أكتب لكم من برلين، حيث أشارك منذ أسبوع مع وفد من الدبلوماسية الشعبية برئاسة الوزير محمد عرابي يضم قامات حقوقية وسياسية ودبلوماسية ودينية ذات احترام وتأثير، بهدف لقاء ممثلين عن مؤسسات حكومية وغير حكومية وبرلمانيين ورجال أعمال وإعلاميين وسياسيين، من أجل استطلاع الموقف في ألمانيا على المستوى الشعبي والحكومي وتوصيل رسائل عن حقيقة الأوضاع ومستقبل الديمقراطية في مصر بعيداً عن المراسم البروتوكولية التي ستهيمن على الوفد الرسمي الذي سيرافق الرئيس السيسي في زيارته المقررة بعد أيام إلى ألمانيا، بدعوى من المستشارة ميركيل، تكررت مرتين بسبب تصريحات غير مسؤولة من رئيس البرلمان – الذي يصفه الغالبية هنا بأنه غاوي شهرة.
حيث أفتقرت تصريحاته بشأن حقوق الإنسان في مصر إلى المنطق، وكانت مبنية بالكامل على أكاذيب تصوغها جماعة الإخوان المسلمين في الإعلام الأوروبي منذ فترة، دون بذل أدنى مجهود من جانبه أو من الفريق العامل معه للبحث في حقائق الأمور والتدقيق في صحة المعلومات.
إن زيارة الرئيس السيسي لألمانيا للمرة الأولى منذ توليه الحكم، تعادل في أهميتها زيارة الرئيس الأولى للولايات المتحدة الأمريكية في أواخر العام الماضي، لما لألمانيا من أهمية وثقل كبيرين في المحيط الأوروبي إما على المستوى الاقتصادي أو السياسي، ولعلها حقيقة معروفة في العلاقات الدولية أن من يكسب ألمانيا في صفه، يكسب أوروبا كلها.
وكان أكثر ما أسعدنا في محادثاتنا مع المسؤولين، أن لمسنا اختلاف إيجابي واضح في موقف ألمانيا من مصر وتفهم كبير للظروف الاستثنائية التي نمر بها خصوصاً مسألة بناء الدولة في مقابل الحرب على الإرهاب، حيث بدأت العلاقة بين البلدين تأخذ شكل علاقة الصديق والشريك وليس الملقن والمتلقي، خصوصاً بعد اللقاء الذي جمع الرئيس السيسي والمستشارة ميركل على هامش مؤتمر دافوس الاقتصادي مطلع هذا العام وأيضا المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ.
لقد أصبح لدى ألمانيا تفهم واضح أن مصر هي الحصان الرابح في مسألتين رئيسيتين هما الاقتصاد والأمن، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وألمانيا 4,4 مليار يورو العام الماضي وهو الأعلى في تاريخ العلاقة بين البلدين، فضلاً عن صفقة الكهرباء الأخيرة مع شركة سيمنز التي تصل إلى 12 مليار يورو.
بالإضافة لحقيقة أن مصر هي الدولة الوحيدة – ربما في العالم كله – التي قالت أنها ستحارب الإرهاب والتزمت بذلك، حتى أننا أصبحنا حائط الصد الأول في مواجهة الإرهاب ليس فقط بالنيابة عن باقي دول منطقة الشرق الأوسط ولكن أيضاً بالنيابة عن دول أوروبية أهمها ألمانيا التي تعاني الآن من المد السلفي الجهادي داخل أراضيها، وظهور شرطة الشريعة في شوارعها، ونزوح شبابها بالمئات للتجنيد في التنظيم الإرهابي الأخطر داعش.
ولهذا نتوقع أن تكون زيارة الرئيس السيسي لألمانيا ناجحة جداً، وستكون بمثابة فتح صفحة جديدة لشكل العلاقات ليس فقط بين ألمانيا ومصر، ولكن بين أوروبا كلها ومصر، رغم كل محاولات الإخوان لافتعال حالة رفض وهمية إما في وسائل الإعلام التي يسيطرون عليها أو من خلال مظاهرات حسب ما علمنا يحشدون لها بشراء متظاهرين من الجاليات السورية والتركية ليعطوا وهم بأنهم ذات عدد وتأثير على خلاف الواقع.