Wednesday, March 31, 2021

ثلاث حقائق أثبتتها أزمة قناة السويس عن مصر

 


"عودة الملاحة في قناة السويس" هكذا أعلنت هيئة قناة السويس المصرية في ٢٩ مارس، مخلفة شعور بالارتياح والسعادة في قلوب المراقبين حول العالم الذين كانوا ينتظرون عودة القناة للعمل بفارغ صبر. طوال ستة أيام، منذ يوم الثلاثاء ٢٣ مارس، تعرضت قناة السويس بشرق مصر للإغلاق بسبب سفينة حاويات عملاقة انحرفت عن مسارها وجنحت على ضفتي القناة. تسبب الحادث في ازدحام مروري بحري أدى إلى توقف أكثر من ٣٠٠ سفينة شحن لم تستطع المرور بين البحر الأحمر والبحر المتوسط.


خلف انسداد قناة السويس، التي تعد أسرع طرق الشحن وأكثرها أمانًا بين آسيا وأوروبا، إلى حالة شلل كارثي في التجارة العالمية. على سبيل المثال، في اليوم الثالث لحصار قناة السويس، ارتفعت أسعار النفط في جميع أنحاء العالم بنسبة ٤٪، ثم انخفضت الأسعار فور إعادة تعويم السفينة الجانحة في اليوم السادس. تمثل عمليات نقل البترول والنفط الخام حوالي ١٦٪ من إجمالي البضائع المنقولة عبر قناة السويس، والتي يمر من خلالها حوالي ١٢٪ من إجمالي حجم التجارة العالمية، كما يمر حوالي ٣٠٪ من حركة الشحن البحري العالمية عبر قناة السويس.


وتوقع الخبراء أن تستغرق عملية تعويم السفينة الجانحة، أسابيع أو شهور حتى تكتمل بنجاح، نظراً لكونها عملية معقدة وحساسة للغاية. لكن المهندسين والملاحين المصريين تمكنوا من إنجازه في غضون ستة أيام فقط، مما يثبت مرة أخرى أن المصريين يمكنهم فعل المستحيل. إنه إنجاز لا يقل في نتيجته وأهميته عن واقعة تأميم قناة السويس على يد الرئيس السابق جمال عبد الناصر عام ١٩٥٦، أو حفر قناة السويس بواسطة آلاف العمال المصريين عام ١٨٦٩.


إن ما جعل نجاح المصريين في إعادة فتح قناة السويس أمراً ملهمًا، هو أنه جاء في وقت كانت فيه مصر تعاني من سلسلة من الحوادث الخطيرة التي تسببت في خسائر في الأرواح، وأثارت مشاعر خيبة الأمل والتشاؤم لدى الشعب المصري، وتركت عبئاً ثقيلاً على كاهل الدولة المصرية. بعد يومين من جنوح السفينة العالقة في قناة السويس، أي يوم الجمعة ٢٦ مارس، اصطدم قطاران خارج قرية صغيرة بمحافظة سوهاج، مما أدى إلى أضرار جسيمة خلفت ١٩ قتيلاً و١٨٥ جريحًا بحسب الإحصاءات الرسمية لوزارة الصحة، وفي اليوم التالي مباشرةً، يوم ٢٧ مارس، انهار مبنى من عشرة طوابق يسكنه أكثر من مائة شخص في حي جسر السويس شرق القاهرة بشكل مفاجئ وقت الفجر، مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من المواطنين تحت الأنقاض.


ومع ذلك، فإن المآسي التي مرت بها مصر خلال الأسبوع الماضي جاءت لتثبت ثلاث حقائق مهمة عن مصر الحديثة. أولاً، أثبتت أن مصر لا تزال من أهم دول العالم وأن أمنها واستقرارها ضمان لأمن واستقرار العالم أجمع. هذا ببساطة يدحض الادعاءات التي أثارها بعض الصحفيين والباحثين المتحيزين، في وسائل الإعلام الغربية ومراكز الفكر، بأن مصر لم تعد شريكًا مهمًا لأوروبا أو الولايات المتحدة. ثانيًا، المجهود الخارق الذي بذله الملاحون وخبراء الملاحة المصريون لحل أزمة قناة السويس في أقل من أسبوع هو دليل على أن المصريين ما زالوا قادرين على فعل المستحيل إذا أرادوا. ثالثًا، ولعلها النقطة الأهم، أن سلسلة الأزمات التي حدثت الأسبوع الماضي في مصر قد أظهرت ببساطة كيف يتصرف الشعب المصري والدولة كيد واحدة، على الرغم من كل المحاولات اليائسة من قبل آلة الدعاية الإخوانية لاستغلال الأزمات لتأجيج الغضب العام ضد الدولة والرئيس المصري، على خلفية الأحداث التي وقعت.