كانت مفارقة لطيفة حين أوقفني عم ماجد صاحب الجراج الذي أترك فيه سيارتي كل ليلة، ليسألني عن "ثورة الغلابة" ورأيي فيها. ابتسمت وسألته "وهل الغلابة محتاجين ثورة؟" فحكى لي عن الدعوات التي رآها على الفيسبوك للمشاركة في مظاهرات يوم 11 نوفمبر بسبب غلاء الأسعار وارتفاع سعر الدولار، لكنه وحسب تعبيره شعر أن فيها شيء غامض وأن هذه الدعوات إخوانية تستهدف أمن واستقرار مصر.
أذهلني رد هذا الرجل الصعيدي البسيط الذي ربما لم يخطو خارج الشارع الموجود به الجراج طوال حياته، ليس فقط لأنه يستخدم الفيسبوك، لكن لأنه استطاع تقييم ما قرأه عليه، ولم يتقبله كما هو، فقررت أن ألعب معه دور محامي الشيطان وسألته "لماذا لا تقول أنها دعوات شعبية لأن الشعب يعاني من أزمة اقتصادية والحكومة عاجزة عن حلها؟ ألا ترى الرئيس السيسي مسئولاً عن هذه الأزمة أو سبب فيها وبالتالي يجب عمل ثورة ضده مثلما فعلنا ضد مبارك وضد الإخوان؟"
قال لي الرجل المصري الأصيل، وقد بدى عليه الانزعاج الشديد من سؤالي، أنه "لولا السيسي لأنهار الاقتصاد المصري من سنوات"، ثم أضاف أن السيسي هو المكافأة التي أهداها الله لشعب مصر بعد أن نجحنا في ثورتين وأثبتنا حبنا لهذا البلد. لم أملك إلا أن وافقته على أن المقارنة بين ثورتي الشعب في يناير 2011 ويونيو 2013 لا يمكن بأي حال أن نقارنها بالعبث الذي يسعى له الإخوان الآن.
ثم أضاف الرجل في لمحة ذكية أن الدعوات تحمل تاريخ 11 نوفمبر، وهو مكتوب بالأسود على خلفية صفراء، وعبارة عن أربع واحدات متجاورة (1111)، وهو إشارة غير مباشرة لعلامة رابعة الخاصة بالإخوان. ثم قال لي، أن لو الإخوان حاولوا النزول إلى الشارع يوم 1111 كما يدعون، سينزل الناس (الغلابة) ضدهم ويضربونهم، على غرار ما حدث منذ بضعة أشهر يوم مظاهرات وسط البلد أمام نقابة الصحفيين.
الإخوان فقط هم الذين ينتعشون في الفوضى، فلولا الفوضى التي تلت ثورة يناير ما وصلوا للحكم. إن الشعب المصري، وأكثره من الغلابة، أذكى من أن يجلب إلى البلد فوضى جديدة، لقد جربنا الفوضى وعانينا منها، وما زلنا نعاني من أثارها حتى اليوم، ولا أعتقد أن في هذا الشعب شخص عاقل يمكن أن يقبل بعودة الفوضى.
الغلابة لا يحتاجون فوضى ومشاكل جديدة، الغلابة يحتاجون فرص وحلول، كتلك التي يقدمها الرئيس السيسي من مشروعات قومية وفرص إسكان اجتماعي وحلول لمشكلات العشوائيات والمشروعات الصغيرة وغيرها الكثير مما تم بالفعل أو ما زال جاري تنفيذه، الغلابة أذكى وأوعى من أن يغرر بهم الإخوان ويستغلون حاجتهم مرة أخرى. الغلابة هم عماد هذا المجتمع وأرضه الصلبة التي لن تنكسر.
مهما كانت الأزمة الاقتصادية الحالية، سنعبرها بنجاح لأن لهذا الوطن رب يحميه، ورئيس يحبه، وجيش يفديه، وغلابة تعلموا من دروس الماضي.
* الصورة من موقع جريدة الأهرام