Tuesday, February 22, 2022

What Is after Inaugurating the Ethiopian Dam?


After almost two decades of political exchange that ranged from negotiation to intimidation, the Grand Ethiopian Renaissance Dam (GERD) has become a reality that downstream countries, on the Nile River, have to accept and deal with.

On the morning of February 20th, the Ethiopian Prime Minister, Abiy Ahmed, officially inaugurated the electricity production operations of the GERD. That is despite the Egyptian and Sudanese appeals to convene a binding agreement with Ethiopia, that preserves their fair share in the Nile River against any potential abuse by the current or future Ethiopian governments to the GERD. However, for more than ten years, Ethiopia has been avoiding signing any agreements with Egypt and Sudan out of a local nationalist propaganda that falsely claims that Ethiopia owns the water of the Nile River, because it springs in its soil, and thus should sell the water to downstream countries.  

According to Ethiopian media, the initial electric output of each turbine in the dam will range between 300 to 375 megawatts. When the construction of the dam is completed, the electricity production will exceed five-thousand megawatts per year. Electricity production is the main stimulus behind building the GERD, from the very beginning. More than 60% of the Ethiopian cities is suffering from the lack of electricity or an alternative resource of energy; which is a huge problem that does not only affect the quality of life for citizens, but also limits the economic potential of Ethiopia. 

However, the Ethiopian government is committing a grieve mistake by not caring to preserve the rights of Egypt and Sudan, as the downstream countries on the same river. Since the 1970s, Ethiopia has always dreamt about building a huge dam on the Blue Nile, but it dreaded a military reaction from Egypt. In April 2011, Ethiopia started to take serious steps towards building the GERD project, which was officially launched in 2010. Since then, negotiations have been going back and forth between Ethiopia, Sudan, and Egypt about the provisions of building the GERD. In 2015, the three countries signed a declaration of principles as a first step towards solving the dispute. Yet, unfortunately, the Ethiopian government of Abiy Ahmed has not given a weight to this declaration and proceeded with building the dam without proper consultation with downstream countries. 

In an official press statement, that appeared too delicate for many Egyptians, the Egyptian Ministry of Foreign Affairs accused Ethiopia of breaching the aforementioned declaration of principles by unilaterally initiating the GERD energy operations, on the 20th of February, after unilaterally completing the first and second stages of filling the dam. The statement did not mention how Egypt is expected to react to Ethiopia’s stubbornness. For Egypt, the issue is more complicated than water security or enjoying a natural resource of clean water for drinking and agriculture. For Egyptians, the Nile River is the symbol around which the entire social and cultural identity is based. 

In that sense, some voices are calling for military action to deter Ethiopia from proceeding with the remaining stages of completing the building and filling of the dam. In fact, these voices have been very loud since the beginning of 2021, when the Egyptian President signaled a clear warning to Ethiopia that “if negotiations fail, all other options are open for Egypt to take, including options that may threaten the security and stability of the region.” 

Around that time, in March 2021, Egypt signed a military cooperation agreement with Sudan that allows the two countries to join forces in face of regional threats. In the following months, Egypt and Sudan conducted a number of joint military exercises at Merwoe military base, in southern Sudan, quite close to Ethiopia’s GERD. Meanwhile, Egypt signed other military cooperation agreements with Uganda, Kenya, and Burundi, which are believed to be put into action if Egypt decides to go to war with Ethiopia.

Should an armed conflict between Egypt and Ethiopia erupts, it will paralyze the international trade flow via the Red Sea, and thus harm the political and economic interests of Europe and the Middle East. Despite that, the international community and regional powers are watching from distance, without any intention to intervene to solve the crisis from escalating into a violent conflict. Ironically, the Ethiopian Prime Minister, Abiy Ahmed, launched the electricity operations of the GERD a few hours after returning from Brussels where he participated with the Egyptian President El-Sisi in the sixth African Union – European Union Summit. 

Therefore, Egypt, the country expected to be most affected by the operation of the GERD, should spend some time revising the points of weakness in its regional policies and alliances, in order to prepare for handling the future political and economic consequences of this whopping diplomatic disappointment.


ماذا بعد تدشين سد النهضة الأثيوبي؟


بعد ما يقرب من عقدين من التبادل السياسي الذي تراوح بين التفاوض الدبلوماسي والتلويح بالتهديد العسكري، أصبح سد النهضة الأثيوبي حقيقة يتعين على دول المصب، الواقعة على نهر النيل، قبولها والتعامل معها والاستعداد لعواقبها.

في صباح يوم ٢٠ فبراير، دشن رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، رسمياً، عمليات إنتاج الكهرباء من توربينات سد النهضة، غير عابئاً بالمناشدات المصرية والسودانية لعقد اتفاقية ملزمة مع إثيوبيا، تحافظ على حصتهما العادلة في مياه نهر النيل ضد أي استغلال محتمل من قبل الحكومات الإثيوبية الحالية أو المستقبلية بشأن إدارة وتشغيل سد النهضة. فقد دأبت الحكومة الأثيوبية، طيلة سنوات، على المراوغة باستخدام شعارات دبلوماسية من أجل تحاشي توقيع أي اتفاقيات ملزمة مع مصر والسودان، بينما في الداخل كانت تروج لخطاب قومجي يدعي زوراً أن مياه نهر النيل هي ملك حصري لإثيوبيا، لأن النيل ينبع في أراضيها، وبالتالي من حقها حبس المياه ثم بيعها مقابل المال لدول المصب أو غيرها من الدول الأفريقية المجاورة. 

وفقاً لما نشرته وسائل إعلام إثيوبية، سيتراوح الإنتاج الكهربائي الأولي لكل توربين في السد بين ثلاثمائة و٣٧٥ ميجاوات. من ثم، فإن عند الانتهاء من بناء السد وملأه بالكامل، من المتوقع أن يتجاوز انتاج الكهرباء خمسة آلاف ميجاوات سنوياً. هذه أخبار جيدة للشعب الأثيوبي بكل تأكيد، لأنها تعني انتهاء معاناة المواطنين في المناطق المحرومة من الكهرباء أو مصادر طاقة بديلة، والتي تبلغ نسبتها ٦٠٪ من مساحة أثيوبيا، كما سيعزز أيضاً من الإمكانيات الاقتصادية للدولة الأثيوبية. لقد كان إنتاج الكهرباء هو الحافز الرئيسي وراء فكرة بناء سد النهضة منذ البداية. لكن يشترط لتحقيق ذلك، أن تقوم الدولة الأثيوبية بإنشاء بنية تحتية مناسبة يمكن من خلالها نقل الكهرباء التي سينتجها السد إلى الولايات المترامية، وأيضاً إلى البلدان المجاورة التي قد ترغب في استيراد فائض الكهرباء من أثيوبيا، وهو الأمر الذي تتعاون فيه بعض الدول الآن بالفعل مع الحكومة الأثيوبية على تنفيذه، إما بالتمويل أو بنقل الخبرة، ومنهم دول عربية مع الأسف سبق ودعمت حكومة أبي أحمد مالياً وعسكرياً في مواجهة اقليم تيجراي، العام الماضي.

لكن في المقابل، على المستوى الإقليمي، فإن الحكومة الإثيوبية ترتكب خطأ فادح بعدم حرصها على الحفاظ على حقوق مصر والسودان، باعتبارهما دولتي المصب وشريكتان أساسيتان في نفس النهر. منذ سبعينيات القرن الماضي، لطالما حلمت إثيوبيا ببناء سد ضخم على النيل الأزرق، لكنها كانت تخشى رد فعل عسكري من مصر. لكن، في أبريل ٢٠١١، بدأت إثيوبيا في اتخاذ خطوات جادة نحو بناء مشروع سد النهضة، الذي تم تدشين العمل فيه رسميًا في عام ٢٠١٠. ومنذ ذلك الحين، بدأت المفاوضات بين إثيوبيا والسودان ومصر حول شروط بناء سد النهضة، وبنود تشغيله. في عام ٢٠١٥، وقعت الدول الثلاث اتفاق مبادئ كخطوة أولى نحو حل النزاع. لكن مع الأسف، لم تعط حكومة أبي أحمد الإثيوبية وزنًا لهذا الاتفاق وشرعت في بناء السد دون التشاور بالشكل المناسب مع دول المصب.

في رد الفعل الوحيد الذي صدر من الدولة المصرية حتى الآن بشأن إطلاق أعمال السد، نشرت وزارة الخارجية المصرية، في بيان صحفي على صفحتها في فيسبوك، تسلط فيه الضور على خرق إثيوبيا لاتفاق المبادئ المشار إليه، وقيامها بشكل أحادي بتدشين عمليات السد، كما سبق وفعلت بشأن مراحل ملأ السد الأولى والثانية. ولم يذكر البيان بشكل واضح كيف سيكون التحرك القادم من مصر تجاه تعنت إثيوبيا واستمرارها في الإضرار بمصالح دول المصب، لا سيما أنه بالنسبة لمصر، القضية أكثر تعقيدًا من الأمن المائي أو التمتع بمورد طبيعي من المياه النظيفة للشرب والزراعة. بالنسبة للمصريين، نهر النيل هو الرمز الذي تقوم حوله الهوية الاجتماعية والثقافية بأكملها.

يتحدث البعض عن الاستمرار في البحث عن حلول دبلوماسية باللجوء إلى الاتحاد الأفريقي أو الأمم المتحدة للتدخل من أجل رفع الضرر وإجبار إثيوبيا على توقيع اتفاق ملزم، لكن هذا المسار ذاته تتبعه مصر منذ أعوام، ولم يؤتي ثماره، بل استغلته أثيوبيا في تسويف المفاوضات وتضييع الوقت على مصر حتى تمكنت من الوصول بمشروع السد إلى نقطة لم يعد ممكناً عندها العودة للوراء. 

من هذا المنطلق، تطالب بعض الأصوات باتخاذ مصر لإجراءات عسكرية تستطيع من خلالها ردع إثيوبيا عن المضي في المراحل المتبقية من استكمال بناء السد وملأه، دون توقيع اتفاق ملزم مع مصر والسودان يضمن حقوقهما. على الرغم من تطرف هذا الطرح، إلا أن عدد الأصوات المطالبة بخيار الحرب يتزايد منذ بداية عام ٢٠٢١، لا سيما بعد تصريح إعلامي قاله الرئيس السيسي، في منتصف مارس ٢٠٢١، يحمل تحذيرًا واضحًا لإثيوبيا مفاده أنه إذا فشلت المفاوضات، فإن النزاع قد يتم تصعيده بشكل قد يضر باستقرار المنطقة كلها، وأكد الرئيس المصري أن جميع الخيارات مفتوحة أمام مصر لاتخاذ ما تراه مناسباً للتعامل مع التعنت الأثيوبي. 

في ذلك الوقت أيضاً، مارس ٢٠٢١، وقّعت مصر اتفاقية تعاون عسكري مع السودان تسمح للبلدين بتوحيد قواهما في مواجهة التهديدات الإقليمية. في الأشهر التالية، أجرت مصر والسودان عددًا من التدريبات العسكرية المشتركة في قاعدة مروي العسكرية، في جنوب السودان، بالقرب من سد إثيوبيا. في غضون ذلك، وقّعت مصر اتفاقيات تعاون عسكري أخرى مع أوغندا وكينيا وبوروندي، والتي يعتقد أنه سيتم تفعيلها إذا قررت مصر شن حرب على إثيوبيا، وهو ما سيكون أمراً كارثياً ليس فقط بالنسبة لكل الدول في الشرق الأفريقي، ولكن سيكون له تأثير كبير على الأمن والسلم العالمي. 

