من أجل تصحيح الصورة
مدير مكتب منظمة المؤتمر الإسلامي الأمريكي بالقاهرة:
نهدف إلى استبدال الصورة السلبية التي دأب الأمريكيون والغرب على النظر إلى المسلمين من خلالها
داليا زيادة:
* 70% من الأمريكيين ينظرون إلى العنف على أنه مرادف للعنف وقهر المرأة
* الترويج لحقيقة ابتعاد الإسلام عن الإرهاب و التعصب هدف رئيسي لعملنا
* إحداث تأثير للنشاط المدني داخل المجتمعات العربية من أهم الطموحات التي نسعى إلى تحقيقها
أجرى الحوار: محمد عبد القادر
جريدة الأهرام
القاهرة – أكدت وقائع الأحداث أن تاريخ ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أوجد وضعا جديدا في العالم الإسلامي لا مفر للمسلمين من التعاطي معه، فالتحديات التي تواجه المسلمين أصبحت أكثر وضوحا وإلحاحا كما أن الغرب أصبح أكثر جرأة وصراحة في طبيعة مطالبه وأوامره، فما كان مسكوتا عنه أو غير ذي أولوية أصبح معلنا و جليا، وما كان تحت الطاولة أصبح فوقها، والتقت في هذا السياق الكثير من المطالب الداخلية المهملة مع المطالب الخارجية لكن مع اختلاف الدواعي والتوجيه.
ونتيجة لهذا فقد احتلت مسألة كيفية تصحيح صورة المسلمين في العالم الغربي، خاصة خلال السنوات القليلة الماضية، الصدارة في مختلف وسائل الإعلام العربية، كذا محل اهتمام النخبة والساسة في العالم الإسلامي، بل وأصبحت مادة دسمة تتناولها ندوات الرأي ومراكز البحث في سبيل دفع تهمة الإرهاب عن المسلمين والوقوف أمام حملات التشهير والإساءة للمسلمين، التي انطلقت في جميع أنحاء أوروبا.
وعلى الرغم من إنطلاق العديد من الحملات المسيئة الهادفة لتشويه صورة الإسلام و المسلمين من الولايات المتحدة، إلا أن الغريب اليوم هو انطلاق حملة لتصحيح الصورة من داخلها، و ذلك من خلال منظمة الكونجرس الإسلامي الأمريكي، و التي انطلق عملها عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر على واشنطن و نيويورك.
ومن خلال لقاء خاص حول أسباب تأسيس المنظمة و الهدف منها، خاصة بعد افتتاح فرع لها وبدء نشاطها في مصر..
- قالت داليا زيادة مدير مكتب المنظمة بالقاهرة: منظمتنا منظمة غير حكومية مدنية... تم تأسيسها فيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر مباشرة، حيث كان الهدف الرئيسي لإنشائها هو تحسينصورة المسلمين داخل المجتمع الأمريكي على وجه الخصوص، وذلك من خلال دعوة المسلمين أنفسهم إلى تحسين سلوكياتهم والاهتمام بإيضاح و إظهار الصورة الحقيقية لهم من خلال الإلتزام بأداب و تعاليم دينهم..حتى يتركوا الإنطباع الجيد عنهم داخل نفس المواطن الأمريكي خاصة و الغربي بصفة عامة. أي أن يصبح المسلمون الأمريكيون قدوةيحتذى بها في كل المجتمعات التي تضم جاليات إسلامية في جميع أنحاء العالم.
إلا أنه وفيما بعد توسع نشاط المنظمة ليشمل العديد من الأنشطة الإصلاحية والتوعوية في مجال الحقوق المدنية و حقوق الإنسان، و بدأنا في هذا منذ عام 2004، و الآن ينصب تركيزنا على ثلاثة محاور رئيسية، وذلك في جميع فروعنا: المكتب الرئيسي في واشنطن دي سي، و مكتب بوسطن، ومكتب البصرة بالعراق، ومكتب القاهرة منذ سبتمبر 2007 وهي في المقام الأول قضايا المرأة، حرية الرأي والتعبير خاصة حرية استخدام الإنترنت، واستراتيجيات اللاعنف التي تعد الوعاء الحقيقي لكل الأنشطة التي يتم العمل عليها من أجل تنفيذ تلك المحاور.
