Saturday, March 24, 2018

مصر: مشاهد الصراع بين الإرهاب والديمقراطية داخل الدولة الوطنية الحديثة


إن ما يجري في مصر الآن هو مثال حي على الصراع بين الديمقراطية والإرهاب داخل الدولة الوطنية الحديثة؛ وإليكم شواهد التحدي الذي نواجهه في التسلسل الزمني الذي أعرضه فيما يلي: 

- يوم ١٢ فبراير وبعد أيام من انطلاق عملية سيناء العسكرية الشاملة، نشر داعش فيديو "حماة الشريعة" الذي توعدوا فيه المصريين بالقتل والتفجير لو شاركوا في الانتخابات ووصفوا مصر بدولة الكفر!

- بعد فيديو داعش بيومين، نشر تنظيم القاعدة فيديو لزعيمهم أيمن الظواهري يدعو فيه الشباب المصري للإنقلاب على الرئيس السيسي ومقاطعة الانتخابات الرئاسية.

- الأسبوع الماضي؛ شارك المصريون المقيمون في خارج البلاد في الانتخابات الرئاسية بشكل مبهر غير مبالين لتهديدات داعش أو القاعدة أو الإخوان، ولم يكن للإخوان سوى ظهور هزيل جداً في شكل مظاهرات محدودة في كل من لندن، بواقع خمسة عشر شخصاً، وفي نيويورك، بواقع ثلاثة أشخاص.

- خلال الأيام القليلة الماضية، إنكب المحللون في الجزيرة وغيرها من المؤسسات البحثية التي تدعمها قطر على مناقشة إذا ما كانت جماعة الإخوان المسلمين عليها أن تلجأ للعنف لأنها فشلت أن تحقق أهدافها عبر الطرق السلمية! (وحقيقةً لا أعرف بالضبط متى كانت الإخوان سلمية على مدار 80 عام هو طول تاريخها؟!)

- اليوم، شهدت محافظة الإسكندرية حادث تفجير بشارع المعسكر الرومانى بمنطقة رشدى بواسطة عبوة ناسفة أسفل سيارة، كانت تستهدف موكب مدير الأمن اللواء مصطفى النمر مدير أمن الإسكندرية أثناء مروره بالشارع، وأسفر الحادث عن حالتين وفاة من الشرطة وإصابة أربعة مواطنين تواجدوا بالصدفة في محيط الحادث. 

ورغم إنه لم يُعلن عن مرتكب العمل الإرهابي حتى لحظة نشر هذا البوست، فهو حتماً واحد من الثلاثة (داعش أو القاعدة أو الإخوان)، وأرجح أن المسؤول هو تنظيم داعش لعنهم الله! مع العلم أن تنظيم داعش في الأساس وُلد من رحم القاعدة، وأن المتطرفين الذين بايعوا داعش في سيناء، هم عبارة عن جماعات إرهابية صغيرة تشكلت على يد حماس والإخوان في أثناء العام الذي قضوه في حكم مصر.  

أصبح أمام المصريين الآن تحدي جديد وهو مواجهة الإرهاب باستخدام حقهم في الممارسة الديمقراطية والمشاركة بكثافة في الانتخابات الرئاسية التي ستجري خلال الأيام التالية، وليس فقط من خلال الحرب الشاملة التي تقوم بها القوات المسلحة حالياً في سيناء، حيث أن الحفاظ على استقرار الدولة الوطنية في مصر ومواصلة مسيرة التطور الديمقراطي في التقدم هو أبلغ وأنجع رد على الإرهاب وداعميه.

Friday, March 23, 2018

إنعكاسات قرارات ترامب الأخيرة على الشرق الأوسط وبداية النهاية لجماعة الإخوان المسلمين



يبدو من المشهد الحالي، أن العام الأول للرئيس الأمريكي ترامب كان هو عام تثبيت قواعده في الحكم في مواجهة الدولة العميقة داخل أمريكا والتي حاولت السيطرة عليه وعلى قراراته، لتستمر أمريكا في اتباع نفس السياسات التي أرساها الرئيس السابق أوباما وحزبه الديمقراطي، خصوصاً فيما يتعلق بملف الشرق الأوسط، الذي يشكل بالنسبة له أهمية كبيرة في تحقيق التنمية الاقتصادية والأمن والاستقرار داخل أمريكا. 

حيث يعلم ترامب جيداً أنه لن يستطيع تحقيق شعاره "أن نجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، دون استثمارات الخليج العربي وعمل شراكات اقتصادية مستقرة وطويلة الأمد مع الدول العربية الثرية، ويعلم أيضاً أنه لن يتحقق الأمن داخل أمريكا بينما جماعات الإسلام السياسي والتنظيمات الإرهابية حرة طليقة في ربوع الشرق الأوسط. 