في حالة اندلاع نزاع مسلح بين مصر وإثيوبيا، فإنه حتماً سيترتب على ذلك شل حركة التجارة الدولية عبر البحر الأحمر، وبالتالي الإضرار بالمصالح السياسية والاقتصادية بين أوروبا وأسيا ومنطقة الشرق الأوسط. على الرغم من ذلك، فإن المجتمع الدولي والقوى الإقليمية تراقب عن بعد دون أي نية للتدخل لحل الأزمة ومنع تصعيدها إلى صراع عنيف، ولعله من المفارقات المحزنة، في هذا الخصوص، أن رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، قد أقام حفل تدشين عمليات توليد الكهرباء من السد بعد ساعات قليلة من عودته من بروكسل حيث شارك في القمة السادسة للاتحاد الأفريقي - الاتحاد الأوروبي، التي شارك فيها الرئيس السيسي أيضاً وكل زعماء الدول الأفريقية المعنية بأمر الأزمة. 

لذلك، ينبغي على مصر، التي يُتوقع أن تكون الأكثر تضرراً من تشغيل سد النهضة، أن تمضي بعض الوقت في مراجعة نقاط الضعف في سياساتها الخارجية وتحالفاتها الإقليمية، من أجل الاستعداد للتعامل مع التداعيات السياسية والاقتصادية المستقبلية لخيبة الأمل الدبلوماسية الكبيرة التي نواجهها الآن مع استمرار إثيوبيا دون ضابط أو رادع في مشروع سد النهضة. 


Monday, February 21, 2022

Libya: The Question of Legitimacy


After a year of optimistically talking social development, political consensus, and military unification, Libya is back to drowning into the muddy waters of uncertainty. The political elite on both sides of the conflict are cooperating for the first time, not with the purpose to end the misery of the Libyan people, but to break down the current interim Government of National Unity (GNU) and thus halt the entire political solution process, so they can remain powerful for as long as they can. 

On the morning of February 10th, a few hours after GNU Prime Minister, Abdul Hamid Dbeibeh, survived an assassination attempt, the Libyan parliament announced the installation of a new interim government, to be headed by Fathi Bashagha, who had served as a Minister of Interior in the former interim Government of National Accord (GNA). However, Abdul Hamid Dbeibeh insisted on holding on to his position until the political solution process is accomplished by holding the presidential and parliamentary elections in June. 

Dbeibeh, also, attacked the parliament for solely making the decision to dissolve the GNU, without a public referendum or even consulting with the United Nations mission and the Libyan Political Dialogue Forum (LPDF). In fact, the parliament’s uninvited and unwelcome decision dropped as a surprise to almost all concerned parties, on the local, regional, and international levels. The GNU’s term of eighteen months has not ended, yet, and the country is already preparing for a presidential and parliamentary elections in June, in compliance with the political solution process, which was endorsed by the 75 members of the LPDF under the UN supervision, in late 2020.

The parliament speaker, Aguila Saleh, justified the decision by holding Dbeibeh, exclusively, guilty for the country’s failure to hold public elections in December. That is despite the fact that, all the active players inside Libya, including the parliament itself, participated in making the decision of postponing the elections under the claim of “force majeure.” Even more, Aguila Saleh claimed that Dbeibeh lost his legitimacy by running for president, in the postponed elections. However, in fact, Dbeibeh was not the only state official, on duty, to run in these elections. Fathi Bashagah, and Aguila Saleh himself, are competing over the presidential seat, too. 


In addition, the biases of Aguila Saleh and a large number of the members of parliament, which is based in Tobruk, should make us question the true intentions behind such a decision. Aguila Saleh is a strong supporter of warlord Khalifa Haftar, who leads the Libyan National Army (LNA) forces in the eastern territories of Libya. He has always been using his power, as the parliament speaker, to push the parliament to make decisions that enhances Haftar’s escalation against the legitimate governments in Tripoli. He even endorsed Haftar’s attempts to raid on Tripoli by force, in 2019, until the Turkish military intervened on the side of GNA to deter him away. 

When the GNU took power, via the LPDF, in March 2021, Haftar and Saleh congratulated the move; especially Haftar who had high hopes to be appointed as Minister of Defense in the GNU, and then as a president of state later. Wisely, the GNU Prime Minister, Dbeibeh, decided to keep the seat of the defense minister empty until the Military Committee (5+5) comes to an agreement about unifying the armed forces in Tripoli and Benghazi under one national flag. 

To avenge, Haftar and his ally Saleh started to level economic and security pressures on Dbeibeh and the GNU to make them appear as a failure government in the eyes of the Libyan people and the international community. For example, the parliament has been declining to approve the government budget, since last June, and Haftar launched more than one military action in the south, including closing Libyan borders with Algeria, against the will of the legitimate government and the Presidential Council in Tripoli. Despite that, Dbeibeh was able to navigate through all the hardships thrown on his way by the eastern rivals and bring the country to a state of relative stability, that allowed organizing for holding elections in December. However, only three days before the voting is due, the High National Elections Commission (HNEC), announced its inability to proceed with holding the elections due to a persistent state of “force majeure.”

On the morning of the same day when the decision was made to postpone the elections, Fathi Bashagha and Ahmed Maiteeq, two officials from the former GNA, visited Benghazi and held reconciliation meetings with Haftar and Saleh. It was surprising to see them together, at that particular day because, for years, the animosity between the GNA officials and eastern politicians had been very intense; it was not only limited to political rivalry but also reached the verge of a violent civil war. Apparently, in this particular meeting some deal was made between Bashagha and Haftar to ouster Dbeibeh and seize Tripoli through a game of political manipulation by the parliament. 

That is exactly what manifested one month later in the form of a flawed decision by Aguila Saleh’s parliament to dissolve the GNU and put Bashagha in the Prime Minister’s seat. Both Bashagha and Haftar has an interest of pushing Dbeibeh out of the political scene, as his popularity among the public has been increasing to a level that threatens their power. His potential to win the postponed presidential elections was very high, compared to Haftar, Bashagha, Saleh, or any other members of the political elite, either from the east or the west. In a local television interview, two days after the parliamentary decision, Dbeibeh said that Aguila Saleh sent him an indirect message that “if he wants to remain in power for another year or so, he should withdraw from running in the presidential elections,” but he refused.

All these facts should put the legitimacy of the decisions of the parliament in question. In fact, the legitimacy of the parliament itself as a representative to the will of the Libyan people is also in question. This is an expired parliament, that should have been re-elected, since eight years ago. In other words, Aguila Saleh’s parliament in Tobruk does not represent the Libyan people, and thus is not a legitimate body, and should be regarded as such by the United Nations and the interested members of the international community, when dealing with the Libyan crisis. 

Unfortunately, the shrinking interest of the international community, which is currently hyper-focused on the Russia-Ukraine tensions, as well as the shuffling regional order and power alliances of the Middle East, are further complicating Libya’s political crisis. However, on the bright side, Turkey and Egypt, the most important regional actors with direct involvement in and influence on Libya, are for the first time adopting a similar position regarding the current political crisis. In two separate statements, the Egyptian and the Turkish presidents reiterated their support to the continuity of the political solution process and holding the election, rather than encouraging a third interim government to take over. Meanwhile, the United Arab Emirates (UAE) has quit supporting Haftar, as part of its efforts to fix strained ties with Turkey.

At the end, it is hard to predict what could happen with Libya, next. The two sides of conflict are miraculously joining forces against the UN-backed political solution process, at a time when the regional and international backers of the contending parties are busy with other urgent issues. Yet, let’s be hopeful that the current political clash may give a finite answer to the question of political legitimacy, that has been dragging Libya since the fall of Gaddafi.


ليبيا.. سؤال الشرعية الصعب


بعد عام من الحديث المتفائل عن التنمية الاجتماعية والتوافق السياسي والتوحد العسكري، عادت ليبيا إلى الغرق في وحل الخوف من المستقبل، حيث قررت النخبة السياسية على وجهتي الصراع، تنحية خلافاتهم والتعاون للمرة الأولى، ليس بغرض إنهاء البؤس الذي يعيشه الشعب الليبي منذ سنوات، ولكن بهدف تفكيك حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، وبالتالي تعطيل عملية الحل السياسي بأكملها، حتى يتمكنوا من الاحتفاظ بما لديهم من سلطات سياسية لأطول فترة ممكنة.

في صباح العاشر من فبراير، بعد ساعات قليلة من نجاة رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، من محاولة اغتيال، أعلن البرلمان الليبي عن تشكيل حكومة مؤقتة جديدة، برئاسة فتحي باشاغا، الذي كان يشغل منصب وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني المؤقتة السابقة. لكن عبد الحميد الدبيبة أصر على التمسك بمنصبه حتى استكمال عملية الحل السياسي من خلال إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في يونيو. كما هاجم الدبيبة البرلمان لاتخاذه قرار بحل حكومة الوحدة الوطنية، دون استفتاء عام أو حتى التشاور مع بعثة الأمم المتحدة ومنتدى الحوار السياسي الليبي، اللذين عينا هذه الحكومة في الأصل. 

في الحقيقة، لقد كان قرار البرلمان مفاجئًا لجميع الأطراف المعنية، محليًا وإقليميًا ودوليًا، ولم يوجد سبب حقيقي أو ضاغط يستدعي اتخاذه، بينما لم تنته بعد الفترة المقررة لعمل حكومة الوحدة الوطنية، وهي ثمانية عشر شهرًا منذ بدء عملها في مارس الماضي، كما أن البلاد تتجهز بالفعل لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في يونيو، امتثالًا لخارطة الطريق وعملية الحل السياسي التي أقرها ٧٥ عضوًا في منتدى الحوار السياسي، تحت إشراف الأمم المتحدة، في أواخر عام ٢٠٢٠. 

برر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح القرار بأن حمّل الدبيبة، حصرياً، ذنب فشل البلاد في إجراء الانتخابات العامة في ديسمبر، كما كان مقرر لها. ذلك على الرغم من مشاركة جميع الأطراف الفاعلة داخل ليبيا، بما في ذلك البرلمان أيضاً، في اتخاذ قرار تأجيل الانتخابات بسبب ما أطلقوا عليه وقتها "الظروف القاهرة". بل أكثر من ذلك، زعم عقيلة صالح أن الدبيبة فقد شرعيته عندما قرر الترشح للرئاسة في الانتخابات المؤجلة. لكن، في الواقع، لم يكن الدبيبة هو المسؤول السياسي الوحيد الذي قرر خوض الانتخابات بينما لا يزال في منصبه، بل إن فتحي باشاغا، وعقيلة صالح نفسه، قد رشحوا أنفسهم أيضاً للتنافس على المقعد الرئاسي في نفس الانتخابات.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تحيزات عقيلة صالح وعدد كبير من أعضاء البرلمان، الذي يعمل من طبرق، يجب أن تجعلنا نتشكك في إخلاص نواياهم بشأن هذا القرار. عقيلة صالح من أشد الداعمين للواء خليفة حفتر، الذي يقود قوات الجيش الوطني الليبي ويسيطر على المناطق الشرقية من ليبيا. لطالما استخدم صالح سلطته لدفع البرلمان الذي يترأسه لاتخاذ قرارات تعزز مواقف حفتر المناهضة والمعرقلة لعمل الحكومات الشرعية المتتابعة في طرابلس. حتى أنه أيد محاولات حفتر للإغارة على طرابلس بالقوة، في عام ٢٠١٩، والتي فشلت بسبب تدخل الجيش التركي إلى جانب حكومة الوفاق الوطني، آنذاك، لحماية طرابلس. 

