أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، في بيان مصور، مطلع شهر أبريل، أن وزارة الخارجية الأمريكية ستحتفل بشهر أبريل باعتباره شهر التراث العربي الأمريكي، حيث قال برايس إن "الولايات المتحدة هي موطن لأكثر من ٣,٥ مليون أمريكي من أصل عربي يمثلون مجموعة متنوعة من الثقافات والتقاليد". على الرغم من هذا الاحتفاء المهم من قبل وزارة الخارجية وبعض الولايات الأمريكية، بشكل منفصل، بشهر التراث العربي، فإن النظام الفيدرالي الأمريكي ككل لم يعترف رسميًا بالحدث، حتى الآن، وهو أمر تضغط من أجله جماعات المناصرة ومنظمات المجتمع المدني في أمريكا منذ سنوات طويلة، للاعتراف بتأثير العرب وإنجازاتهم في المجتمع الأمريكي.
كان استيعاب الأمريكيين من أصول عربية وإسلامية عنصرًا مهمًا على جدول أعمال حملة بايدن-هاريس الانتخابية. على عكس سلفه، دونالد ترامب، أظهر جوزيف بايدن اهتمامًا أكبر بالثقافة العربية الإسلامية، واعتبرها جزء من الثقافة الأمريكية. في عام ٢٠٢٠، قدمت حملة بايدن-هاريس الانتخابية مقترح لخطة شراكة بين جو بايدن، عندما يصبح رئيساً، والمجتمع العربي داخل أمريكا. في هذا المقترح، تعهد بايدن بمحاربة التعصب ضد العرب و"تبني مشاركة الأمريكيين العرب في حملته الانتخابية وإشراك العرب الأمريكيين في العمل في مكاتب مختلفة داخل إدارته". كما وعدت الحملة بمراجعة القرارات التي اتخذتها إدارة ترامب والتي تضر بمصالح العرب سواء المسافرين إلى الولايات المتحدة أو المقيمين فيها، بما في ذلك مراجعة عمليات "قائمة المراقبة" و "قائمة حظر الطيران" الخاصة بوزارة الأمن الداخلي.
على الرغم من العدد المحدود للغاية للعرب والمسلمين ككتلة انتخابية، فإن هذا النهج الذكي من جانب حملة بايدن-هاريس تجاه المجتمع العربي والإسلامي قد لعب دورًا ملموسًا في فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية، في نوفمبر الماضي. من ناحية، سلط هذا التحرك الضوء على التناقض الكبير بين سياسة بايدن المتسامحة تجاه كل الأعراق، ضد سياسة ترامب التمييزية، وقد اجتذب ذلك الكثير من الناخبين من أصول عرقية مختلفة، وليس العرب فقط، الذين شعروا بالقمع في ظل إدارة ترامب. من ناحية أخرى، فإن الوزن الفعلي للناخبين الأمريكيين العرب والمسلمين الأمريكيين يتجاوز نسبتهم البالغة ١٪ من إجمالي السكان الأمريكيين، حيث يتضاعف تأثيرهم الفعلي من خلال عدد المجموعات الشبابية الأمريكية التي هم أعضاء نشطون فيها، وأيضاً المجتمعات العرقية المتنوعة التي ينتمون لها.
وفقًا لمركز بيو للأبحاث، فإن المواطنين البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين ١٨ و٣٩ عامًا، أي في سن الشباب، يشكلون ٦٠٪ من الأمريكيين المسلمين، مقارنة بـ ٣٨٪ من إجمالي السكان البالغين في الولايات المتحدة ككل. وفقًا لإحصاءات معهد سياسات الهجرة، فقد هاجر العرب إلى أمريكا، منذ القرن التاسع عشر، من ٢٢ دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي إحصائية أخرى لمركز بيو، فإن غالبية المسلمين الأمريكيين هم من أصول عربية. ومن المعروف أن المسلمين يشكلون الغالبية العظمى من سكان منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك الدول العربية وغير العربية، مثل إيران وتركيا. حتى في إسرائيل العبرية، يمثل العرب ٢١٪ من السكان، وفقًا لمكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي.
في الشرق الأوسط، تعلو الآمال في أن يساهم هذا القرار الذي اتخذته وزارة الخارجية الأمريكية للاحتفال بالثقافة العربية في إذابة كتل الجليد المتنامية حاليًا بين قادة منطقة الشرق الأوسط وإدارة بايدن. من المفارقات، أن إدارة ترامب التي شجعت سياساتها على التمييز ضد العرب والمسلمين داخل الولايات المتحدة، كانت أنجح إدارة أمريكية في احتواء واستيعاب الأنظمة الحاكمة في الشرق الأوسط. على النقيض من ذلك، فإن إدارة بايدن التي تبذل جهدًا هائلاً في إرضاء العرب والمسلمين داخل الولايات المتحدة، تتخذ موقفًا شبه عدائي تجاه الأنظمة الحاكمة في منطقة الشرق الأوسط، سواء العربية أو غير العربية. يجب على إدارة بايدن الحذر من أن غياب التوازن في مواقفها تجاه العرب، في الداخل والخارج، قد يفتح الباب مرة ثانية لتيارات الإسلام السياسي، الذين يحتلون مساحة كبيرة في داخل المجتمع المدني الأمريكي، لاستغلال الموقف من أجل الترويج لخطابهم المتطرف، والذي يحمل في جزء كبير منه عداء واضح تجاه أمريكا ومثلها العليا مثل الليبرالية والديمقراطية.