Wednesday, September 30, 2015

تحديات مصر بعد نجاح زيارة نيويورك

السيسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة نيويورك


كانت زيارة الرئيس السيسي لنيويورك لحضور قمة الأمم المتحدة هذا الأسبوع من أنجح جولاته الخارجية، حيث استطاع الرئيس أن ينقل للعالم الثقل الإقليمي والدولي الذي بدأت تستعيده مصر بعد عام واحد فقط تحت قيادته، وهو ربما ما دفع الرئيس أوباما إلى أن ينتقل من منصته في اليوم الأخير للقمة ليصافح الرئيس السيسي ويشكره على تصريحاته في الصحف الأمريكية بخصوص العلاقات المصرية الأمريكية وأهميتها وحرصه على الإبقاء عليها. 

انتهت الزيارة، لكن لا يجب أن ينتهي أثرها على مستقبلنا الداخلي والأقليمي، ولدينا خمس لبنات رئيسية وضعت كأساس في هذه الزيارة يمكن لنا البناء عليها عبر كافة الأطراف المعنية من سياسين واقتصادين ودبلوماسين ومجتمع مدني: 

أولها: حقيقة أن العالم أصبح ينظر لمصر كمركز استثمار مهم للمستقبل، ليس فقط على مستوى المشروعات القومية الضخمة مثل قناة السويس ولكن أيضاً على مستوى المشروعات الصغيرة والمتوسطة التجارية أو الخدمية، ولعل الحملة الدعائية الكبيرة التي نشرت في وسائل الإعلام الأمريكية بالتوازي مع زيارة الرئيس تكون حافز لعودة مستثمرين أمريكين كبار خصوصاً في مجال البترول للعمل في مصر بعدما هجروها بسبب التدهور الذي حدث بعد 2011.  

ثانيها: البناء على الشعبية الكبيرة التي أكتسبها الرئيس المصري داخل الأمم المتحدة، والإسراع في تحريك إجراءات ترشيح مصر لمقعد غير دائم في مجلس الأمن، ليس من أجل مصلحة مصر فقط ولكن لما سيكون لوجودنا في مجلس الأمن من دور إيجابي ومؤثر في القرارات التي تحدد مصير الوضع الأقليمي في الشرق الأوسط، بدءاً من مأساة سوريا وانتهاءاً بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. 

ثالثها: البناء على اتفاق غالبية المشاركين في قمة الأمم المتحدة على ضرورة وضع حد لمأساة السوريين عبر الحل السياسي، إذ يجب أن يعمل كل من بيدهم القدرة على التأثير في الرأي العام العربي والعالمي إما وسائل إعلام أو مثقفين على إيضاح أهمية الحفاظ على الدولة السورية، وأن الخطر الحقيقي لا تشكله الديكتاتوريات، لأن الديكتاتور في النهاية هو رئيس لدولة يمكن التحاور معه أو حتى الضغط عليه لتحقيق مطالب الشعب وتغيير سياسة حكمه، أما الخطر الحقيقي فهو يأتي من عناصر الإرهاب التي تنتعش في ظل الفوضى، ولا يمكن أبداً التحكم فيها أو التعامل معها إلا باستخدام العنف. 

رابعها: التعاون مع المجتمع المدني ورجال الأعمال لتفعيل مبادرة "الأمل والعمل" التي أعلنها الرئيس في خطابه أمام الأمم المتحدة، وتحويلها إلى كيان حقيقي ينطلق من مصر، ويتوجه إلى الشباب في كل العالم العربي. لو نجحت هذه المبادرة في تحقيق أهدافها ستكون على المدى الطويل أكثر تأثيراً من الألة العسكرية التي يعتمد عليها العالم اليوم في محاربة الإرهاب. 

خامسها: توسيع دائرة الحرب على الإرهاب لتشمل تعاون كل دول العالم، فلا يجب أن يترك الغرب مصر واقفة وحدها في هذه الحرب طويلاً، هذه مسئولية أممية، وأول خطواتها أن نستمر في الضغط على أمريكا وحلفاؤها في العالم لإدراج جماعة الإخوان كتنظيم إرهابي دولي بما سيجفف المنابع المادية والمعنوية للإرهاب الذي يستشري في منطقتنا اليوم، وأيضاً مطالبة الدول المتقدمة عسكرياً في العالم بإمداد المقاتلين على الأرض ضد التنظيمات الإرهابية في مصر وليبيا وسوريا بالعتاد اللازم للقضاء عليهم. 

إن التحديات التي تواجه مصر هي نفسها التحديات التي تهدد استقرار العالم، وعلينا أن نستغل زيارة الرئيس الناجحة للأمم المتحدة هذه الأسبوع في حث العالم على الاعتراف بهذه الحقيقة ومن ثم التعاون بشكل عملي على تحقيق الأمن والسلم الدوليين.