Wednesday, June 13, 2018

عن موقف شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب تجاه الليبرالية والديمقراطية وحقوق الإنسان

داليا زيادة و الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر
فيديو: تعليق على انتقاد فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب لقيم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان

تناول فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف في كلمته التي ألقاها في إحتفالية وزارة الأوقاف بمناسبة ليلة القدر، أمس، قضايا الديمقراطية والليبرالية وحقوق الإنسان بكثير من الهجوم، باعتبارها من وجهة نظره أحد معالم الحداثة الغربية التي أتت لهدم الدين الإسلامي وثقافة الشرق. 

وقد وجدتني مضطرة أن أدافع عن القيم السامية التي آمنت بها وعملت في الدعوة لها على مستوى العالم طيلة أثني عشر عاماً أو يزيد، فقد أزعجني كثيراً أن يخرج هذا الهجوم على الديمقراطية والليبرالية وحقوق الإنسان عن هذا الفيلسوف الطيب فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، ليس لأنه شيخاً للازهر فحسب، ولكن أيضاً لأنه فيلسوف قبل أن يكون شيخاً، هو عالم متفتح وأستاذ جامعي اختلط بالغرب وعاش فيه، ولم يحدث أبداً أن صدر عنه على طول تاريخه - أطال الله عمره - ما يوحي بجمود الفكر أو التعصب الديني، بل على العكس تماماً! 

فما زلت أذكر أني كنت أعتمد على ما كان يقوله الدكتور أحمد الطيب من أراء وأفكار عبر لقاءات كانت تذاع له عبر التليفزيون المصري، في العقد الأول من الألفينات عندما كان رئيساً لجامعة الأزهر، وكنت أستخدم هذه الأفكار، وكأني وقعت على كنز وقتها، في مخاطبة الطلاب المسلمين في الجامعات الأمريكية التي كنت أحاضر بها آنذاك ضمن أنشطة المنظمة الإسلامية التي كنت أعمل بها في واشنطن الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت هذه المحاضرات تستهدف مساعدة الشباب المسلمين - خصوصاً طلاب الجامعات - في داخل أمريكا على تحقيق التوازن الداخلي بين متطلبات مجتمعهم الغربي الحديث وبين متطلبات دينهم، بما يقيهم الوقوع في براثن التنظيمات الجهادية وجماعة الإخوان.  

كما أذكر أني بين عامي 2009 و 2010 بعدما أسست المكتب الأقليمي للمنظمة في القاهرة، أننا كنا نتعاون مع الرابطة العالمية لخريجي الأزهر، التي أسسها فضيلة الإمام أحمد الطيب بنفسه، كوسيلة للتواصل مع العالم من خلال الأزهر، وعقدنا كثير من المحاضرات مع الرابطة في هذا الشأن حول الحريات المدنية وحقوق الإنسان والحوار بين الشرق والغرب والمسلمين وغير المسلمين في العالم. 

حتى على المستوى الشخصي، فقد كان للفيلسوف أحمد الطيب - كما أحب أن أسميه - بسماحته كعالم دين وتأملاته العبقرية كفيلسوف ومفكر، كان له الفضل في أن صالحني على نفسي بعد سنوات كنت أعاني فيها من تمزق داخلي لا أريد سرد تفاصيله وأسبابه هنا. 

كل هذا يجعلني أقف الآن في حالة ذهول، كيف لهذا العالم المتنور والفيلسوف الذي أبهر عقلي وأسر قلبي منذ سنوات، أن يتحول الآن إلى هذا الهجوم الصادم على مظاهر الليبرالية والحداثة ومنها حقوق الإنسان بهذا الشكل؟ ماذا حدث للفيلسوف الذي أحببته بداخلك يا فضيلة الإمام؟! 

أتفهم أنه ربما يكون فضيلة الإمام الأكبر غاضباً تجاه المدعين الذين يستخدمون الحرية كستار لهدم الدين ومهاجمة المسلمين، والتجروء على ذات الله سبحانه وتعالى، لكن كيف لا يعلم فضيلة الإمام أحمد الطيب أن هؤلاء، وإن أسموا أنفسهم حقوقيين أو متنورين فإنهم لا يمثلون الليبرالية ولا الحداثة في شيء، بل إني أسميهم المتطرفين الليبرالين، تماماً مثلما أن هناك متطرفين إسلاميين يسيئون بأفعالهم للدين الإسلامي الحنيف وقيمه الإلهية العظيمة، هناك أيضاً بين الليبرالين ودعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان بعض المتطرفين، وهم لا يمثلون غالبية المعتدلين من دعاة حقوق الإنسان والديمقراطية، ونحن براء منهم.  

أحاول في هذا الفيديو أن أشرح وجهة نظري بالتفصيل في هذا التصادم المزعوم بين الدين ومظاهر الحداثة من ليبرالية وديمقراطية وحقوق الإنسان، معتمدة في الحقيقة على أفكار تعلمتها من الدكتور أحمد الطيب نفسه قبل أن يتغير موقفه الآن! 

وأتمنى أن يبادر فضيلة الإمام الأكبر - حسب ما اقترحت في الفيديو - لإصلاح هذا الصدع بين دعاة الدين الإسلامي ودعاة الحرية والديمقراطية، فليس منطقياً أن يتعاون تجار الدين وتجار حقوق الإنسان على ضرب مصالحنا، بينما نحن - الفريق المعتدل على الجانبين - نهاجم بعضنا بعضاً بهذه الطريقة.