عندما تولت حكومة الوحدة الوطنية السلطة، عبر تصويت منتدى الحوار السياسي، في مارس ٢٠٢١، كان حفتر وصالح وغيرهم من الوجوه الشهيرة في النخبة السياسية أول المباركين؛ خاصةً حفتر الذي كان لديه آمال كبيرة في أن يتم تعيينه وزيراً للدفاع في حكومة الوحدة الوطنية، ثم كرئيس للدولة فيما بعد. لكن، بقدر من الحكمة، قرر الدبيبة، رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية، إبقاء مقعد وزير الدفاع فارغًا إلى حين تتوصل اللجنة العسكرية (٥+٥) إلى اتفاق حول توحيد القوات المسلحة في طرابلس وبنغازي تحت علم وطني واحد، وهو ما لم يحدث حتى هذه اللحظة بسبب عدم تعاون حفتر.

من ثم، بدأ حفتر وحليفه عقيلة صالح، من باب الثأر لما تعرضوا له من خيبة أمل على يد الدبيبة، في ممارسة الضغوط الاقتصادية والأمنية على حكومة الوحدة الوطنية لجعلها تبدو كحكومة فاشلة في نظر الشعب الليبي والمجتمع الدولي. على سبيل المثال، تعمد البرلمان تعطيل التصديق على ميزانية الحكومة المستحق صرفها منذ يوليو الماضي، وشن حفتر أكثر من عمل عسكري فردي في الجنوب، بما في ذلك إغلاق الحدود الليبية مع الجزائر، دون تنسيق مع القوات المسلحة في طرابلس، وضد إرادة الحكومة الشرعية والمجلس الرئاسي. على الرغم من ذلك، استطاع الدبيبة اجتياز كل المصاعب التي واجهها على يد خصومه، وأوصل البلاد إلى حالة من الاستقرار النسبي سمحت بالبدء في تنظيم إجراء الانتخابات العامة في موعدها المقرر في ديسمبر، لولا أنه، قبل ثلاثة أيام فقط من موعد التصويت، أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عن عدم قدرتها على المضي قدمًا في إجراء الانتخابات بسبب استمرار "الظروف القاهرة"، دون أن تحدد بالضبط ما هي هذه الظروف. 

في صباح نفس اليوم الذي تم فيه اتخاذ قرار تأجيل الانتخابات، قام فتحي باشاغا وأحمد معيتيق، وهما مسؤولان سابقان في حكومة الوفاق الوطني، بزيارة بنغازي وعقدا لقاءات مصالحة مع خليفة حفتر وعقيلة صالح. كان من المدهش أن نراهم معًا، في ذلك اليوم بالذات، لأن العداء بين مسؤولي حكومة الوفاق الوطني والسياسيين في المناطق الشرقية كان قوياً جداً وطويلاً جداً؛ إذ لم يقتصر الأمر على التنافس السياسي فحسب، بل وصل أيضًا إلى حرب أهلية عنيفة. على ما يبدو، في هذا الاجتماع بالذات، تم عقد صفقة بين باشاغا وحفتر للإطاحة بالدبيبة والاستيلاء على طرابلس من خلال لعبة سياسية يتولى البرلمان تنفيذها. 

هذا بالضبط ما تجلى بعد شهر واحد من هذا اللقاء في صورة قرار مفاجئ اتخذه برلمان عقيلة صالح بحل حكومة الوحدة الوطنية ووضع باشاغا في مقعد رئيس الوزراء. جدير بالذكر أن كل من باشاغا وحفتر وصالح لهم مصلحة شخصية مباشرة في إخراج الدبيبة من المشهد السياسي، حيث أن شعبيته بين الجمهور قد تزايدت في الفترة الأخيرة بشكل يهدد سلطتهم ويقلص فرصهم في الفوز في أي انتخابات رئاسية نزيهة في مواجهته. لقد كانت احتمالية فوز الدبيبة في الانتخابات الرئاسية المؤجلة عالية جدًا، مقارنة بحفتر أو باشاغا أو صالح أو أي أسم آخر من النخبة السياسية، سواء في الشرق أو الغرب. في مقابلة على إحدى القنوات التليفزيونية المحلية، بعد يومين من القرار البرلماني المعيب، قال الدبيبة إن عقيلة صالح بعث إليه برسالة غير مباشرة مفادها أنه "إذا أراد البقاء في السلطة لمدة عام آخر أو نحو ذلك، فعليه الانسحاب من الترشح في الانتخابات الرئاسية"، لكنه رفض هذه المساومة.

كل هذه الحقائق يجب أن تضع شرعية قرارات البرلمان موضع تساؤل وتشكيك. في الحقيقة، إن شرعية البرلمان نفسه كممثل لإرادة الشعب الليبي هي أيضًا موضع تساؤل وتشكيك. هذا برلمان منتهي الصلاحية، وكان ينبغي إعادة انتخابه منذ ثماني سنوات، لكن لم يحدث ذلك بسبب ظروف الحرب الأهلية. بعبارة أخرى، برلمان عقيلة صالح في طبرق لا يمثل الشعب الليبي، وبالتالي فهو ليس هيئة ذو شرعية تفوق شرعية كل الأطراف الأخرى، لا سيما الحكومة المؤقتة، وينبغي أن تدرك الأمم المتحدة والأطراف المعنية في المجتمع الدولي هذه الحقيقة والتعامل مع البرلمان على هذا الأساس، في إطار محاولاتهم لحل الأزمة الليبية. 

مع الأسف، فإن اهتمام المجتمع الدولي تجاه ليبيا قد بدء يتضاءل بشكل ملحوظ، ربما بسبب التركيز الكبير على التوترات المتصاعدة على الحدود بين روسيا وأوكرانيا. كما أن التقلبات الإقليمية الأخيرة والتغيرات الحادثة في تحالفات القوى في الشرق الأوسط تزيد من تعقيد الأزمة السياسية في ليبيا. لكن ربما الجانب المشرق في كل ذلك، هو أن تركيا ومصر، وهما الفاعلين الإقليميين أصحاب الأثر المباشر على ما يجري داخل ليبيا، يتبنيان لأول مرة موقفًا متماثلاً بشأن الأزمة الحالية؛ فقد عبر كل من الرئيسين المصري والتركي، في تصريحات منفصلة، عن دعمهما لاستمرار عملية الحل السياسي وإجراء الانتخابات، بدلاً من تشجيع أي منهما قرار البرلمان بتولي حكومة مؤقتة جديدة. بالتوازي مع ذلك، توقفت أبو ظبي عن دعم خليفة حفتر، في إطار جهودها الأخيرة لاسترضاء تركيا وإصلاح العلاقات معها. 

في النهاية، من الصعب التكهن بما يمكن أن يحدث مع ليبيا في المرحلة المقبلة، لا سيما في ظل اتحاد طرفي الصراع القديم بهذا الشكل العجيب ضد الحكومة الشرعية وعملية الحل السياسي التي تدعمها الأمم المتحدة، في وقت ينشغل فيه الفاعلون الإقليميون والدوليون الداعمون للأطراف المتنازعة داخل ليبيا بقضايا أخرى أكثر إلحاحاً. لكن، في كل الأحوال، لنكن على الأقل متفائلين بأن الاشتباك السياسي الحالي قد يعطي إجابة حاسمة لمسألة الشرعية السياسية التي ظلت تنهك ليبيا منذ سقوط القذافي.


Thursday, February 17, 2022

Turkey-UAE Valentine’s Day; The View from Egypt!


On Valentine’s Day, the United Arab Emirates (UAE) showered the Turkish President Recep Tayyip Erdogan with love, at a festive reception in Abu Dhabi. The Turkish flag was waving in almost all main streets of Abu Dhabi, including on the walls of Khalifa Tower. UAE’s top pop singer recreated Erdogan’s favorite love song and sang it in Turkish, as a gift from the Emirati people to the Turkish people. Amidst this dazzling show of love, a dozen of economic bilateral agreements was signed by senior officials on both sides, to add up to the billions of dollars that UAE generously poured into the struggling Turkish economy, four months ago. 

The people of the Middle East, especially in Egypt and Saudi Arabia where rapprochement with Turkey is developing on a slower but steady pace, were watching the show of UAE wooing Turkey in such an exaggerated manner, with unblinking eyes and dopped jaws. No one could understand the motives behind this dramatic shift from extreme animosity to extreme love, especially from the side of the UAE towards Turkey. 

Only one year ago, the UAE was dealing with Turkey as an existential enemy. The Emirati media used to label the Turkish President as a sponsor of Islamic State (ISIS) terrorists. UAE supported Kurdish groups in northern Syria against Turkey’s interests. Even worse, there were direct conflicts between the UAE and Turkey in Libya. In the Mediterranean’s hot summer of 2020, the UAE sided with Greece against Turkey and sent F-16 fighters to harass the Turks, under the title of running joint military exercises with Greece. 

In an interview with Aljazeera TV, a short while ago, the Turkish Minister of Defense, Hulusi Akar, vowed to punish the leaders of Abu Dhabi for sponsoring warlord Khalifa Haftar against the GNA in Libya, and also for the UAE’s alleged drone attack on the Military Academy in Tripoli that killed tens of unarmed cadets while asleep, in January 2020. Ironically, Hulusi Akar did not join Erdogan on his Valentine’s Day visit to the UAE, as he always used to do on almost all Erdogan’s foreign visits. A COVID-19 infection, that disappeared as soon as Erdogan’s took off to Abu Dhabi, was publicly used to justify the absence of the Turkish Minister of Defense. However, I personally believe that Hulusi Akar decided to keep himself out of this particular political show, out of self-respect and integrity, especially that most of the regional conflicts between Turkey and the UAE has not been resolved yet. 

Nevertheless, a non-biased look at the bigger picture can give us a clue on UAE’s clumsy foreign policy in the region, especially towards the non-Arab countries of the Middle East, namely Israel, Turkey, and Iran. In my opinion, the whole issue boils down to the historical tribal competition between the UAE and its neighbor Qatar. Qatar is rapidly growing as an influential power in the Gulf and the whole Middle East region, in contrast to UAE’s shrinking role in the region, despite its economic successes and continuous outreach to the west.

Qatar is now the representative of the interests of the United States in Afghanistan. Qatar was the only country in the region that was able to intervene in Afghanistan to clean up the mess of the hasty US withdrawal, thanks to its old relations with Taliban. The Qatari Prince Tamim Bin Hamad Al Thani is the only leader of an Arab country to be invited to a meeting with US President Biden, in Washington, since Biden was elected, more than a year ago. In addition, Europe is currently begging Qatar to save it from the ongoing economic crisis resulting from the shortage in Liquified Natural Gas. 

