بينما نحن في انتظار نتائج الانتخابات النصفية في أمريكا، إليكم بعض النقاط بشأن ما تعنيه نتائج هذه الانتخابات بالنسبة لنا في مصر أو الشرق الأوسط، وتأثيرها على السياسة الدولية بشكل عام، باختصار شديد:
عندما تولى الرئيس ترامب الحكم في أمريكا، قبل عامين، ارتفعت آمال الزعماء العرب، والشعوب أيضاً، في أن خلفيته المحافظة وسياسة حزبه الجمهوري المتعصبة لليمين، سوف تضع حداً لانتشار ظاهرة الإسلام السياسي، التي كان يشجعها سلفه باراك أوباما بقوة كبديل لأنظمة الحكم الحالية، خصوصاً أن أحد أهم الوعود الانتخابية لترامب كانت التخلص من جماعة الإخوان المسلمين وإدراجها كتنظيم إرهابي، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن.
يسيطر الجمهوريون على الكونجرس (بغرفتيه: مجلس الشيوخ ومجلس النواب) الآن، وانتزاع الديمقراطيين لهذه الأغلبية ليست بالأمر السهل، لأن الفروق في عدد المقاعد لصالح الجمهوريين ما زال كبير، والمجهود المطلوب من الديمقراطيين لإدراك هذا الفرق كبير أيضاً.
لو رجحت كفة الديمقراطين، رغم ضعف هذا الاحتمال، واستطاعوا على الأقل تحقيق اغلبية في مجلس النواب، فسوف ينضبط ميزان صنع القرار داخل أمريكا مرة أخرى، وهذا أمر في غاية الأهمية بالنسبة لأمريكا والعالم، لأنه سيتدخل في مصير كثير من التحركات الدولية التي تبنتها إدارة ترامب الفترة الماضية.
لكن في نفس الوقت، الأغلبية الديمقراطية سوف تشكل خطراً كبيراً على ترامب شخصياً، حيث سيتعرض لكم كبير من التحقيقات بشأن التلاعب في الانتخابات الرئاسية وسياسته بخصوص الهجرة غير الشرعية وبرامج الرعاية الصحية، وغيرها، وربما ستؤدي هذه التحقيقات إلى إقصاءه عن الحكم، وإن كان ذلك أمراً مستبعداً، لكنها حتماً ستكبله وتجعله غير قادر على اتخاذ أي قرارات مؤثرة العامين الباقيين في فترة حكمه.
أما لو رجحت كفة الجمهوريين، وهذا هو المتوقع بقوة بناءاً على ما هو متاح من إحصاءات واستطلاعات، فسوف يحكمون سيطرتهم على عملية صناعة القرار بالكامل، في الإدارة وفي الكونجرس بغرفتيه، وهذا بالطبع يعني استمرار ترامب في تنفيذ سياساته واستحداث سياسات أخرى أكثر تعصباً لليمين الأمريكي.
بالنسبة لنا في مصر والدول العربية، من مصلحتنا أن يفوز الديمقراطيين، أولاً لأن العالم بحاجة ماسة إلى عودة التوازن لعملية صناعة القرار في أمريكا، وعودة أمريكا للتعامل كدولة تمارس السياسة وليس شركة كل همها جني الأرباح المالية. وثانياً لأننا لم نجني شيئاً في العالم العربي من سيطرة ترامب وحزبه الجمهوري على مقاليد الحكم حتى الآن، سياسة ترامب ناحية الشرق الأوسط تحمل إزدواجية مزعجة.
فبدلاً من التخلص من الإخوان المسلمين كما وعد، تعامل ترامب مع الولايات المتحدة على أنها إحدى شركاته، فهو رجل أعمال بالأساس، وأصبح كل همه أن يحقق لها أكبر أرباح ممكنة، وبالطبع كانت الدول العربية، خصوصاً دول الخليج الثرية هي الزبون الأهم على الإطلاق، لا سيما في سوق السلاح، وأصبح كل هم ترامب أن يسحب أكبر قدر ممكن من الأموال من دول الخليج، مرة بمصافحتهم بيده اليمنى ومرة بتهديدهم بالسكين الذي يحمله في يده اليسرى، لكن هل نفذ هو أي مما وعد به؟ لم يحدث أي من ذلك حتى الأن.
لكن بما أننا نتوقع استمرار الجمهوريين في السيطرة على الكونجرس، نظراً للأرقام التي تحكم معادلة الانتخابات، فعلينا في الشرق الأوسط الفترة القادمة بالتعامل مع ترامب بنفس سياسته، فإن كان يرى بلده شركة بحاجة لتحقيق أرباح مالية، فعلينا أيضاً أن نتعامل معه بنفس المنطق، وأن لا نقدم له الأموال والتأييد وتنفيذ كل ما يطلب دون أن يعود علينا أيضاً بفائدة سياسية كانت أو دبلوماسية.
على أي حال، ننتظر ونرى.