إن التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة كثروة وليس عبء، كان تحدي كبير أمام دولة الرئيس السيسي، والتي استطاعت في زمن قياسي تحقيق أقصى استفادة من قدرات المواطنين المعاقين وتغيير نظرة المجتمع لهم، بشكل لم تفلح فيه بعض الدول الأكثر تقدماً في العالم.
وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فإن حوالي تسعة بالمائة من سكان مصر (أكثر من ١٠ ملايين شخص) هم من الأشخاص ذوي الإعاقة، وحسب شعبة الإحصاءات التابعة لإدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة، فإن الرجال يشكلون غالبية المعاقين في مصر بنسبة ٥٣٪، والنسبة الأعلى من أشكال الإعاقة هو الإعاقة الحركية، يليها الإعاقة البصرية والسمعية. كما تُعد عائلات الأشخاص ذوي الإعاقة فئة متأثرة بشكل غير مباشر بإعاقة أحد أفراد أسرتهم، لا سيما لو كان الأب أو العائل، بما يعني أن النسبة الحقيقية المتأثرة بالإعاقة في مصر هي أضعاف الإحصاءات الرسمية للمعاقين.
لعقود طويلة، كانت هذه النسبة الضخمة من المصريين الذين يعانون من الإعاقة بأشكالها ودرجاتها المختلفة، وكذلك المتأثرين بها بشكل غير مباشر، يتعرضون لظلم كبير بسبب تقصير الدولة وعدم وعي المجتمع. فقد كان التنمر على الأشخاص ذوي الإعاقة ممارسة شائعة في المدارس وأماكن العمل وحتى المكاتب الحكومية، ولم يكن هناك أي قانون أو حتى أداة ردع مجتمعية تمنع هذه الممارسات المرفوضة. كما كانت العديد من العائلات، سواء في المدينة أو الريف، تتعامل مع وجود شخص معاك في الأسرة كأنه وصمة تحرض على إخفاءها عن الجيران والمجتمع المحيط، لدرجة كانت أحياناً تؤدي إلى حرمان الشخص المعاق من تلقي الرعاية الطبية اللازمة وفقاً لحالته.
وعلى مستوى الدولة، لم تكن الأمور أفضل من الشارع فيما يخص طريقة التعامل مع ذوي الإعاقة، حيث عادةً ما كان يُنظر إلى المواطنين ذوي الإعاقة على أنهم مشكلة خلفت عبئًا يصعب على الحكومة تحمله. التشريع الوحيد الذي تناول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، في الماضي كان هو قانون تأهيل المعوقين رقم ٣٩ لسنة ١٩٧٥، والذي صدر في عهد الرئيس السادات، ونص على تقديم الدولة لمعاش لكبار السن من المعاقين، وتخصيص نسبة ٢٪ للعاملين في القطاع الحكومي والخاص في المؤسسات والشركات التي يزيد عدد العاملين فيها عن ٥٠ موظف. في عام ١٩٨٢، في عهد الرئيس مبارك، تم تعديل قانون تأهيل المعوقين في القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٨٢، والذي أقر بزيادة نسبة العاملين إلى خمسة بالمائة. بخلاف ذلك، لم تكن هناك تشريعات أو مبادرات حكومية صادقة أو حقيقية لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة والاستفادة منهم.
فقط عندما تولى الرئيس السيسي الحكم، في عام ٢٠١٤، بدأت الدولة في اتخاذ خطوات حقيقية لتمكين ذوي الإعاقة من لعب دور مؤثر ومفيد للمجتمع ولمستقبل مصر وصورتها في العالم، حيث أعلن الرئيس السيسي أن حماية المواطنين ذوي الإعاقة وتمكينهم أمر أساسي في سياسته الاجتماعية. عندها فقط، بدأ ينظر إلى النسبة الهائلة من المصريين الذين يعانون من الإعاقة على أنهم ثروة وطنية وليسوا عبئًا لا تعرف الحكومة كيف تتحمله. وقد جاءت سياسة الرئيس السيسي في هذا الشأن متفقة مع نصوص دستور ٢٠١٤ الذي يلزم الدولة بحماية ودعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
تنص المادة ٨١ من الدستور المصري على أن "تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام صحيا واجتماعيا وثقافيا وترفيهيا ورياضيا وتعليميا وتوفير فرص العمل لهم مع تخصيص نسبه منها لهم وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم وممارستهم لجميع الحقوق السياسية ودمجهم مع غيرهم من المواطنين إعمالاً لمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص".
أحد الإحصائيات المثيرة للاهتمام في هذا الخصوص، والتي توضح مدى عظم التقدم الذي أحرزته مصر في تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أصدرها مركز تحليل السياسات العالمية، والذي أشار إلى أن مصر هي واحدة من بين ٣٢ دولة فقط حول العالم لديها تشريعات دستورية مفعلة لحماية حقوق المعاقين، وضمان إدماجهم في كافة مجالات النشاط الإنساني، بما في ذلك التمثيل السياسي. ولا تشمل البلدان المشار إليها، بعض الدول المتقدمة ديمقراطيًا مثل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يعاني ٦١ مليون مواطن بالغ فيها (حوالي ١٨٪ من السكان) من الإعاقة بدرجات وأشكال مختلفة، أو فرنسا حيث يمثل الأشخاص ذوو الإعاقة فيها نسبة ١٧٪ (بواقع ١٢ مليون مواطن).
في عام ٢٠١٨، وافق الرئيس السيسي على أول قانون مصري يقره البرلمان بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؛ القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠١٨، والذي تمت صياغته بالتوافق مع نصوص الدستور المصري واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي صدقت عليها مصر عام ٢٠٠٨، وفي نفس العام، تم إنشاء المجلس القوي للأشخاص ذوي الإعاقة ليحل محل المجلس القومي لشؤون الإعاقة، والذي لم يكن له تأثير يذكر في رعاية المعاقين أو تمكينهم طوال سنوات.
منذ ذلك الحين، أصبحت الدولة حريصة على إشراك المواطنين ذوي الإعاقة في جميع المجالات والأنشطة، بما في ذلك الوظائف الحكومية، والمناصب السياسية، بالإضافة إلى تشجيع أصحاب الأعمال في القطاع الخاص على مواكبة مجهودات الدولة في هذا الإطار. وقد اتخذ الرئيس السيسي بنفسه عدة مبادرات شخصية لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة والقضاء على الوصمة الاجتماعية التي تؤثر عليهم وعلى أسرهم. بفضل هذه المبادرات، نرى اليوم أشخاصًا من ذوي الإعاقة يقدمون برامج تلفزيونية، ويعملون كصحفيين، ويعملون كأعضاء في البرلمان، ويحصدون الجوائز والميداليات في مختلف الألعاب الرياضية.
غالبًا ما تجد الدولة المصرية نفسها تحت انتقاد شديد من المجتمع الدولي بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان. والحقيقة هي أن جزء كبير من استياء العالم من حالة حقوق الإنسان في مصر له علاقة بالتقارير المتحيزة حول هذه القضية في وسائل الإعلام الغربية، التي تركز فقط على القصور في مجال الحقوق السياسية، وهي مشكلة لا تنكرها القيادة السياسية الحالية للرئيس السيسي أو تتجاهلها، بل تحاول بصدق حلها. في المقابل، نادرًا ما يذكر الكتاب في الصحف الغربية، القفزات المثيرة للإعجاب التي حققتها الدولة المصرية في تحسين الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لجميع المواطنين. ومن هذه القفزات ما أنجزته مصر في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.