On the regional level, Qatar is the only country in the Gulf region that is immune to the attacks of Houthis militia, that has been targeting Saudi Arabia and UAE for a while, due to Qatar’s strong relations with Iran. Also, Qatar’s relations with the most powerful Arab powers, Egypt and Saudi Arabia, has been steadily improving since the signing of Al-Oula reconciliation agreement in January 2021. Meanwhile, the NATO-skilled Turkish military is training and equipping the Qatari military, that will soon become an advanced military power in the region. 

In contrast, the UAE is rapidly losing most of its cards, because of its clumsy foreign policy that depends on panic reactions to potential national security threats. Allying with Greece against Turkey in the Mediterranean conflict, in 2020, proved to be a waste of time and money. It had not given the UAE the access it desired to Europe, or even an observer status access to the EastMed Gas Organization. Likewise, normalizing ties with Israel, in 2020, with the hope to get the advanced F-35 fighter jets from the United States did not work. Up till this moment, the UAE did not get even a small piece of the ammunitions it was supposed to receive as part of that deal.

And, most recently, following the US withdrawal from Afghanistan, the UAE lost its status as a partner in running the Kabul Airport, which now will be managed by Turkey in close coordination with Qatar. Moreover, the UAE’s National Security Advisor’s attempts to improve relations with the Iranian Mullah regime did not save his country from being attacked by the Iran-backed militia in Yemen, last month. 

The aforementioned developments explain why the UAE decided to rush on fixing strained ties with Turkey, and could well explain the exaggerated show of love that we have seen in Erdogan’s reception in Abu Dhabi, this week.


Monday, February 14, 2022

في الحب.. بعضاً مما تعلمت


هو عيد الحب إذاً! 

كيف لنا أن نختصر الحب في بضع كلمات؟ فعل الكتابة، مهما كانت مرونة اللغة التي نستعين بها للتعبير عنه، أو براعة وبلاغة من ينطق بها، لم ولن يستطيع وصف تلك المشاعر الساحرة، التي تهب الإنسان قدرة خارقة تجعله يخرج من قيود نفسه ليتحد مع نفس أخرى كانت يوماً غريبة عنه. 

الحب معادلة صعبة، أن تمنح جزءاً من وقتك ووجدانك لشخص أخر هو شأن كبير، لا يقدر عليه إلا من أخلص وتدبر. أخلص قلبه لمن يحب، وتدبر وخطط كيف يحافظ على الحب الذي يربطه به ويقويه مع مرور الزمن، فالحب كالورد لو لم يروى يتضاءل مع الوقت حتى يتلاشى. من فعل ذلك، أولئك هم الفائزون المخلدون في جنات النعيم.

أن تحب هو أن تتعرف على روحك، تلمسها، تحاورها، وتحررها. أن تحب هو أن تدرك أن الإنسان في أصله كان مخلوقاً جميلاً صافياً، قبل أن يلوثه الغرض، والغرض مرض. أن تحب، هو أعظم فعل إنساني على الإطلاق، لكنه الفعل الأصعب والأكثر تعقيداً أيضاً، خصوصاً لو كنت تسكن في محيط يعتبر الحب حرام أو عيب، ويلبسه ما ليس فيه أو منه. الحب شعور بالأمان المطلق، حيث لا يوجد أمان، الحب والخوف ضدان لا يمكن لهما أن يجتمعا في نفس القلب. 

لهذا لا تتعجب عندما ترى تجار بقالة في دولة عربية ما يمنعون بيع نوع معين من البسكويت أو الشكولاتة لأنه مكتوب على غلافها عبارات حب. ولا تتعجب كذلك وأنت تتابع الكم المبالغ فيه من الكراهية الذكورية، تجاه الإعلامية الجميلة قلباً وقالباً رضوى الشربيني، فقط لأنها تشجع النساء، لا سيما الفتيات والبنات الصغيرات، على أن يحببن أنفسهن أولاً، قبل أن يقبلن بتقديم الحب لطرف أخر، فتتكون لديهم حصانة ضد الاستغلال والاستعباد باسم الحب، كما جرت العادة في مجتمعنا المتدين بطبعه. 

ولا تندهش عندما يخرجون عليك بفتاوى تحرم الاحتفال بعيد الحب، أو يوم الفلانتين، وتعتبره من الفواحش التي يعاقب عليها الله، بينما هو الذي أوجد هذا الحب في قلوبنا، لتسمو به أرواحنا التي نفخها في هياكلنا الضعيفة كنفحة منه. نحن نقدر على الحب فقط لأن فينا روحاً من الله. الله محبة، ومن لا يدرك ذلك فقد ضل ضلالاً كبيراً. 

على مدار أربعون سنة مرت، هي كل عمري على هذه الأرض، اختبرت في عالم الحب الكثير، صادفت من أحب حباً منزهاً مجرداً بلا غاية ولا سبب، وقد كانوا هم الأكثر سمواً، ولكن أيضاً الأكثر شقاء. رأيت من اتخذ الحب وسيلة لتحقيق غرض أو مصلحة شخصية، وكانوا هم الخاسرون دائماً، حتى لو بدا لهم أنهم كسبوا. ورأيت من ابتلاه الله بقسوة قلب أعجزته عن إعطاء أو استقبال الحب، وهم الصاغرون الضعفاء. ورأيت من اعتبر الحب مجرد مقدمة لإشباع غريزة حيوانية للبقاء واستمرار النوع، وهم المتشبهون بالحيوانات، أجساد بلا روح.

ولأن عيد الفلانتين هو فرصة لنتذكر كم هو رائع أن نحب، هو فرصة أيضاً لنتعلم أن لا نضع مشاعرنا في يد الشخص الخطأ، فكم من الآثام ارتكبت باسم الحب خصوصاً في حق النساء في مجتمعاتنا الشرقية. وهذا بعضاً مما تعلمت: 

لا تسامحي زوج يرى في ضربك أو شتمك أو التنمر بك وسيلة لاستعراض رجولته، أو حبيب يرى في قسوته عليكِ إعلاء لكرامته، أو صديق يرى في تجاهله لك وإذلالك بالصمت أو تكرار اختفائه وظهوره في حياتك وسيلة للتحكم بك والسيطرة على مشاعرك. هؤلاء ليسوا رجال ولا يستحقون جائزة ثمينة مثل قلبك.

لا تقبلي أن تكوني مجرد أداة تسلية وتقضية وقت فراغ في حياة رجل، حتى لو كان هذا الرجل هو مركز الكون بالنسبة لك. لا تعطي من وقتك وقلبك وطاقتك أكثر مما يمنحك هو، لا تعامليه كأولوية لو لم يضعك هو تاجاً على رأسه، وقدم سعادتك على كل شيء آخر، وإياك أن تقبلي أن تكوني رقم ٢ في حياة أي رجل مهما كان حبك له. حبي نفسك، ذلك أهم ألف مرة.

لا تضيعين وقتك بانتظار رجل تعرفين في قرارة نفسك أنه ليس لك، ولن يكون، لا تقبلي من وقته ومشاعره الفتات الذي يرميه لك كلما سمحت ظروفه، وتسمين هذا حب! هذه سذاجة. فالساذج فقط هو من يعرض نفسه للاستغلال من قبل شخص آخر ويستمر في إقناع نفسه أنه سعيد.

لا تستمري في أي علاقة من أي نوع، ولو حتى مجرد صداقة، مع رجل يرى في التلاعب بمشاعر الآخرين هواية، هؤلاء الذين يتمتعون بتطبيق المناورات الرجالية عليك مرضى نفسيين، والبعد عنهم غنيمة. الرجل الحقيقي مباشر في كل شيء، ومباشر في مشاعره أكثر شيء، الحياة قصيرة جداً وجميلة جداً، فلا تضيعي وقتاً طويلاً معه.

لا تقبلي أن يعاملك رجل بجفاء أو عدم اهتمام ويستخسر فيكِ الكلمة الحلوة بحجة إنه رجل و"ما يصحش يقول كلام حب" أو "مش بيعرف يقول كلام حلو"؛ هو ببساطة لا يجدك جديرة بحلو كلامه، هذه هي الحقيقية المرة، لأنه لو كان حقاً لا يحسن صياغة كلامه معك، فهذا معناه أن لديه خلل نفسي وعليه أن يتعالج منه، سلميه لأقرب طبيب قبل أن يتفشى المرض.

لا تسلمي قلبك ومشاعرك لرجل ليس لديه استعداد أن يعتذر لك عندما يخطئ في حقك، وإذا ما واجهتيه بالحقيقة هرب، هذا النوع من الرجال أسمته الكاتبة المبدعة أحلام مستغانمي "الرجل الأرنب" أي أنه الرجل الذي يختبئ ويجري بعيداً عنك كلما واجهته بأي مشكلة، بدلاً من أن يتحدث معك للوصول للحل. ثم يظل في اختفائه هذا شهوراً منتظراً أن تبادري أنت بعدما يهدك الشوق إليه بمصالحته، وكأنك أنت التي ارتكبت الخطأ وليس هو. الرجل الذي يمارس عليك لعبة الصمت والاختفاء، ليس رجل، هو أرنب. "لا تحزني على أرنب فر خارج حياتك. إن رجلا هرب مرة، سيهرب كل مرة من كل امرأة. كوني أول من يهرب من رجل كهذا، حتى لا تمنحيه فرصة هدر وقتك أو إهانتك".

أنتِ ملكة وقلبك هو المعبد الذي يطوف به المريدين، فلا تمنحيه إلا لعابد زاهد مخلص أظهر كل آيات الحب.


Friday, February 11, 2022

Courting Jews; the Latest Trend in Arab Politics


We, in the Middle East, are witnessing a historical momentum in the relationship between the Arabs and the Jews, in various fields of politics, security, geo-economics, and most importantly social connections. However, the euphoria created by the vibes of human love replacing decades of politically-motivated hatred, should not stop us from taking a deep dive into the actual reasons behind this massive change in attitude and mentality among the Arab elite and public, with the purpose to ensure its expansion across geographies and sustainability over time.

On January 20th, Egypt actively participated in the United Nations’ General Assembly sessions that led to the adoption of a resolution that condemns the practices of denial and distortion of the Holocaust, including on the internet social platforms. On behalf of the Arab Group, the Egyptian Ambassador conveyed the Arab consensus on the resolution, condemning the Holocaust as a crime of genocide, and stating that the “memory of such a black hole in history must be kept alive in the global consciousness so that it is never repeated.”

A few days later, official events marking the International Holocaust Remembrance Day were held in the most vibrant Arab capital cities of Cairo and Abu Dhabi. In Abu Dhabi, ministers and state officials participated in organizing and speaking at the event. In Cairo, the event was organized by the US Embassy and the Washington-based US Holocaust Memorial Museum, in a luxurious hotel at the banks of the Nile River. 

Even more, in the latest round of the World Youth Forum, in January, a number of Israeli youths were invited. In early 2021, the Egyptian Ministry of Education approved a new school curriculum for primary and preparatory students, that explores the religious texts and common values of the three Abrahamic religions; Judaism, Christianity, and Islam. The Jewish religious texts have not been taught in Egyptian schools, since the era of President Gamal Abdel Nasser who practiced an explicit ethnic discrimination against the Egyptian Jews. 