وما أن أستقر ترامب، وبدأ عامه الثاني في الحكم، بدأنا نرى شواهد تقول بأنه مقبل على تنفيذ وعوده الانتخابية بشأن هذين الملفين: الملف الاقتصادي والملف الأمني، مع الأخذ في الاعتبار بتأثر وتأثير الشرق الأوسط عليهما، وهو الآن يتخذ خطوات غير متوقعة لتغيير دوائر صناعة القرار حوله بما يتفق مع سياسته ويعينه على تنفيذ قراراته في مواجهة الدولة العميقة، بدءاً بتعيين وزير الخارجية الجديد مايك بومبيو، ثم تعيين المحنكة جينا هاسبل رئيسة المخابرات، وأخيراً تعيين جون بولتون المحامي والدبلوماسي الأمريكي الذي يلقبونه بـ "الصقر" في منصب مستشار الأمن القومي.

العامل المشترك بين القيادات الجديدة التي يقوم ترامب بتعيينها الآن هو خبرتهم الطويلة في التعامل مع الشرق الأوسط، ولكل منهم تاريخ حافل في محاربة الجماعات الإرهابية في المنطقة، وكلهم لهم موقف رافض تماماً لجماعات الإسلام السياسي، واتخذوا مواقف معلنة تجاه جماعة الإخوان المسلمين تحديداً داخل أمريكا وفي الشرق الأوسط. 

ولم يكن مستغرباً أن رأينا منظمات الإخوان داخل أمريكا تصدر بيانات صحفية وتشن حملات إعلامية ضارية على كل منهم عقب تعيينه، فقد أصدرت مؤسسة كير على سبيل المثال بيانات تدين بومبيو عقب تعيينه، وبيان أخر يدين جون بولتون بالأمس، تحمل نفس الاتهام وهو وصفهما بأنهما مرضى بالخوف من الإسلام والمسلمين "الإسلاموفوبيا"، وهذا تعبير أجوف في رأيي بعيد تماماً عن الواقع، لكن دأب الإخوان على استخدامه ضد كل من يحاول التصدي لهم في الدول الغربية، واستخدموه ضد ترامب نفسه.

أنعكست هذه التغيرات بشكل ملحوظ على جماعات الإسلام السياسي، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وأيضاً على مواقف الدول التي تقف وراءها وتدعمها منذ زمن، وعلى رأسها قطر وتركيا، فقد رأينا قطر بقدرة قادر تصدر لائحة للإرهاب تدرج فيها عدداً من التنظيمات الإرهابية في محاولة لتبييض سجلها الأسود في دعم الإرهاب مادياً وسياسياً. 

وقد رأينا ظهور هزيل لمظاهرات جماعة الإخوان في أثناء تصويت المصريين في الخارج في الانتخابات الرئاسية التي تجري الآن، بواقع ثلاثة أشخاص في نيويورك وخمسة عشر شخصاً في لندن، وهذا يدل على ضعفهم التنظيمي الذي يدل بدوره على إنقطاع مصادر التمويل القطري والتركي عنهم، وخوفهم الشديد من التغيرات القيادية الجديدة التي يقوم بها ترامب. 

أعتقد أن العام الجاري سيكون هو عام الحسم بالنسبة لموقف أمريكا من جماعة الإخوان المسلمين، وأتوقع إنه ربما بنهاية هذا العام نرى تحركات وقرارات من الإدارة الأمريكية تقضي تماماً على التواجد الرسمي للإخوان داخل أمريكا، وربما أيضاً يتم إدراجهم على قوائم الإرهاب التي تصدر عن الخارجية الأمريكية نهاية العام الجاري. 

لكننا، في الشرق الأوسط، ما زلنا بحاجة إلى نشاط دبلوماسي واسع ومكثف من جانب مصر والسعودية والإمارات داخل أمريكا، الفترة القادمة، لنتأكد من الوصول لهذه النتيجة التي نسعى لها منذ سنوات، وأيضاً من أجل ضمان عدم استخدام قطر لقوتها الاقتصادية في التأثير على أمريكا من جديد لصالح الإخوان، فبرغم حالة الوهن الاقتصادي التي تعاني منها قطر الآن بسبب المقاطعة الدبلوماسية من جانب الرباعي العربي، إلا أن أسرة تميم مستعدة أن تبذل كل غال للحفاظ على بقاءهم في الحكم، حتى لو على حساب الشعب القطري.