Saturday, November 24, 2018

هل أخطأ فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب لإصراره على التمسك بالتراث؟



أسجل اعتراضي على حالة الهجوم الحادة التي تمارس ضد فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر د. أحمد الطيب بعد كلمته في المولد النبوي التي أكد فيها على التمسك بالسنة النبوية كركن أساسي من أركان الدين، حيث لم يقل فضيلة الإمام الأكبر أنه ضد تطوير الخطاب الديني، ولكنه بكل وضوح ضد هدم التراث الديني بأي صورة من الصور، وهذه مسألة منطقية لا تقبل الجدل في الحقيقة.

إن التراث هو كل ما ورثناه، سواء كان ما فيه يعجبك أو لا يعجبك، يتوافق مع هواك وأفكارك أو لا يتوافق، أنت حر تماماً في أن تؤمن به أو لا تؤمن به، أنت حر في أن تعترف به أو لا تعترف به، لكن لست حر أبداً في أن تطالب بمحوه من التاريخ لأنه لا يعجبك، تماماً كما لو أنك وأخوتك ورثتم بيتاً عن والدكم، ربما أن البيت به غرف لا تعجبك، من حقك أن تطورها وتجددها، لكن ليس من حقك أبداً أن تهدم هذه الغرف أو تهدم البيت، فهو ليس ملكك وحدك، وهدمه ببساطة هو هدم لرباط الأسرة، بل هدم للأسره بكاملها.

هكذا هو التراث الإسلامي، خذ منه ما تريد وضع جانباً ما لا تريد، هذه مسألة تتعلق بإيمانك الشخصي بينك وبين الله، لكن أن تمحوه تماماً بحجة التطوير أو التجديد، فهذا تعدي ليس على التراث، ولكن على شركاءك في هذا الميراث.

جميع الأديان السماوية والغير سماوية بها نصوص "مزعجة" وبعض ما يحتويه تراث هذه الأديان لا يتوافق مع قواعد وعادات العيش في عصرنا، لكننا لم نرى أحداً في أي دين أخر طالب بمحو تراث دينه أو بعضاً منه، مثلما يفعل بعض المسلمين الآن.

هذا ما فهمته من كلام الدكتور أحمد الطيب، ولا أجد فيه شيئاً يتنافى مع العقل بصراحة، فتوقفوا عن إدعاء أنكم أعلم من غيركم ولا تعطوا لأنفسكم الحق في محو تراث المسلمين، فليس لكم فضل على الناس أو على التاريخ يسمح لكم بهذا التدخل، التطوير أو التجديد هي عملية ابتكار واستحداث لأفكار ومشروعات جديدة تطور القديم وتحسنه، وليست أبداً عملية نسف وهدم.