Above all that, during the past two years, the Egyptian government renovated monumental worship houses from the Jewish, Christian, and Islamic eras, including the renovation of the 14th century Eliyahu Hanavi Synagogue in Alexandria. Under Mubarak and the Muslim Brotherhood rule, synagogues used to be regularly targeted by terrorist attacks motivated by extremist religious and political rhetoric. 

Such official actions and cordial attitudes, and the factors resulting from and leading to them, are firsts in the Middle East region. In the recent past, thinking of holding a Holocaust remembrance event in Cairo, was a dream, due to the huge challenge posed by the widely spread culture of anti-Semitism and holocaust denial. 

Despite the forty-plus years old peace treaty between Egypt and Israel and the huge efforts exerted by the current political leaderships of both countries to create balanced relations as neighbors, there still some media outlets and politicians, especially from the defunct leftist / Nasserist movement, who take pride in voicing hate against Israel. Needless to mention, the wide range of political Islamist rhetoric and even non-politicized religious rhetoric that labels the Jews as existential enemies to the Muslims. However, the good news is that the change on the level of the political leadership is adequately echoed in Arab public attitudes towards Israel, but with variant degrees depending on regional geopolitical and geo-economic developments and their consequences on each country. 

A survey by the Washington Institute for Near East Policy, conducted in November 2020, showed that 25% of the Egyptian public supported normalizing ties with Israel. At that time, the ink of signing the Abraham Accords between Israel and the United Arab Emirates (UAE) was still wet. Egyptians, apparently motivated by jealousy, thought they need to be more proactive in warming ties with Israel, given the fact that Egypt was the first Arab country to sign a peace treaty with Israel, four decades before the Abraham Accords exist.

Nevertheless, the latest round of Gaza war, in May 2021, led to a sharp decline in Egyptians’ support to normalizing ties with Israel, to stop at 12%, in similar survey conducted in November 2021. Ironically, this particular episode of war between Israel and Hamas enhanced cooperation and understanding on the level of political and intelligence leaderships of Egypt and Israel, especially after the crucial role that Egypt played in controlling the scene and applying ceasefire. Meanwhile, around a quarter of Egyptians, in the 2021 survey, applauded the economic cooperation between Egypt and Israel, especially after Netanyahu left the Prime Minister’s position. 

One main factor for the increasing show of love among Arabs towards Israel, is the fact that most the countries of the Middle East agree that Iran, and its widely-spread militia and proxies, are the biggest threat to national and regional security. In addition, the new geopolitical reality of the region, which has been polarizing since the eruption of the Arab Spring revolutions, a decade ago, and reached a peak point by the US withdrawal from Afghanistan, last year, pushed the Israel-Palestinian conflict to the back burner. Meanwhile, it made security and economic cooperation with Israel a necessity to keep the Middle East region in balance.

In conclusion, the growing trend of Arab peace with Israel is not the hard-to-reach dream of the region, anymore. It has become the only option available for preserving regional security and stability, in face of the threats arising at the eastern gates of the region, from Iran, Taliban, and the Islamic State (ISIS) terrorists. To guarantee the sustainable growth of the peace trend, efforts should be exerted on a level deeper than the surface of state-to-state relations. Reaching the core of people-to people relations between Arabs and Jews remains a big challenge, despite the Abraham Accords and the dazzling series of governmental activities reflecting official acceptance of Israel and the Jews. In this regard, popular acceptance and culture change is what truly matters. 


مغازلة اليهود.. أحدث التوجهات السياسية بين العرب



لا شك في أننا نشهد لحظة تاريخية في تطور العلاقة بين العرب واليهود، في مختلف النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية، وحتى على مستوى الروابط الاجتماعية بين الأفراد والشعوب داخل منطقة الشرق الأوسط. إلا أن حالة النشوة التي خلفتها طاقة التقارب الإنساني التي حلت محل عقود من الكراهية القائمة على دوافع سياسية، لا ينبغي أن تمنعنا من التعمق في الأسباب الحقيقية وراء هذا التغيير الهائل في موقف العرب من اليهود، سواء على مستوى النخبة أو حتى على مستوى الجمهور، بهدف ضمان البناء على تلك الحالة الإيجابية وتوسعة نطاقها جغرافياً وضمان استمراريتها زمنياً. 

في ٢٠ يناير، شاركت مصر بحماس واضح في جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أدت إلى تبني قرار يدين ممارسات إنكار وتشويه الهولوكوست (المحرقة)، بما في ذلك على المنصات الاجتماعية أو على شبكة الإنترنت بشكل عام. نيابة عن المجموعة العربية، نقل السفير المصري الإجماع العربي على القرار، الذي يدين الهولوكوست كجريمة إبادة جماعية، مشيراً إلى أن "ذكرى مثل هذا الثقب الأسود في التاريخ يجب أن تبقى حية في الوعي العالمي حتى لا تتكرر أبدا". 

بعدها بأيام قليلة، أقيمت عدة فعاليات رسمية للاحتفاء بـ "اليوم الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست" في أكثر العواصم العربية حيوية – القاهرة وأبو ظبي. في أبو ظبي، شارك وزراء ومسؤولون بالدولة في تنظيم الحدث وتقديم كلمات فيه. في القاهرة، تم تنظيم الحدث من قبل السفارة الأمريكية ومتحف ذكرى الهولوكوست في واشنطن، في أحد أكبر الفنادق في قلب القاهرة، على ضفاف نهر النيل.

بل أكثر من ذلك، في الدورة الأخيرة من منتدى الشباب العالمي، في منتصف يناير، تمت دعوة عدد من الشبان الإسرائيليين للمشاركة والحضور. في أوائل عام ٢٠٢١، وافقت وزارة التربية والتعليم المصرية على منهج مدرسي جديد لطلاب المرحلة الابتدائية والإعدادية، يستكشف النصوص الدينية والقيم المشتركة للأديان الإبراهيمية الثلاثة – اليهودية والمسيحية والإسلام. يعتبر هذا القرار نقلة كبيرة في طريقة تعامل مصر مع الثقافة اليهودية، حيث أنه لم يتم تدريس النصوص الدينية اليهودية في المدارس المصرية منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر الذي مارس تمييزًا عرقيًا واضحًا ضد يهود مصر، بسبب حربه مع إسرائيل آنذاك، حتى أن فكرة القومية العربية التي تبناها عبد الناصر كانت تقوم على فكرة معاداة كل ما هو يهودي.

وفوق كل ذلك، خلال العامين الماضيين، قامت الحكومة المصرية بتجديد أماكن العبادة التراثية؛ اليهودية والمسيحية والإسلامية، بما في ذلك تجديد معبد "إلياهو هانفي" في الإسكندرية، والذي تأسس في القرن الرابع عشر. قارن ذلك بما كان يحدث في العقود السابقة من استهداف التنظيمات الإرهابية بشكل مستمر للمعابد اليهودية، تحت تأثير الخطاب الديني والسياسي المتطرف، الذي كان شائعاً. 

إن مثل هذه التغيرات الحادة في المواقف الرسمية وغير الرسمية تجاه اليهود، وكذلك العوامل المؤدية لها والمترتبة عليها، هي أمور جديدة للغاية على منطقة الشرق الأوسط. في الماضي القريب، كان مجرد التفكير في إقامة فاعلية لإحياء ذكرى الهولوكوست في القاهرة حلم أقرب للخيال، بسبب التحدي الهائل الذي تفرضه ثقافة معاداة السامية وإنكار الهولوكوست المنتشرة على نطاق واسع في منطقتنا. 

على الرغم من معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، التي مضى عليها أكثر من أربعين عامًا، والجهود الكبيرة التي تبذلها القيادات السياسية الحالية في كلا البلدين لتأسيس علاقات جوار متزنة ومثمرة، لا يزال هناك بعض وسائل الإعلام والسياسيين، وخاصة من التيار الناصري/اليساري المتهالك، يتفاخرون بإعلان كراهيتهم لإسرائيل بشكل خاص، وكل يهود الأرض بشكل عام. غني عن الذكر أيضاً، الانتشار الواسع للخطاب الديني السياسي الذي يصف اليهود كأعداء وجوديين للمسلمين، ويحل محاربتهم على أساس الاختلاف الديني. لكن برغم ذلك، هناك جانب مشرق يتمثل في حقيقة أن التغيير الحادث على مستوى النخبة والقيادة السياسية قد بدأ يترك أثره بشكل واضح على المواقف العوام تجاه إسرائيل، ولكن بدرجات متفاوتة بين الشعوب العربية، نظراً للتطورات الجيوسياسية والجيو-اقتصادية الإقليمية وعواقبها على كل دولة.

أظهر استطلاع أجراه معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في نوفمبر ٢٠٢٠، أن ٢٥٪ من الجمهور المصري يؤيد تطبيع العلاقات مع إسرائيل. في ذلك الوقت، كان الحبر الذي وقعت به الإمارات وإسرائيل على اتفاق إبراهيم ما زال رطباً، ومن ثم كان سهلاً على المصريين الاعتراف بأنهم مستعدين لأن يكونوا أكثر نشاطاً في تحسين العلاقات مع إسرائيل، خصوصاً أن مصر كانت أول دولة عربية توقع معاهدة سلام مع إسرائيل قبل أربعة عقود من ظهور اتفاقيات إبراهيم.

لكن رغم ذلك، يبدو أن الجولة الأخيرة من الحرب في غزة، والتي اندلعت في مايو ٢٠٢١، قد أدت إلى تراجع موقف المصريين الداعم لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، لتتوقف عند ١٢٪ في استطلاع مماثل أُجراه نفس المعهد في نوفمبر ٢٠٢١. لكن المفارقة هي أن هذه الحرب قد عززت التعاون والتفاهم على مستوى القيادات السياسية والاستخباراتية بين مصر وإسرائيل، بفضل الدور المحوري الذي قامت به مصر في السيطرة السريعة على المشهد والتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار. في غضون ذلك، أشاد نحو ربع المصريين، في استطلاع ٢٠٢١ المشار إليه، بالتعاون الاقتصادي بين مصر وإسرائيل، خاصة بعد رحيل نتنياهو عن منصب رئيس الوزراء.

إن أحد العوامل الرئيسية التي تفسر زيادة الإقبال على مغازلة اليهود وتقبل إسرائيل من جانب العرب، هو حقيقة أن معظم دول الشرق الأوسط تتفق على أن إيران وميليشياتها ووكلائها المنتشرين على نطاق واسع، هم أكبر تهديد للأمن القومي والإقليمي. بالإضافة إلى ذلك، فإن الواقع الجيو-سياسي الجديد للمنطقة، والذي بدء يتبلور منذ اندلاع ثورات الربيع العربي، قبل عقد من الزمن، ووصل إلى ذروته مع الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، الصيف الماضي، قد نحى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى رف بعيد، بينما أعطت دول المنطقة أهمية أكبر للتعاون الأمني والاقتصادي مع إسرائيل، كضرورة للحفاظ على منطقة الشرق الأوسط في حالة توازن في مواجهة التحديات التي فرضها هذا الواقع الجديد. 

