هذا حوار صحفي أجرته جريدة الوطن معي وتم نشره اليوم، وقد تناولت فيه عدة قضايا منها:
- تعليقي على خطاب تنصيب الرئيس السيسي وأهم ما حمله من رسائل
- كيف نفعل دور الأزهر الشريف والمجلس القومي لحقوق الإنسان للتصدى لمن وصفهم الرئيس بالمتاجرين بالدين والمتاجرين بحقوق الإنسان في العالم
- الجدوى من إنشاء وزارة حقوق الإنسان مقارنة بتجربتنا السابقة مع وزارة العدالة الانتقالية
- مستقبل جماعة الإخوان المسلمين في أمريكا والعالم بعد تنصيب بومبيو وزيراً للخارجية الأمريكية
- أحدث مجهودات المركز في مسألة إدراج الإخوان كتنظيم إرهابي دولياً
وهذا نص الحوار وأتمنى أن تجدونه مفيداً:
أكدت داليا زيادة، مدير المركز المصري لدراسات الديمقراطية الحرة، أن مصر انتقلت من مرحلة التحول الديمقراطى لدولة ديمقراطية حقيقية، وقالت في حوار لـ«الوطن» إنه ينبغى على مؤسسة الأزهر والمجلس القومى لحقوق الإنسان، قيادة تحركات مشتركة على الساحة الدولية لمحاربة الإرهاب على مستوى العالم، لافتة إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية تتخبط بسبب انحسار التمويل القطرى والتركى، مُرجحة أن وزارة الخارجية الأمريكية ستعلن الجماعة كتنظيم إرهابى بنهاية العام الجارى.. وإلى نص الحوار:
بعد بدء الولاية الثانية للرئيس عبدالفتاح السيسى، أين تقف مصر الآن على مسار التحول الديمقراطى؟
- لقد كان مشهد حلف اليمين مشهداً مهيباً، برغم كل المعاناة، لقد فعلنا ما قالوا يوماً إنه مستحيل وهو أن تكون مصر دولة ديمقراطية مستقرة، وها نحن بعد عشر سنوات من المعاناة، فقد أعلنت مصر أنها انتقلت من مرحلة التحول الديمقراطى إلى مرحلة كونها دولة ديمقراطية حقيقية، وأصبح لدينا رئيسا منتخبا بإرادة شعبية حرة فى انتخابات نزيهة لم تأت بعد ثورة أو وفاة.
كيف قرأتِ رسائل الرئيس خلال مراسم حلف اليمين الدستورية؟
- أفضل ما يميز الرئيس السيسى فى كل خطاباته هو الصدق الشديد ووضوح الرؤية، وقد اتسم خطاب التنصيب بالمصارحة والشفافية الشديدة، لكن أهم ما استوقفنى فى الخطاب هو إشارة الرئيس إلى الحرب التى تخوضها مصر على جبهتين ضد «المتاجرين بالدين» من جهة، و«المتاجرين بالحرية والديمقراطية» من جهة أخرى، فقد أصاب الرئيس عين الحقيقة حين ساوى بينهما ووضعهما فى جملة واحدة.
وكيف تنجح الدولة فى هذه الحرب ضد المتاجرين بالدين، والمتاجرين بحقوق الإنسان؟
- إن النجاح فى هذه الحرب الشرسة يستلزم منّا أولاً فهم الأدوات التى يستخدمها أعداؤنا، وأهمها التستر وراء قيم دينية وإنسانية سامية الكل يحترمها ويسعى لتحقيقها من أجل ترويج أجندتهم، وتقديم أنفسهم للعالم على أنهم المتحدث الرسمى باسم هذه القيم، فمثلاً الإسلام كدين برىء تماماً من ممارسات الإرهابيين وجماعات الإسلام السياسى التى تقدم نفسها كوكيل لله سبحانه على الأرض، وحقوق الإنسان كقيمة بريئة تماماً من ممارسات أغلب المنظمات الدولية التى تقدم نفسها كمدافعين عن حقوق الإنسان، لقد قام أعداؤنا بتوظيف هاتين الآلتين (آلة الدين وآلة حقوق الإنسان) لضرب مصر، والسبيل الوحيد لصدهم والانتصار عليهم هو باستخدام نفس هذه الأدوات، والتعاون بين الأزهر والمجلس القومى لحقوق الإنسان.