باختصار شديد فإن المنظمة هي عبارة عن مبادرة مدنية غير دينية تهدف إلى استبدال الصورة السلبية التي دأب الغرب على النظر إلى المسلمين من خلالها، من خلال إنشاء حوار متكامل الأركان بين أبناء الديانات المختلفة، خاصة بعدما أشارت نتائج الدراسات التي تعمدت إجراءها مراكز الأبحاث الأمريكية بصفة دورية حول موقف الأمريكين من الإسلام و المسلمين و التي أشارت إلى إن صورة الإسلام في أعين الجمهور الأمريكي تزداد سوءا. فهناك ما يزيد على 70% من الأمريكيين ينظرون إلى الإسلام على أنه دين شديد التباين والاختلاف كذا فإنه مرادف للعنف وقهر المرأة و قمع حرية الرأي و التعبير.
و ماذا عن مكتب القاهرة و الهدف منه؟
- كما ذكرت في حديثي أن منظمة المؤتمر الإسلامي الأمريكي تحمل رسالة مهمة ومحورية شديدة الأهمية ألا وهي نشر التسامح و تحسين صورة المسلمين في عيون عامة الأمريكيين وغير المسلمين في جميع أنحاء العالم، وذلك عن طريق الترويج لحقيقة أن المسلمين قادرون بطبيعتهم على التعايش السلمي مع غير المسلمين. أيضا العمل على توضيح أن الصورة التي يجب أن تستقر في أذهان الجميع عن الإسلام والمسلمين هي بعدهم عن الإرهاب والتعصب.
و يعد أهم جزء في عملنا هذا و الطريقة التي ننفذه بها هو العمل في قلب الأحداث وعلى أرض الواقع أي من داخل المجتمع الإسلامي نفسه، لهذا تحديدا قررت المنظمة فتح فرع لها في القاهرة بوصفها قلب العالم الإسلامي وحجر الزاوية في الشرق الأوسط إلا أن هذا لا يعني بالضرورة أننا سنصب كل تركيزنا على المجتمع المصري دون غيره من بقية المجتمعات العربية، لكن عملنا سيشمل جميع دول الشرق الأوسط بالكامل.
ولكي نحقق ذلك كان القرار بضرورة الإنطلاق من مصر حيث أكبر دولةشرق أوسطية من حيث عدد السكان والطاقات البشرية والإمكانات العظيمة، هذا بالطبع فضلا عن الاحترام الواسع الذي تحظى به مصر بين مختلف الدول العربية و الإسلامية بل و بين دول العالم جميعا.
و من خلال مكتب القاهرة سيتم التركيز على التنسيق مع مختلف المنظمات المدنية والحقوقية في جميع دول الشرق الأوسط من أجل تحقيق الأهداف السالف ذكرها. كذا فسوف يعمل على تأسيس شبكة من شباب المجتمع المدني في المنطقة وإدارة حملة تحمل اسم "إتكلم" للدفاع عن حرية الرأي و التعبير و نشر ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة بين الشباب وتوعية الطبقات الشعبية في مصر و الشرق الأوسط بأهمية هذه القضايا ودفعهم للمشاركة بشكل سلمي و عقلاني في حلها.