خلاصة القول، لم يعد الاتجاه إلى السلام العربي مع إسرائيل حلم بعيد المنال، بل أصبح هو الخيار الوحيد المتاح للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين، في مواجهة التهديدات المتصاعدة، خصوصاً على البوابات الشرقية للمنطقة، سواء على يد ميليشيات إيران المنتشرة في منطقة الشام والعراق، أو صعود متطرفي طالبان إلى سدة الحكم في أفغانستان، أو إرهاب تنظيمات داعش والقاعدة. ولضمان استمرار التوجه نحو السلام، يجب بذل جهد أكبر في تعميق العلاقات إلى ما هو أبعد من العلاقات السياسية أو الأمنية بين دول المنطقة، إذ لا يزال الوصول إلى جوهر العلاقات الشعبية بين العرب واليهود يمثل تحديًا كبيرًا، على الرغم من اتفاقيات إبراهيم وسلسلة الأنشطة الحكومية المتعددة التي تعكس القبول الرسمي لإسرائيل. في هذا الإطار، يكون القبول الشعبي وتغيير الثقافة هو ما يهم حقًا.

 


Tuesday, February 08, 2022

The Egyptian Challenge to Combat Domestic Violence


Unfortunately, Egypt is one of the countries where domestic violence, targeting women and children, is widely tolerated. That is despite the government efforts and presidential-led initiatives to fight against all forms of violence against women, and despite the constitutional principles and civil laws that criminalize physical assault and prohibit torture, especially among the members of the same family. 

However, the extremist religious rhetoric and barren social traditions, which are justifying for a man to use violence and physical harm against the female members of his family, are still predominant. Out of these unfair justifications, female children are being subject, by their parents, to the horrible practice of Female Genital Mutilation/cutting (FGM) and wives are brutally beaten, and sometimes tortured, by their husbands, without being able to defend themselves or complain about it to their own families or even the government. 

In the handful number of cases where women dared to file legal complaints at a police station or a court against a husband who practiced domestic violence against them, the women were faced by social shaming as their neighbors and families blamed them for taking legal action against the oppressive husband. Eventually, most women had to withdraw the legal claims to regain social acceptance and keep save her children from being shamed for have a father with a prison record.

According to the UN Women’s Global Data Base on Violence against Women, at least 26% of Egyptian women were exposed to physical and/or sexual violence by their intimate partners. In a governmental study, published in 2017, by Egypt’s Central Agency for Public Mobilization and Statistics, at least 42% of Egyptian women are being assaulted by their husbands, especially in families where women are economically dependent on men, due to social customs that prevent families from sending their girls to schools or allowing them to work. The tragedy is not limited to poor or rural families, but is also expanding to the middle class. 

In the past decade, it has been common among middle class families to force their daughters to leave their work once they get married. In some cases, the groom (future husband) makes it a condition to complete the marriage, under the claim that he wants his future wife to be fully dedicated to taking care of household stuff, such as cooking, cleaning, and raising the children, while he goes out to earn the bread and butter. Eventually, the woman finds herself economically dependent on her husband and thus accepting and tolerating his physical assault on her.

Nevertheless, the most horrible statistics related to domestic violence and violence against women in Egypt, is about the practice of the crime of Female Genital Mutilation (FGM). According to the United Nations Children's Fund (UNICEF), in 2015, shows that 87% of the Egyptian women between 15 to 49 years-old had been subject to FGM. In 2019, the Egyptian Central Agency for Public Mobilization and Statistics declared that at least 90% of adult Egyptian women had been subjected to FGM surgery in their childhood. According to a public health survey, published in 2014, by the Egyptian Ministry of Health; 92% of Egyptian women between 17 to 49 years-old had been subject to FGM in their childhood. 

Today marks the anniversary of the United Nations’ International Day of Zero Tolerance for Female Genital Mutilation (FGM). Human rights activists from all over the world are calling for the end of these awful practices. Meanwhile, the religious and social debates are still open in Egypt around the legitimacy of practicing the crime of FGM on minor helpless girls or the right of the husband to physically assault his wife, to show off his superiority. Domestic violence is a plague that requires more than the force of law to get it eradicated.  


الجدل في الحرام حرام


الجدل أنواع. هناك جدل سفسطائي، وهو جدل مجرد من الغايات، له بداية ولكن ليس له نهاية، مثل لعبة الشطرنج التي يلعبها الشخص نفسه مع نفسه، فقط ليثبت أنه الأذكى ويرضي غروره، أما موضوع الجدل فهو غير مهم. وهناك الجدل الحرام، وهو الجدل في الحرام، الذي تعلم جيداً بالمنطق والعقل والطبيعة الإنسانية وفطرتك الدينية أنه حرام وغير إنساني بالمرة، لكن رغم ذلك تبقى تجادل فيه لتبرر لنفسك أو لغيرك ارتكابه دون تأنيب ضمير، والمفارقة هنا أن الجدل الحرام غالباً ما يكون مصحوب بأدوات دعم يتم اقتطاعها من نصوص دينية أو تقاليد مجتمعية في محاولة لتبرير ما لا يقبل التبرير. 

من أشهر أمثلة الجدل الحرام هو الجدل الاجتماعي والديني الدائر الآن حول أحقية الرجل في ممارسة العنف ضد المرأة، خصوصاً المرأة القريبة له، سواء كانت زوجته أو أبنته أو حتى أخته. 

هل سبق وشاهدت حيوان ذكر، مهما كانت وحشيته، يضرب زوجته حتى يقوّمها؟ أو يقتطع جزء من الأعضاء التناسلية لأبنته (فيما يعرف عندنا في عالم البشر باسم ختان الإناث) حتى يحافظ على شرف القطيع وطهارته؟ مع الأسف، البشر فقط هم من يرتكبون تلك الفظائع، ويبررون إيذاء النساء بحجة الحفاظ عليهن، بل ويقودون الأدلة الدينية والمجتمعية على تبرير جرائمهم، وكأن الأمر يحتاج الجدل لإثبات أو نفي أن كل فعل فيه إيذاء لإنسان أخر هو حرام، سواء كان إيذاء جسدي أو نفسي، لا سيما لو كان هذا الإنسان قريب لك وأنت مسؤول أمام الله عن حمايته وأمانه. 

نحن في العام ٢٠٢٢، وما زالت مصر أم الدنيا، وأقدم حضارة في التاريخ، تعاني من العنف الأسري الذي يستهدف النساء والأطفال على وجه الخصوص بشكل مرعب، على الرغم من المبادئ الدستورية والقوانين المدنية التي تجرم الاعتداء الجسدي وتحظر التعذيب، خاصة بين أفراد الأسرة الواحدة، ورغم جهود الحكومة الحالية والحكومات السابقة، والمبادرات الرئاسية الحالية والسابقة، من أجل محاربة كافة أشكال العنف ضد المرأة، التي تمارس نهاراً جهاراً في مجتمعنا، منذ عقود. 


وفقًا لقاعدة البيانات العالمية حول العنف ضد المرأة، التي تتولى إدارتها وتحديثها هيئة الأمم المتحدة للمرأة، تتعرض ٢٦٪ من النساء في مصر للعنف الجسدي و/أو الجنسي على يد أزواجهن. في دراسة حكومية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، عام ٢٠١٧، فإن ٤٢٪ من النساء في مصر يتعرض للاعتداء من قبل أزواجهن. تزداد نسبة العنف ضد المرأة بشكل خاص في الأسر التي تعتمد فيها النساء على الرجال في توفير المال ومتطلباتهم الاقتصادية، وهنا لا تقتصر المأساة على العائلات الفقيرة أو الريفية التي تهمل تعليم البنات وتحرمهم من المنافسة في سوق العمل، ولكن في العشر سنوات الأخيرة امتدت هذه الآفة بشكل واضح إلى الطبقة المتوسطة، حيث أصبح من العادي أن ترى الشاب يشترط لإتمام الزواج أن تترك خطيبته عملها لتتفرغ لخدمته وتربية الأطفال، بينما يخرج هو للعمل وكسب عيش الأسرة، والكارثة أن كثير من البنات قبلن بهذا الوضع رغم ما لديهن من تعليم وكفاءة وخبرة عملية، فانتهى بهم الحال بعد سنوات من الزواج بلا عمل وبلا استقلال اقتصادي عن الزوج، وبالتالي أصبحوا أكثر تقبلاً للعنف من قبل الزوجة. 

حتى في العدد القليل جداً من الحالات التي تجرأت فيها النساء على تقديم شكاوى قانونية في مركز الشرطة أو رفع دعوى لدى المحكمة ضد الزوج الذي مارس العنف ضدهن، اضطررن في النهاية للتنازل عن الدعوة والعودة للزوج، بسبب لوم المجتمع المحيط لهن، سواء الجيران أو العائلة الأكبر، أو بسبب عدم تفكيك الأسرة والإضرار بمستقبل الأطفال، في حال تم حبس أبوهم. بل الأبشع من ذلك، تجد من يلوم المرأة على أنها أوصلت زوجها لأن "يخرج عن شعوره" ويضربها.

والأكثر بشاعة من ذلك، هو الإحصاءات المتعلقة بممارسة جريمة ختان الإناث، والتي تعد أفظع جرائم العنف الأسري على الإطلاق، ليس فقط لأنها تقوم بتشويه جسد إنسان، ولكن لأنها تمارس بواسطة الأبوين ضد بنات صغيرات، ما بين ٨ و١١ سنة، لا حول لهن ولا قوة للدفاع عن أنفسهن. وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، في عام ٢٠١٥، ثبت أن ٨٧٪ من النساء المصريات، بين سن ١٥ و٤٩ سنة، قد تعرضن للختان في طفولتهن. في عام ٢٠١٩، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أن ما لا يقل عن ٩٠٪ من النساء المصريات البالغات قد تعرضن لعملية ختان الإناث في طفولتهن. وفقًا لمسح الصحة العامة، الذي نشرته وزارة الصحة المصرية، في عام ٢٠١٤، فإن ٩٢٪ من النساء في مصر، بين سن ١٧ و٤٩ سنة، قد تعرضن للختان في طفولتهن. مع الأسف، تمارس جريمة الختان في مصر منذ قرون، وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا، على الرغم من كونها أحد أخطر انتهاكات حقوق المرأة ومن أكبر التهديدات لسلامتها، حيث لا يترك الختان أثار مدمرة على أجساد ونفوس الفتيات تبقى معهن طيلة حياتهن فقط، ولكن أيضًا بعض الفتيات فقدن حياتهن أثناء إجراء العملية.

يصادف اليوم الذكرى السنوية لليوم العالمي للأمم المتحدة لعدم التسامح مطلقًا مع تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية. يطالب نشطاء حقوق الإنسان من جميع أنحاء العالم بوضع حد لهذه الممارسات الفظيعة. في غضون ذلك، لا تزال المناقشات الدينية والاجتماعية مفتوحة في مصر حول شرعية ممارسة جريمة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية على الفتيات القاصرات أو حق الزوج في الاعتداء جسديًا على زوجته لإظهار تفوقه. العنف الأسري وباء يتطلب أكثر من قوة القانون للقضاء عليه.