لكن هل الأزهر والقومى لحقوق الإنسان جاهزان لخوض هذه الحرب دولياً؟ وهل يمكن حدوث تعاون بينهما؟
- ممكن طبعاً بكل تأكيد، بشرط أن يتوقف كل منهما عن النظر إلى الآخر على أنه عدو وليس عنصراً مكملاً له، خاصة أن الأزهر مؤسسة عالمية ذات مصداقية وتاريخ يتجاوز الألف عام، والمجتمع المدنى والحركة الحقوقية الرائدة فى مصر مرتبطة بالأزهر ارتباطاً وثيقاً منذ نشأتها فى القرن التاسع عشر، تصور مثلاً أن الإمام محمد عبده كان ناشطاً حقوقياً وأسس جمعية اسمها «المقاصد الخيرية» تضم أزهريين ومثقفين لمناقشة الحقوق المدنية والسياسية والقيام بأنشطة خيرية للمحتاجين، وهذا ما أهّل مصر لتكون شريكاً فى كتابة الإعلان العالمى لحقوق الإنسان مع بداية إنشاء الأمم المتحدة.
وعلى فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر أن يبادر هو نفسه باستعادة هذه الشراكة الهامة الغائبة بين الأزهر والمجتمع الحقوقى فى مصر، فليس منطقياً أن يعى أعداء مصر أهمية التضافر بين المتاجرين بالدين والمتاجرين بحقوق الإنسان، ويستخدمونهم ضدنا بهذا الشكل، بينما نحن نغفل عن خلق فرصة للتعاون بين أهل العلم والتخصص من دعاة الدين ودعاة حقوق الإنسان.
وما رأيك فى مطالب استحداث وزارة لحقوق الإنسان؟
- أعتقد أن مصر ليست مؤهلة لهذه الخطوة الآن، نحن بحاجة أولاً لتوسيع دائرة المجتمع الحقوقى الوطنى ونفض الشوائب التى لحقت به فى مرحلة ما قبل ثورة يناير من تفكك وتسييس، وبالتوازى مع ذلك يتم إعادة تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان ليضم ذوى الخبرة والكفاءة وأهل التخصص فقط، ممن لديهم قدرات على الاتصال بالعالم والتأثير الإيجابى، ثم بعد ذلك نكون جاهزين لإنشاء هذه الوزارة، وتشكيل أى وزارة من هذا النوع قبل وضع لبنات الأساس السليم للعمل الحقوقى ستكون وزارة شكلية ليس ذات تأثير فى الواقع، مثلما كانت وزارة العدالة الانتقالية التى أقيمت بعد ثورة 30 يونيو مثلاً.
أين تري جماعة الإخوان الإرهابية على الخريطة السياسية اليوم؟
- الإخوان الآن فى أضعف حالاتهم، مشتتون فى الأرض، ومنقسمون على بعضهم البعض، ومصادر تمويلهم من تركيا وقطر تتقلص بشدة، بسبب انهيار الاقتصاد فى كلتا الدولتين، ولعل ذلك نتيجة إيجابية مباشرة للمقاطعة الدبلوماسية التى قام بها الرباعى العربى ضد قطر، ولهذا أعتقد أن هناك ارتباطاً ما بين حالة الضعف الاقتصادى لقطر وانهيار جماعة الإخوان وتنظيم داعش فى الفترة الأخيرة، فلم تعد قطر قادرة على الاستمرار فى الشراء من داعش، ولا تمويل الإخوان، خصوصاً الهاربين منهم.
وأين وصلت جهود مركزكم لإعلان الإخوان جماعة إرهابية فى الولايات المتحدة؟
- ما زلنا نضغط داخل دوائر صناعة القرار الأمريكية بما لدينا من تقارير توثّق جرائمهم فى مصر عقب ثورة يونيو 2013، لإعلانهم تنظيماً إرهابياً، وأنا متفائلة أنه بنهاية العام الجارى قد تقوم الخارجية الأمريكية بإعلان الجماعة تنظيماً إرهابياً بالفعل، وتبشر كل المقدمات الحالية بذلك، كما نقوم بحملة موسعة داخل الأمم المتحدة لملاحقة وكشف المنظمات الحقوقية التى تستغل حقوق الإنسان لدعم التنظيمات الإرهابية والترويج لجماعات الإسلام السياسى، والطريف أننا اكتشفنا أن هذه المنظمات تتلقى تمويلاً من قطر وتركيا أيضاً مثلها فى ذلك، مثل التنظيمات الإرهابية التى تدعمها.