لكن هناك العديد من المنظمات المدنية العاملة في المنطقة العربية وخاصة في مصر في تلك المجالات والأنشطة خاصة فكرة نشر و تعميم ثقافة حقوق الإنسان.. فما هو الجديد لديكم؟
- بالطبع نحن نعلم ذلك، لكن هناك حقيقة غائبة وهي أن كل تلك المنظمات دائما ما تخلط بين الخط السياسي و الخط المدني في عملها، وما ينتج عن هذا من ازدواجية المعايير واختلاف الأهداف وعدم وضوح الرؤية لكيفية تحقيقها ومن ثم غياب المصداقية عن خطابها، وهو ما يجعل الكثير يبتعد عنها ويشك فيما وراءها.
ذات السبب هو نفسه السر وراء عدم وصول تلك المنظمات إلى الطبقات الدنيا و المهمشة في المجتمعات العاملة بها، ومن ثم ظلت المشكلات التي تعانيها تلك الطبقات مستمرة، بل وتفاقمت رغم أن دورها كان من المفترض أن يكون المساهمة مع الحكومات في حلها حيث و من المفترض أيضا أنها تعمل على الجانب المدني فقط.
على هذا فإن تلافي الوقوع في أوجه القصور تلك والخاصة بعمل المنظمات المدنية داخل المجتمعات العربية هو ما سنعمل على تجاوزه بل ومحاولة معالجتها من خلال إيضاح مفهوم العمل المدني، فجميع أنشطتنا تقتصر على الجانب المدني حيث الإرتقاء بالقدرات من أجل تحسين صورة المجتمعات العربية والإسلامية في أعين الغرب.
تطبيقا لهذا الكلام وكما تناول الحديث عن حركة "اتكلم" والتي نستهدف من خلالها تشجيع الطبقات القاعدية على كيفية المطالبة بحقوقهم وعرض مطالبهم من خلال كل الوسائل الشرعية المتاحة داخل المجتمع والتي يقرها النظام والقانون، كذا فإنه سيتم قريبا إطلاق برنامج آخر يستهدف تحسين صورة المرأة المسلمة داخل المجتمعات الغربية، ذلك من حيث تأكيد كونها شريكا فعالا داخل المجتمعات العربية وليست كما يدعي البعض أنها بلا فائدة داخلها.. وفي هذا سوف نستثمر الاهتمام الحكومي و خاصة مجهودات ونشاط السيدة سوزان مبارك المكثف في سبيل مكافحة أمية المرأة ومحاربة ختان الإناث ودعم المشاركة السياسية للمرأة والشباب.. فإذا كانت الحكومات تهتم بما نهتم به فلماذا لا يتم التعاون بيننا؟!
نحن مهتمين بالوصول إلى الفئات القاعدية من خلال دورات تدريبية وتوعوية، خاصة داخل المناطق الشعبية والتي لم تنجح المنظمات العاملة في الوصول إليها وتغيير الأفكار المتشددة والمتطرفة لديها.. و من ثم إحداث تأثير للنشاط المدني داخل المجتمعات العربية.
وما هو ردكم على حملات الاعتراض على عملكم داخل الوطن العربي سواء من بعض الوسائل الإعلامية أو المنظمات والجماعات السياسية؟
- هذا طبيعي بالنسبة لنا وكان متوقعا، حيث مازالت الصورة غامضة للبعض عنّا، وحداثة النشأة نسبيا، لذلك كان المطلوب منهم أنتظار الفعل الذي سنقوم به ثم البحث عن رد هذا الفعل. لكننا في النهاية لا نخشى ولا نتردد في الدعوة الصريحة لمنح المرأة حقوقها، التي مازالت مهدرة في بعض دول العالم الإسلامي، ومساواتها في جميع الحقوق والواجبات مع الرجل لاسيما أنه نص الدين الحنيف. كما أننا لا نخشى و لا نتردد في المطالبة بحرية الرأي والتعبير كحق مكفول للجميع، و نشر مبدأ اللاعنف وعدم تقديم أي أعذار أو مبررات لأي عمل إرهابي مهما كان، في محاولة منا لحماية أرواح المسلمين وغير المسلمين في جميع أنحاء العالم.