Sunday, February 06, 2022

A New Saudi Arabia in the New Middle East

 


For better or worse, the Middle East and North Africa (MENA) region is rapidly transitioning into a new geopolitical structure, with new centers of influence and diverse agendas of individual and collective priorities. The ongoing transition process started over a decade ago with the eruption of the Arab Spring revolutions (2010 - 2011), and reached a peak point, last summer on August 2021, following the haste and chaotic withdrawal of the United States from Afghanistan. The main characteristic defining the new regional order, in light of this unavoidable transition, is the fracture of Egypt and Syria as the main complementary poles responsible for keeping the MENA region in balance, and the growing reliance on Arab Gulf monarchies, especially Saudi Arabia, in designing and leading the future of the Middle East.


Arab Youth Look Up to Saudi Leadership 

Given the fact that the vast majority of the population of Arab countries are youth under 35 years-old, the data provided by the “Arab Youth Survey” of Asda’a-BCW, on annual basis over the past thirteen years, could further clarify the new reality of the region, in quantitative terms. For the past six years, in particular, the surveyed Arab youth selected Saudi Arabia as the most influential leading power in the Arab region. 

For example, in 2020 and 2021, the survey ranked Saudi Arabia as the Arab country that has the most influence over the Arab world; respectively with 39% and 29%. Meanwhile, Qatar and the United Arab Emirates (UAE) used to interchangeably occupy the second position, with 34% for Qatar in 2020, and 23% for the UAE, in 2021. 

In contrast, Egypt, which used to lead the Arab world for many decades before the Arab Spring, has been ranked at the tail of the list. In 2020, Egypt was seen by only 5% of the surveyed Arab youth as an influential regional power. However, in the 2021 Arab Youth Survey, Egypt’s position dramatically leaped, with 11%, to the third rank after Saudi Arabia and UAE. That is perhaps due to Egypt’s successful mediation in the ceasefire between Israel and Hamas, during their latest round of war in May 2021. 


Saudi Monarchs’ Game-Changing Interventions 

In fact, the Kingdom of Saudi Arabia (KSA), the Third Saudi State of King Abdul Aziz Al-Saud, has always been a key player in determining the course of events in the Middle East and neighbor regions. Even when Egypt was the one holding the steering wheel, calculated political interventions by Saudi monarchs, at critical times of political and security turbulences, kept the region moving on the right track. 

One recent example is KSA’s immediate intervention to clean the mess of the Arab Spring and rescue affected countries from political failure or economic collapse. In the 1990s, Saudi Arabia played a tremendous role in managing the Gulf War and helping Kuwait recover from the Iraqi aggression. In the 1950s and 1970s, KSA challenged western powers to support Egypt in its war with Israel, which paved the way for Egypt to eventually win the war in 1973 and restore peace in the region. The current Saudi King, Salman bin Abdul Aziz, and his brothers, personally volunteered to fight as soldiers in the ranks of the Egyptian army against the British and French aggression, in 1956.

Despite Saudi Arabia’s glorious history of rescuing brotherly Arab countries, at critical moments, stepping up to the forefront of leading the Middle East towards and throughout the new era will not be an easy mission. That is not only because of the many geopolitical and security complications of the region, but also because the new regional order dictates the death of old pan-Arab values and the birth of a whole new culture that values individuality and pragmatism, among the states of the region, when handling domestic and foreign affairs. 


Challenges of Shaping the New Regional Order 

At least, since the severe political earthquake of the Arab Spring, the Nasserist ideology of Arab Nationalism, which remained the mantra of the region for decades, has disappeared. In the past two years, we have seen an increase in the number of Arab countries, extending from the ocean to the gulf, that took individual initiatives to normalize ties with regional non-Arab neighbors (e.g., Israel, Iran, and Turkey), which were labeled, in the recent past, as rivals of the Arabs. 

Around the Valentine’s Day this month, for example, UAE showered the Turkish President Erdogan with love at a festive reception in Abu Dhabi, while Bahrain warmly received the Israeli Prime Minister, Naftali Bennett, with playing the Israel national anthem in the Capital City of Manama. In addition, last month, UAE’s National Security Advisor Sheikh Tahnoun Bin Zayed paid a rare visit to Tehran to meet with senior political and security leaders in the Iranian regime to explore means of normalizing ties, following the same pattern that his country used on Turkey and Israel, in the last two years. However, unfortunately, such a positive initiative did not deter the Iran-backed Houthis militia, in Yemen, from targeting Abu Dhabi, last month, with Iranian drones and missiles. 

In fact, this clumsy pattern of crisis-motivated diplomatic rapprochement, which we can also call “the diplomacy of panic,” which some Arab Gulf countries are repeatedly applying, has proven to be short-lived and barren of any tangible results on the long-term. In contrast to that, Saudi Arabia is dealing with the matter in a more calm and steady matter. 

As the big sister of the Gulf Cooperation Council (GCC) countries, and consequently the most politically and diplomatically experienced among them, Saudi leaders are calmly working on fixing strained ties with neighbor non-Arab countries with the understanding that building steady foreign relations requires time and guarantees. This is also the same approach that Egypt adopts, in that regard. For example, in the past few months diplomatic, security, and economic talks between Saudi Arabia and Turkey, on one hand, and between Egypt and Turkey on the other hand have been building up towards the ripe momentum of renewed friendship.


Cleaning After Flawed Western Policies

Sadly, some western powers, who claim to be allies to Saudi Arabia are purposefully making decisions to weaken KSA in face of the rising Iranian threat, at its borders. In the United States, for example, immediately after President Biden’s inauguration, in January 2021, the U.S. State Department decided to review Trump Administration’s decision to designate the Houthis in Yemen as a Foreign Terrorist Organization (FTO). 

The next day, the State Department announced holding for review arms and ammunition sales agreements that the Trump administration signed with Saudi Arabia, and to temporarily pause the sale of F-35 fighter jets that are due to UAE upon a contract signed with Lockheed Martin under the Trump administration. Meanwhile, the Biden administration announced its intention to revive talks with Iran on the nuclear deal and ease the suffocating economic sanctions imposed by Trump.

In less than a year, Saudi Arabia and the UAE started to pay for the flawed policy of the Biden Administration. The missile and drone attacks launched by the Houthis on Saudi Arabia intensified and frequented, targeting strategic economic sites in Saudi main cities. By the beginning of this year, the Houthi started to expand their operations to target the UAE with a deadly drone attack that hit an oil facility close to Abu Dhabi Airport. 

There is no logical argument that can appropriately explain why the American President is adopting such a policy that is militarily weakening Saudi Arabia and the UAE, while re-empowering Iran and its affiliated proxies and militias. 

The rise of Taliban in Afghanistan, following the United States withdrawal and the revival of the Islamic State (IS) terrorists in Syria and Iraq are additional threats at the eastern gates of the Arab Gulf region, that are not expected to fade away any time soon. Out of this reality, Saudi Arabia’s main role in the next phase will be forming new coalitions, inside the Middle East, and with neighbor regions and countries, that can block the rising security threats and keep the region moving in the right direction. 

One proposed coalition, with high potential of success, is composed of Saudi Arabia, Qatar, Egypt, and Turkey. The new coalition, which is currently being formed, on a very slow pace though, could mitigate and control most of the strategic threats the region is currently facing or expected to face, in the future. That is mainly because of these countries’ strategic geographic locations, at the gates of the main three continents, as well as the complementary military and economic powers they have. 


Fresh Blood in the Saudi Leadership 

In face of the aforementioned complications, the Kingdom of Saudi Arabia is blessed by a young leader, Crown Prince Mohammed bin Salman, who understands the size of the challenge and is actively preparing himself and his country for it, despite the many obstacles thrown on his way by some western powers.

In a TV interview, in April 2021, the Saudi Crown Prince Mohammed bin Salman, discussed the most critical mission of developing the Kingdom’s economy, through the ambitious “Saudi 2030 Vision.” He admitted that this requires modernizing the Saudi society and changing the state system in a way that encourages foreign investment and opens Saudi Arabia to the world, without risking the country’s unique cultural heritage. But bravely, the Crown Prince said he is up to the mission that promises to modernize the entire Middle East region, not only Saudi Arabia or the Gulf countries.

In the interview, Prince Mohammed bin Salman discussed threats against the Saudi national security and the need to neutralize them, especially the threat posed by the Houthi militia and their backer Iran. The prince confirmed that his hands are always extended with peace for those who want peace, including Iran. At the same time, his country will continue to develop the military system and strengthen the army, which has already become among the five most powerful militaries in the Middle East region. According to Global Firepower ranking for 2022, Saudi Arabia comes in the fourth place after the strongest and oldest armies in the region: the Turkish, the Egyptian and the Iranian militaries.

Prince Mohammed bin Salman, also, discussed the most critical issue of developing the economy. For this to happen successfully, it should be accompanied by opening the Saudi society and changing the way the government and the political leadership system in the country works. That is not an easy mission. One of the most important features of the economic development that Saudi Arabia seeks to achieve by 2030, according to Prince Mohammed bin Salman, is openness to foreign investments and the development of tourist areas with a pure Saudi identity capable of attracting tourists from all over the world. This shall create more jobs that will help decrease unemployment. The prince confirmed that there is an urgent need to end the dependence of the Saudi economy on oil as the only source of income.

Since Prince Mohammed bin Salman took office, in 2017, he has been aware that his many ambitions for modernizing Saudi Arabia should be preceded by smashing a few idols that has tied Saudi Arabia down for a long time. The most challenging idols are eliminating extremism and empowering women to play an influential role in public life.  

In November, the Crown Prince said in a public speech that “Saudi women in the past could not travel without a permit, could not attend sports shows and cultural events, could not drive a car, could not do a lot of work, and could not appear for their legal cases at court without a male guardian. Women suffered from that for decades. But today Saudi women are experiencing an unprecedented phase of empowerment. We have worked to empower Saudi women in the field of work and personal status, and today they are effectively a partner for the Saudi man in the development of our entire homeland without discrimination. I do not only address the issue of women driving cars, but also driving the development process, in the broadest sense. For example, the rate of women's participation in the labor market doubled from 17% to 31%.”

On another note, the Crown Prince spoke about the phenomenon of extremism among Saudis and described it as “rampant.” He said: “We reached a stage in which we aim, in the best case, to coexist with this scourge, and eliminating extremism was not an option, nor was it possible to control it. In 2017, I promised to eliminate extremism immediately, and we have actually started a serious campaign to address the causes and address the phenomena. Within one year, we were able to eliminate an ideological project made over 40 years, and today extremism is no longer acceptable in the Kingdom, and it no longer appears on the surface.”


Let’s Embrace the Change! 

Anyone in the Crown Prince Mohammed bin Salman's shoes would have preferred to build on what he found, without trying to change it. But, very bravely he decided to take the challenge of smashing the idols of extremism and freeing Saudi Arabia from the heavy burden that tied it down for centuries. Saudi Crown Prince’s efforts will not only benefit Saudi Arabia, but also the entire Middle East during this critical transition. This could be the end of the Middle East as we know it. But it will be the beginning of a stronger more stable and more powerful region, that can rely on its own feet to stand tall. The current reshuffling of political alliances and leading roles in the Middle East, based on pragmatic, rather than fiery and emotional, agendas may be the beginning of establishing long-term peace and stability in the ever-boiling region. Let’s not fear the change. Almost always, change leads to positive outcomes.

