Wednesday, May 06, 2015

وما الرئيس السيسي إلا بشر مثلكم


الرئيس السيسي 2015 عيد العمال


شاءت الأقدار أن أسافر إلى بعض دول وسط وجنوب أوروبا على مدار الأسبوعين الماضيين، مما أتاح لي فرصة ذهبية للقاء بعض المؤثرين في صناعة القرار الأوروبي من سياسيين ودبلوماسيين وأعضاء برلمان ورجال أعمال وقيادات في المجتمع المدني، كانوا متلهفين لمعرفة حقيقة تطور الأوضاع السياسية في مصر مع أقتراب الذكرى الأولى لتولي الرئيس السيسي لحكم مصر ومع اقتراب أيضاً الذكرى العزيزة لثورة 30 يونيو. 

وقد لاحظت، للمرة الأولى في السنتين الأخيرتين، تغير إيجابي واضح في الموقف الأوروبي بوجه عام تجاه مصر، من موقف انتقاد وعدم رضا إلى موقف إعجاب وإشادة؛ بدءاً بالتزام مصر بتنفيذ خارطة الطريق التي وضعها بيان 3 يوليو الشهير، وحقيقة عدم إنهيار مصر في مواجهة الحرب على الإرهاب حتى اليوم، وإصرارها على مواصلة مسيرتها، ولو ببطء، تجاه بناء الدولة رغم كل التحديات الأقليمية، والعوائق الاقتصادية. 

حيث أصبح ما يشغل بال صانع القرار الأوروبي الآن هو كيف يمكنهم مواكبة ما يجري في مصر من أحداث، وأختفت من حواراتنا معهم أسئلة من نوعية "لماذا تقمع الحكومة المعارضة متمثلة في جماعة الإخوان المسلمين؟" مصداقاً للأكاذيب التي تروجها جماعة الإخوان الإرهابية ليل نهار في جميع أرجاء العالم والتي أخذت في الخفوت بشكل واضح مؤخراً، ليحل محلها أسئلة من نوعية "كيف نستطيع أن نساعد مصر سياسياً؟" أو "كيف نستفيد من الإمكانات الاقتصادية التي تعد بها مصر في المستقبل القريب؟" بما يبشر بأن جهود الدبلوماسية الشعبية إلى جانب الجهود الرسمية لتوضيح حقيقة الصورة في مصر للعالم قد أتت بثمارها أخيراً. 

إن الأوروبيين، على عكس الأمريكيين، لم يكن لديهم مشكلة في استيعاب وتقبل فكرة تولي قائد ذو خلفية عسكرية مثل الرئيس السيسي لمنصب رئيس الجمهورية، فقد حدث ذلك في دول أوروبية عدة على مدار التاريخ، وكانوا منذ اللحظة الأولى متفهمين لأن هذه الخلفية العسكرية لن تجعل من الرئيس السيسي بالضرورة "ديكتاتور" كما يروج الإخوان ومن ورائهم أمريكا، بل كان وما زال ما يشغل الأوروبيين هو مدى التزام الرئيس المصري بأمرين: تحسين حقوق الإنسان، ومحاربة الفساد. وهذين أمرين نجحت القيادة السياسية في مصر في تحقيقهم بدرجة كبيرة جداً حتى الآن رغم كل التحديات. 

حيث لم تمنع الحرب على الإرهاب مصر من تحقيق تقدم معقول على مستوى الحقوق والحريات، أهمها الدستور المصري الحالي الذي التزم بكافة المواثيق الدولية في هذا المجال، فضلاً على الالتزام الواضح من جانب مصر وتعاونها الغير مسبوق مع مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في المراجعة الدورية الشاملة لملف حقوق الإنسان في مصر، بالإضافة إلى إتاحة مساحة أكبر لعمل المجتمع المدني كركن أساسي من أركان الدولة الديمقراطية الحرة. 

وعلى مستوى محاربة الفساد، يكفي أن الرئيس السيسي ونظامه لا يمارس فساد سياسي أو إداري ولا يسمح به لمن حوله كما كان يحدث في أواخر عهد مبارك، وأنه أيضاً لا يمارس فساد ديني وأخلاقي بأن يرسم صورة وهمية لنفسه على أنه قادم من عند الله لإنقاذ مصر كما فعل الإخوان. بل قال ومنذ اللحظة الأولى التي ألقت به الأقدار في هذا المنصب "إنما أنا بشر مثلكم" ولم يعد عموم المصريين سوى بإخلاصه في حب مصر وأن يبذل كل ما يستطيع من جهد مع باقي المصريين لأجل تحقيق التغيير المطلوب سياسياً واقتصادياً.  

وفي الحقيقة هذا الكلام لا يحتاج الأوربيون فقط لسماعه والتأكيد عليه، بل يجب علينا أيضاً أن نذكّر أنفسنا كمصريين به طوال الوقت، خصوصاً في ظل ظهور بعض الأصوات الغير مفهومة من وقت لآخر للهجوم على الرئيس والحكومة، والطريقة الغريبة التي أعطى بها البعض لأنفسهم الحق في العودة – ليس إلى مقاعد المتفرجين – بل إلى مقاعد المحكمين، ونسوا تماماً أن الاتفاق الذي تم بين الرئيس والشعب من البداية قائم على أننا جميعاً مكاننا الوحيد هو داخل الملعب، وليس بيننا متفرج وليس بيننا محكم، وأن معركة إثبات الذات المصرية أمام العالم، ليست معركة الحكومة وحدها، بل معركة كل مصري مهما كان منصبه أو عمله.