Monday, March 29, 2021

مصر تواجه لعنة الفراعنة أم مؤامرة إخوانية؟


شهدت مصر في الأسبوع الأخير من شهر مارس سلسلة من الحوادث الخطيرة التي تسببت في خسائر في الأرواح، وأثارت مشاعر الإحباط والتشاؤم في نفوس المصريين، وخلفت عبئًا ثقيلًا على كاهل الدولة المصرية.

بدأت المآسي يوم الثلاثاء ٢٣ مارس، عندما أغلقت سفينة حاويات عملاقة قناة السويس، شرق مصر، بعد أن انحرفت عن مسارها وجنحت على ضفتي القناة. تسبب الحادث في ازدحام مروري في البحر الأحمر، ترتب عليه منع أكثر من ثلاثمائة سفينة شحن من المرور بين البحر الأحمر والبحر المتوسط. إن انسداد قناة السويس بهذا الشكل هو أمر كارثي على العالم كله، حيث أن قناة السويس هي أسرع طرق الشحن وأكثرها أمانًا بين آسيا وأوروبا، ويمر منها سنوياً حوالي ٣٠٪ من حجم البضائع العالمية المنقولة بحراً، وتمثل عمليات نقل البترول والنفط الخام حوالي ١٦٪ من إجمالي البضائع المنقولة عبر قناة السويس، حتى أنه في اليوم الثالث من توقف القناة، ارتفعت أسعار النفط عالمياً بنسبة ٤٪، وتوقع خبراء أيضًا أنه في حالة استمرار التوقف لأكثر من شهر، قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار سلع مهمة أخرى.

قبل أن تفيق الحكومة المصرية من كارثة انسداد القناة، وبينما انشغلت هيئة قناة السويس بالتعاون مع أطراف دولية أخرى، بإعادة تعويم السفينة العالقة والسماح باستئناف تدفق حركة التجارة العالمية، وقع حادث مروع في محافظة سوهاج جنوب مصر، حيث اصطدم قطاران في سوهاج، صباح يوم الجمعة ٢٦ مارس، مما تسبب في أضرار جسيمة للقطارين أدت إلى وفاة ١٩ شخص وإصابة ١٨٥آخرين بجراح متباينة من حيث شدتها. وقبل أن تحصل الحكومة على الوقت الكافي للتعامل مع تداعيات حادثة سوهاج، انهار مبنى سكني مكون من عشرة طوابق، يسكنه أكثر من مائة شخص، في حي جسر السويس شرق القاهرة، صباح يوم السبت ٢٧ مارس، وتقوم قوات الحماية المدنية منذ ذلك الحين بالبحث عن جثث الضحايا تحت الأنقاض.

في محاولة لاستيعاب ما يجري، لجأ المصريون المصابون بالصدمة والحيرة إلى تبني إحدى نظريتين. تستند النظرية الأولى إلى الاعتقاد القديم بأن الفراعنة المتوفين يمكنهم أن يلعنوا البشر الأحياء الذين يعبثون بجثمانهم، نظراً لما لديهم من قدرات سحرية خارقة، وهو أمر يؤمن به الكثير من المصريين وغير المصريين، وتفترض هذه النظرية أن مصر تتعرض للعنة ما على يد ملوك الفراعنة الذين من المقرر أن تقوم الحكومة بنقل جثمانهم المحنطة في شكل مومياوات، من المتحف القديم بميدان التحرير وسط القاهرة إلى المتحف القومي الجديد بالقرب من الأهرامات في الجيزة، في موكب ملكي واحتفال مهيب، أوائل شهر أبريل.

أما النظرية الأخرى، والغريب أن بعض الكتاب المصريين البارزين قد تبنوها، فهي تفترض أن الحوادث التي وقعت قد تم ارتكابها بفعل فاعل، وبشكل متعمد، ولم تحدث صدفة، وأن من قام بها هم عناصر إرهابية من جماعة الإخوان المسلمين، في محاولة منهم لإرباك الدولة وتأجيج الغضب الشعبي تجاه الحكومة، انتقاماً لما أقدمت عليه مصر مؤخراً من تقارب مع تركيا، ونتج عنه تهديد استقرار قيادات الإخوان المسلمين المقيمين في تركيا ودول أخرى. يعزز هذه النظرية حقيقة أن قيادات الإخوان وأنصارهم في الخارج قد أطلقوا حملة ضخمة على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات الإخبارية التي يمتلكونها باللغات العربية والأجنبية ضد الدولة المصرية والرئيس السيسي، على خلفية وقوع هذه الحوادث.

لكن على الجانب الإيجابي من المأساة، تلقت مصر رسائل دعم وتعازي من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك من قطر وتركيا، الذين تقربوا من مصر مؤخراً للتصالح معها بعد سنوات من الصراعات السياسية والمقاطعة الدبلوماسية. أيضًا، عرضت بعض الدول ذات الخبرة البحرية مساعدة مصر في نقل السفينة العالقة، بما في ذلك تركيا والولايات المتحدة، والمملكة السعودية. 

سواء كان السبب في المحنة التي تمر بها مصر الآن هو لعنة الفراعنة أو مؤامرة إخوانية، ستحل المشاكل عاجلاً أو أجلاً وستتعافى مصر وتصبح أقوى بما اكتسبته من خبرة في مواجهة هذه التحديات الصعبة، وما استخلصته من دروس وما اختبرته من علاقات بينها وبين دول العالم. كما يقول المثل المصري، فإن الأوقات الصعبة هي الأوقات المثالية للتعرف على قدراتك واحتياجاتك وإعادة تقييم علاقاتك مع الآخرين.