 

Wednesday, February 02, 2022

Liberal Democratization of the New Egypt


Eleven years ago, on the 25th of January 2011, Egypt was subjected to an urgent surgery to clean up its political bloodstream that had been blocked by decades of corruption and power manipulations. The young liberal activists, whose life-time, then, was lesser than the time-span of the Mubarak regime of thirty years old, successfully organized a non-violent revolution that forced Mubarak’s autocratic regime out. I was one of those young liberal activists, who miraculously managed to bring down a hardline dictatorship, but then got stuck with a load of political naivety that made them leave the square to the wrong people. 

We believed that the miraculous spell that enabled us to overthrow Mubarak’s regime, in eighteen days, would empower us to build a liberal democratic state within a year or less. Eighteen months later, we woke up from our optimistic dreams to the super awakening shock of seeing the Muslim Brotherhood in presidency and Salafists in the Parliament. Getting back on the track of liberal democratization, after removing Islamists from power, in July 2013, was not easy. 

The Muslim Brotherhood group was not as accepting as Mubarak’s regime to the political defeat they encountered, two years before them. The Muslim Brotherhood leaders, publicly, swore to ensue death and blood on those who removed them from power. Until the end of 2015, Muslim Brotherhood elements and Salafist sympathizers targeted innocent civilians, military personnel, policemen, and state institutions, with the purpose to create a state of extreme chaos. Through chaos, the Muslim Brotherhood tried to create a scenario similar to what happened in most Arab Spring countries, wherein the nation-state would fail so they can sneak up to power, once again, as “a parallel government.” 

Fortunately, the arm strength and political experience of the Egyptian Armed Forces halted this sinful plot of political Islamists, at a very early stage. However, since then, the dream to build a liberal democratic state has been kept away on an unreachable shelf. Legitimately, the new political leadership of President El-Sisi gave the priority to restoring security and stability through neutralizing the power of the Islamists on grassroots citizens and launching a wide scale of social and economic reform projects. 

Honestly, it was impossible to rush into building a liberal democratic state, in a country that suffers from strong political divisions, severe economic depression, and lack of security. Nigeria is one example of many states that failed by rushing into western-style democratic reform before laying the proper foundation for a stable democratic state, by first stabilizing economy and improving the state of security and social development.

Nevertheless, as President El-Sisi’s social and economic reform projects have started to bear fruit, it is time for the political leadership to consider taking actual steps towards realizing the liberal democratic dream that had inspired a popular revolution, a decade ago. That is a state, wherein the political power is dependent on a strong multiparty system that encourages peaceful exchange of power and honors political and civil freedoms as integral to basic human rights.

One of the lessons learnt from the 2011 revolution is that the political system that lacks diversity, no matter how strong it is, makes the state prone to exploitation by the opportunist political hyenas. Egypt has more than one-hundred registered political parties, but most of them are ineffective on the grassroots level. The handful number of influential parties are echoing the political leadership moves in an awfully monotonous manner. Meanwhile, the young people who adopt political opinions or positions that contradicts the mainstream are marginalized as they cannot find a proper political party that can effectively contain them. This simply makes them an easy prey for the wrong actors, including political Islamists. 

In that sense, prioritizing liberal democratization has become a necessity, as Egypt is preparing itself to enter the new era of the new republic. 


المعارضة السياسية في الجمهورية الجديدة


قبل أحد عشر عامًا، في الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١، خضعت مصر لعملية جراحية عاجلة لتنظيف دمها السياسي الذي عكرته عقود من الفساد وسوء استغلال السلطة، إذ نجح الناشطون الليبراليون الشباب، الذين كانت أعمارهم آنذاك أقل من الثلاثين سنة التي قضاها نظام مبارك في الحكم، في تنظيم ثورة سلمية أطاحت بالنظام المستبد. إلا أن النصر السريع وغير المتوقع، جعلهم سرعان ما يغادروا الميدان ليحتله أهل الشر وينسبون لأنفسهم ما حققه الشباب من إنجاز أبهر العالم، وألهم أقرانهم في بلدان عربية أخرى.

كنا نظن، بسذاجة سياسية مشهودة، آنذاك، أن المعجزة التي مكنتنا من الإطاحة بنظام مبارك، في ثمانية عشر يومًا فقط، ستمكننا من بناء دولة ديمقراطية ليبرالية في غضون عام أو أقل. لكن بعد ثمانية عشر شهرًا، استيقظنا من أحلامنا المتفائلة على الصدمة الكبيرة المتمثلة في صعود الإخوان المسلمين إلى كرسي الرئاسة وصعود السلفيين المتشددين دينياً إلى مقاعد البرلمان كمشرعين. حاولنا بكل ما استطعنا من قوة أن نفيق من هذا الكابوس، وفي أقل من عام نجحنا. إلا أن العودة إلى مسار الديمقراطية، بعد إزاحة الإسلاميين من السلطة، في يوليو ٢٠١٣، لم يكن بالأمر اليسير.

لم تتقبل جماعة الإخوان المسلمين الهزيمة السياسية التي واجهوها، في ٢٠١٣، بنفس الطريقة التي تقبلها نظام مبارك قبلهم بعامين، وأقسم قادة الإخوان علانيةً على أن ينتقموا من الشعب الذي ثار ضدهم، حتى لو تطلب الأمر ممارسة أقصى درجات العنف ضد الجميع وإراقة دماء المدنيين الأبرياء. منذ تاريخ الثورة ضد الإخوان في ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وحتى نهاية عام ٢٠١٥، قام عناصر جماعة الإخوان والمتعاطفين معهم، خصوصاً من القواعد المتأثرة بخطاب السلفيين المتطرف، باستهداف المدنيين الأبرياء والعسكريين ورجال الشرطة ومؤسسات الدولة بهدف خلق حالة من الفوضى العارمة، في محاولة لخلق سيناريو مشابه لما حدث في معظم دول الربيع العربي، حيث تسقط الدولة الوطنية ويحل محلها الإخوان إما عن طريق حكومة مؤقتة أو حكومة موازية. 

لحسن الحظ، لم تكن الدولة المصرية، رغم عثرتها، بالضعف الذي يسمح بإشاعة تلك الفوضى العارمة أو إحداث انقسامات شعبية شديدة تمهد الطريق لنجاح مخطط الإخوان، فقد ساهمت الخبرة السياسية لدى القوات المسلحة المصرية، فضلاً على قوة وتماسك بناء الجيش، في إفشال هذه المؤامرة الشريرة للإسلاميين السياسيين، في مرحلة مبكرة جدًا. لكن منذ ذلك الحين، ظل حلم بناء دولة ديمقراطية ليبرالية بالمعايير التي كان يحلم بها شباب ثورة يناير، أمل بعيد يزداد الطريق إليه صعوبة وتعقيداً كلما مر الوقت، فقد أعطت القيادة السياسية للرئيس السيسي، الذي تولى الحكم في المرحلة الانتقالية بالغة الصعوبة التي أعقبت سقوط الإخوان، الأولوية لاستعادة الأمن والاستقرار في مصر، أولاً من خلال القضاء على التنظيمات الدينية المتطرفة وجماعات الإسلام السياسي، وإزالة أثار خطابهم المتطرف على القواعد الشعبية، وثانياً من خلال إطلاق مجموعة واسعة من مشاريع الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي. 

من باب الإنصاف، علينا أن نعلم أنه كان من المستحيل التسرع في بناء دولة ديمقراطية ليبرالية، في تلك المرحلة المعقدة أمنياً وسياسياً، في بلد يعاني من ضعف سياسي وكساد اقتصادي وإرث عقود من الفساد الإداري، فضلاً على انعدام الأمن، وهي المكونات الرئيسية لإقامة دولة من الأساس، فما بالك بإقامة دولة ديمقراطية ليبرالية، ولنا في دول مثل نيجيريا عبرة، فهي أحد الأمثلة القريبة التي تثبت خطورة الاندفاع نحو الممارسة الديمقراطية على النمط الغربي، قبل إرساء الأساس المناسب لدولة مستقرة، من خلال تثبيت قواعد الاقتصاد أولاً، وتحسين حالة الأمن، والتنمية الاجتماعية.

أما الآن، وقد استقرت الحالة الأمنية في مصر، وبدأت مشاريع الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي، التي يقودها الرئيس السيسي بإخلاص شديد منذ سبع سنوات، تؤتي ثمارها وتغير وجه مصر الحزين الذي لم نكن نعرف غيره منذ ما قبل ثورة يناير، فقد حان الوقت للقيادة السياسية أن تنظر في اتخاذ خطوات فعلية نحو تحقيق حلم بناء الدولة الديمقراطية الليبرالية الذي ألهم ثورة شعبية قبل عقد من الزمن، والذي يتمثل في خلق منظومة سياسية متناسقة ومتكاملة رغم ما فيها من تنوع واختلاف، تعتمد على التعدد الحزبي، وتشجع التنوع الفكري والسياسي، وترحب بتكوين أحزاب معارضة حقيقية، تستطيع أن تشارك بفاعلية في عملية التبادل السلمي لكافة درجات السلطة في الدولة التي يجب أن تحترم الحريات السياسية والمدنية باعتبارها جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان.

إن أحد أهم الدروس المستفادة من ثورة ٢٠١١ هي أن الدولة التي تفتقر إلى منظومة سياسية متنوعة ومتناسقة، تعبر عن كافة الآراء والتوجهات، بما في ذلك الآراء المعارضة للتيار السياسي السائد، وتتنافس فيما بينها تحت سيادة الدستور والقانون، غالباً ما تكون فريسة سهلة لأهل الشر، من الجماعات المتطرفة والمتسلقين على السياسة باسم الدين، والمتسلقين على الدين عبر سلم السياسة. 

يوجد في مصر، حالياً، أكثر من مائة حزب سياسي مسجل لدى لجنة شئون الأحزاب، لكن معظمها غير فعال على المستوى الشعبي أو السياسي، وحتى الأحزاب المعروفة والمؤثرة شعبياً، ليست سوى صدى صوت للدولة، وتحركات القيادة السياسية، وكثير منها يستغل اسم الرئيسي السيسي ليروج لنفسه بين العوام الذين يحبون الرئيس. في المقابل، لا يوجد في مصر حتى اليوم، أي أحزاب معارضة، حقيقية بما يكفي وقوية بما يكفي، تستطيع استيعاب الشباب الذين يتبنون آراء أو مواقف سياسية تتعارض مع التيار السائد أو حتى مع القيادة السياسية الحالية، مما يجعل هؤلاء الشباب، خصوصاً الأصغر سناً والأحدث عهداً بالنشاط السياسي، فريسة سهلة لأهل الشر، لا سيما جماعات الإسلام السياسي.

من هذا المنطلق، فإن إعطاء الأولوية للتطوير الديمقراطي من خلال بناء منظومة سياسية تشجع التنوع السياسي والحزبي، واستيعاب وقبول، بل وتشجيع وجود معارضة سياسية، أصبح ضرورة لضمان استكمال الصورة الجميلة لمصر في ظل الجمهورية الجديدة، وضمان استمرار نجاحها وتطورها لأجيال كثيرة قادمة.