ربما أكون ضحية لـ "العبط التاريخي" كما يقول البعض، فقد أكتشفت مؤخرا أني أعيش حياتي بالكامل "بين بين" أو بمعنى آخر أكثر وضوحا، حياتي كلها عبارة عن طريقين متوازيين و أنا في الوسط بينهما، و السبب ببساطة هو فشلي الرهيب في حسم كل الأمور في حياتي – أقصد كل الأمور حرفيا – فلا عجب و لا دهشة!!
أكتشفت تلك الحقيقة من خلال لعبة على الإنترنت، مجموعة من الأسئلة تتعرف من خلالها أين ستذهب بعد موتك، و جاءت النتيجة أنني سأبقى في منطقة الأعراف، و هم أولئك الذين لن يدخلوا الجنة لكنهم أيضا لن يدخلوا النار! إنهم الأشخاص الذين أرتكبوا من الأخطاء ما يساوي ما قدموه من أعمال طيبة. لا أخفي عليكم أني انزعجت لتلك النتيجة جدا، ليس لأني أصدق اللعبة. بالعكس أنا أوقن تمام اليقين أن الله لن يخذلني و ستشملني رحمته و أدخل الجنة إن شاء الله، فهو سبحانه يقول "أنا عند ظن عبدي بي" و في رواية أخرى "أنا عند حسن ظن عبدي بي" ... ما علينا خلوني أكملكم...
كانت هذه اللعبة بمثابة زر التشغيل في الدي في دي الخاص بحياتي، و يبدو أني دون أن أدري قد ضغطت عليه فعُرضت حياتي بالكامل أمام عيوني فجأة ... صدمتي الفعلية جاءت من حقيقة أني اكتشفت أني اعيش الحياة بالكامل بهذه الصورة، منذ ولدت و حتى اليوم، كل ما يشغلني في المقام الأول هو إرضاء الأخرين – إرضاء جميع الأطراف – على اختلاف توجهاتهم، كثيرا ما ذهبت يمينا مع شخص ثم عدت يسارا في نفس اللحظة لإرضاء شخص أخر، دون أن يكون لي أدنى قرار في الموضوع... ألهذا الحد أنا مسلوبة الإرادة؟ لا أعتقد.. فحياتي مليئية بالكثير و الكثير من المواقف التي اتخذت فيها قرارات أفضت إلى نجاحات عظيمة على المستوى الشخصي و على مستوى العمل أيضا.. لكن ما حل المشكلة؟
يقولون أن الإحساس بالمشكة هو أولى الطرق لحلها و أن الطريق الثاني هو التعرف على المشكلة و من ثم القضاء عليها... فها أنا أحسست بالمشكلة و سأكتفي بهذا، لن أمر بالخطوة الثانية و هي التعرف على المشكلة و التعمق فيها و لكني أفضل أن أنطلق فورا نحو الهدف ... سأعمل على حل المشكلة، ربما أكون قد تأخرت في إدراكها! لكن إدراكها الآن على أي حال أفضل من إدراكها غدا.. سيكون اليوم، يومي هذا هو البداية ؛ بداية حسم كل الأمور المعلقة في حياتي، و سيكون عامي هذا هو عام "الحسم" في حياتي!
لا يهم إن كان الطريق الذي سأختاره خيرا أم شرا في نظر الآخرين، بل سيكون معياري الأوحد في الحكم على الأشياء و حسم القرارات هو مقدار احتياجي لهذا الشيء أو ذاك، و كذلك مقدار الفائدة المعنوية أو المادية التي ستعود علي منه.
أعرف أن كثيرا سيتألمون (أو ربما هكذا أعتقد) حين أتخذ قرارات لا تتفق مع هواهم، لكني لن أهتم لأمر أحد بعد اليوم، لأنهم جميعا لم يتخذوا أبدا أي قرار في حياتهم بناءا على ما يرضيني أنا... فمن يرغب في الإبقاء علي في حياته فأهلا به، و من لا يرغب لن يعنيني بعد اليوم في شيء.
و ها قد بدأ عام "الحسم"!