Saturday, July 29, 2017

المجتمع المدني وصناعة الدولة المصرية القوية



أثار مؤتمر الشباب في الأسكندرية، الأسبوع الماضي، تساؤلاً مهماً حول مخططات إفشال الدول، في محاولة لتذكير المصريين بحجم المؤامرة التي تعرضنا لها قبل بضعة أعوام، واستعادة همتهم في مواجهة الخطر الذي لا زال قائماً، والسعي نحو الارتقاء بمصر من دولة ضعيفة مهددة إلى مصاف الدول القوية القادرة على المنافسة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. 

لقد نجح الرئيس السيسي في "تثبيت دعائم الدولة المصرية" في وقت قياسي وبشكل مبهر، بل واتخذت الدولة خطوات نحو تحقيق مثلث الرخاء الذي يتشكل من: أولاً قيام دولة ديمقراطية ذات مؤسسات شرعية تتمتع بالسيادة والقبول الشعبي، وثانياً اقتصاد منيع متنامي، وثالثاً مجتمع مدني قوي ومؤثر. 

وبالرغم من التقدم الكبير الذي حدث في الضلعين السياسي والاقتصادي، يبقى المجتمع المدني في قاعدة مثلث الرخاء يعاني من مشاكله التي تهدد بزلزلة استقرار كل المجهودات التي اتخذت بالفعل، وهو ما نتمنى أن تنتبه له الدولة في الفترة القادمة. 

ليس سراً أن المجتمع المدني بشقيه الحقوقي والخيري قد أضر كثيراً بالدولة المصرية في السابق، فقد كان هو المنصة التي نفذت من خلالها جماعة الإخوان المسلمين إلى قلب المواطن البسيط، من خلال اللعب على احتياجاته التي حال الفساد في عهود سابقة دون قدرة الدولة على تحقيقها، عبر إنشاء جمعيات خيرية ودينية تدس سموم الفكر الإرهابي لهذه الجماعة في نفوس القواعد الشعبية، حتى استطاعوا في غفلة من الزمن سرقة الوطن بأكمله.

كما تحولت الكثير من المنظمات الحقوقية في تلك الفترة المضطربة، قبيل ثورة يناير، إلى أحزاب سياسية معارضة ومغرضة، تدافع عن كل ما من شأنه هدم الوطن، وتستغل قيم سامية نسعى لها جميعاً مثل "الديمقراطية" و"حقوق الإنسان" كستار لكسر هيبة الدولة  وإشاعة الفوضى، وكانت النتيجة ثورة غضب قضت على الأخضر واليابس ثم تركت الشارع المصري يعاني وحده من تبعات ما خلفه الهدم الأعمى من خراب، دون تقديم أي حل باتجاه إعادة بناء وترميم ما تم إتلافه. 

وبالرغم من أن عناية الله وجيش مصر الباسل ورؤية رئيس مصر الحصيفة قد أنقذتنا من المصير المؤلم الذي وقع فيه جيراننا، إلا أن المجتمع المدني بشكله الحالي، ما زال باباً مفتوحاً لإعادة التدمير لو لم تبادر الدولة إلى التعامل معه، والمبادرة هنا لا تعني إغلاق الباب ولكن الدخول منه إلى عالم المجتمع المدني وتنقيته وإعادة ترتيبه ليمارس دوره المنوط به في معاونة الدولة على القيام بدورها لتحقيق أعلى درجات الرخاء للمواطن، فالمجتمع المدني سيظل دائماً هو الكيان الأكثر التصاقاً بالشارع والأكثر تأثيراً على القواعد الشعبية نظراً لعلاقته المباشرة مع المواطنين. 

لعل قانون الجمعيات الأهلية الجديد هو خطوة أولى نحو عملية إعادة ترتيب المجتمع المدني من الداخل، لما يتضمنه من نصوص حققت التوازن المطلوب بين حرية عمل المجتمع المدني ودور الدولة الإشرافي عليه. 

لكن القانون وحده لا يكفي، ويجب أن يتبع بإجراءات عملية لإعادة هيكلة المجتمع المدني الحقوقي والخيري من الداخل، واستحداث أجيال جديدة من الشباب الواعي والمتفهم لدور المجتمع المدني في دعم الدولة، لتحل محل العناصر الفاسدة التي تتحدث باسم المجتمع المدني اليوم في داخل مصر وفي المحافل الدولية.