"لقد أسأت الاختيار بالعمل فى قناة الجزيرة الإنجليزية، ولم أرد استغلال جنسيتى الكندية فى محاكمة خلية الماريوت، وأثق من براءتى فى قضية خلية الماريوت يوم 29 أغسطس".
هكذا تحدث محمد فهمي، صحفي الجزيرة المتهم في قضية الماريوت في أحد البرامج الفضائية قبل أيام قليلة من الحكم عليه بثلاثة سنوات سجن مشدد.
أعلن محمد فهمي توبته عن ذنب أقترفه بدافع البحث عن لقمة العيش بشرف عبر ممارسته لمهنته كصحفي، اعتذر مراراً وتكراراً وتعهد بفضح الجزيرة التي استغلته، وكان يتطلع لأن تكون هذه التوبة هي مخرج النجاة بالنسبة له، على الأقل في أعين المصريين أهله الذي لا يريد أن ينظروا إليه على أنه خائن أو إرهابي. وأنا مصدقة محمد فهمي.
أنا مصدقة محمد فهمي، ومصدقة إنه ضحية وتم التلاعب به واستغلاله، ربما أصابه الطمع في لحظة دفعته للعمل مع قناة الجزيرة لأنها تدفع أجور باهظة للصحفيين لم يكن بمقدوره الحصول عليها في أي مكان أخر. لكن هذا الطمع المشروع في كسب أكبر من خلال ممارسة المهنة التي يحترفها لا يجعل منه بأي حال خائن أو إرهابي.
علاقة محمد فهمي بالجزيرة كانت علاقة عمل وكان دوره مقتصر على كونه صحفي وليس له يد أو تدخل – حسبما أثبت دفاعه – في أي مواد فيلمية تم صناعتها للإساءة لمصر في هذا الوقت وروجتها قناة الجزيرة وغيرها بهدف التحريض.
أنا مصدقة إن محمد فهمي مخلص تماماً في حبه لمصر، وهو في نظري أخلص بكثير من بعض المحللين والخبراء والنشطاء الذين لهثوا وراء المكافأت الضخمة التي كانت تدفعها الجزيرة لتغريهم بالظهور على قنواتها بعد ثورة 30 يونيو في وقت كانت الجزيرة تهدد الأمن القومي وتتخذ موقف عدائي صريح ضد مصر، رغم عدم حاجتهم لتلك الأموال لأن هذا ليس مصدر عيشهم الرئيسي.
أنا مصدقة إن محمد فهمي ليس إرهابي وليس إخواني ويكره الإخوان ويعمل ضدهم مثل ملايين المصريين بدءاً من مشاركته في ثورة 30 يونيو وانتهاءاً بحربه التي أعلنها واضحة وصريحة ضد قناة الجزيرة وفضحها وفضح قيادات الإخوان الذي سجن معهم لفترة باعتباره إرهابياً مثلهم.
محمد فهمي ضحية وليس جاني، ضحية ظروف وضحية بعض الذين استغلوا قضيته عالمياً لتشويه مصر، خصوصاً تلك المنظمات التي تدعي أنها تدافع عن حقوق الإنسان وهي في الحقيقة تسيء استغلال حقوق الإنسان كمبدأ لتخفي أهداف سياسية لا تخدم سوى الإرهاب وقوى الشر، لو أن هذه المنظمات حقاً تهتم لأمر محمد فهمي لصممت خير لها ولنا وله، بدلاً من أن تستغل القضية لخدمة أهدافها، فكل مرة تخرج فيها هذه المنظمات علينا ببيان تفقد محمد وزملائه تعاطف كثيرين وتصمه بوصمة عار ليس له يد فيها.
أخيراً وجب التنبيه على أن كلامي هذا ليس تعليق على حكم قضائي صدر بناءاً على أدلة واستقرت إليه المحكمة بعد أشهر طويلة من التحقيق، ولا أقصد من كلامي أيضاً المطالبة بالعفو الرئاسي عن محمد فهمي لأني أؤيد سيادة القانون المطلقة وأرفض تدخل أي سلطة في قرارات القضاء، لكن كمواطنة مصرية تابعت القضية عن قرب من أول دقيقة وحتى حكم الإدانة، أرفض أن يظهر محمد فهمي كخائن أو إرهابي أو حتى معاون للإرهابيين في أعين الشعب المصري.
أشياء ما حدثت بالخطأ جعلت محمد فهمي يدفع ثمن ذنب ليس بذنبه، ويجب أن يكون هناك طريقة ما لتقبل اعتذاره واحتوائه.
كيف أو من يقوم بتصحيح الوضع لا أعرف. لكن حتماً هناك حل!