتم – ظلما و بهتانا – لن ينصلح حال الشباب إلا إذا احتشمت البنات و ارتدين الحجاب, الآن أغلب المصريات محجبات , يكفيك نظرة واحدة في أي شارع لترى العدد الهائل من الرؤوس المغطاة و أحيانا كثيرة الأجسام المغطاة بالكامل (بالنقاب) و مع ذلك و على غير المفروض, ساءت أخلاق الشباب حتى أصبحوا ذئابا يخططون و يتربصون ثم يهجمون دون مراعاة لأي اعتبارات دينية أو أخلاقية أو مجتمعية

أباء هؤلاء الشباب هم من بين الذين كانوا يقومون للنساء ليجلسوا مكانهم في المواصلات و الأماكن العامة , هم من يسارعون بفتح الباب لأي سيدة يعرفونها أو لا يعرفونها فقط لمجرد أنها سيدة, هم من كانوا يحترمون المرأة أحتراما يصل أحيانا لدرجة التقديس

و اليوم أبنائهم هم من يبحثون عن النساء في المواصلات و الأماكن العامة ليلصقوا أجسادهم بهن بحثا عن النشوة الواهية, و هم من يعاكسون الفتيات بالشوارع سواء بالألفاظ النابية أو اللمس أحيانا كثيرة, و مع الأسف الشديد هم أيضا من خطط و دبر و نفذ لحادثة وسط البلد في عيد الفطر الأسود

الآن و الآن فقط علينا أن نعترف بأن السيد مجتمع الذي نعيش في ظله منذ سنوات طوال هو مجتمع مريض مريض مريض و يجب أن يعالج قبل فوات الأوان

كفانا صمت , فالصمت هو أول طريق العجز, و العجز لن يؤدي إلا إلى الموت

للمزيد من التفاصيل أدخل مدونة مالك

Posted by Picasa