Saturday, May 16, 2020

عن أهمية اتزان المحتوى الديني في مسلسل الاختيار - رمضان ٢٠٢٠

بوستر مسلسل الاختيار


كلام مهم لازم تفهموه عن المحتوى الديني في #مسلسل_الاختيار: 

أولاً، أنا مش فاهمة إيه الداعي لكل هذا الهجوم على المشاهد الدينية التي تحمل خطاباً مناهضاَ لفكر الإسلاميين في مسلسل الاختيار؟ يعني كنتم مبسوطين وعادي لما عدت أكتر من ١٨ حلقة كان المستأثر بالخطاب الديني فيها هم التكفيريين لدرجة خلت ناس كتير تشك إن الإسلام هو كده فعلاً دين قتل وإرهاب، ولما في حلقتين فقط ظهر مشهدين فقط بيردوا (بالدين برضه) على أكاذيب الإرهابيين وفتاويهم فجأة نشوف كل هذا الهجوم ضد المسلسل وصناع المسلسل؟! ليه؟ ما هو زي ما قدمت الأفكار المتطرفة كان لازم وطبيعي ومنطقي تقدم الرد عليها. 

ثانياً، نفس ال بيهاجموا المسلسل بسبب ظهور الشيخ رمضان عبد المعز وحديثه مع الجنود، الذي أثلج صدري أنا شخصياً، هم نفسهم ال من أول المسلسل يتجننوا كل ما يشوفوا مشهد لضابط بيقرأ قرأن مثلاً أو بيصلي أو بيقول كلام عن قيمة سيناء الدينية! 

الناس دي بيفكروني لما كنت في أمريكا في ٢٠١٢ (في السنة السوداء بتاعت حكم الإخوان في مصر) وبتكلم مع أستاذ اجتماع أمريكي كبير وعنده خبرة أكاديمية كبيرة في دراسة مصر والشرق الأوسط، وزار مصر ولا ٥٠٠ مرة، وكان مصمم وقتها على نظرية هبلة كده بتقول إن الجيش المصري ميوله سلفية وإخوانية وعلشان كده هم أيدوا الإخوان ودعموا وصولهم للحكم!

ولما سألته أنت جايب الكلام ده منين، قال لي أنه استشف ذلك من حقيقة إن أغلب زوجات الضباط وبناتهم محجبات، والضباط ملتزمين بالصلاة والمصحف معاهم طول الوقت وبيستخدموا تعبيرات دينية في كلامهم (زي الحمد لله وربنا يسهل)! تخيلوا مقدار السطحية في تقييم الأمور؟! 

وهم نفسهم برضه بيفكروني بلجان الإخوان على السوشيال ميديا ال كانوا بيروجوا إن المرشد اختار السيسي وزير دفاع علشان متدين وبيصلي الوقت بوقته! 

الكلام ده كان بيخليني أضحك ومازال... ليه؟

علشان أنا عن نفسي بنت ضابط بالقوات المسلحة (أسلحة وذخيرة)، وبابا الله يرحمه كان صوفي وبيحضر حلقات ذكر، دون أن يؤثر ذلك على كفاءته وإخلاصه في خدمة وطنه وحبه لمصر لغاية ما مات، الله يرحمه، وعلى فكرة عمره ما أجبر حد فينا أنا واخواتي ولا حتى ماما على أي حاجة، بما في ذلك ارتداء الحجاب.

ثالثاً، في الحقيقة ما فيش أي تعارض بين العقيدة الدينية وعقيدة حب الوطن، هما وجهان لنفس العملة. وأصلاً كل ما أمنت بربنا أكتر وعرفت ربنا اكتر كل ما زاد حبك لوطنك وكل ما زاد إيمانك بضرورة محاربة الإسلاميين وتخليص العالم من شرورهم. 

بمعنى آخر، عاوز واحد مقاتل بالجيش عارف إنه ممكن يموت في أي لحظة، واحد بيرمي نفسه في النار كل دقيقة علشان يحمي وطنه، عاوزه إزاي يعني يكون غير مؤمن لدرجة اليقين بأنه بيعمل حاجة ربنا راضي عنها وإنه على حق، عاوزه إزاي  يكون بعيد عن ربنا أو ما بيعملش كل حاجة ممكنة تخلي قلبه متعلق بالله، زي إنه يكون بيصلي ويصوم ويذكر ربنا ويقرأ قرأن ويتصدق، إلى أخره!

رابعاً، ودي أهم نقطة، الإدعاء بإن ال بيحارب الإسلاميين (الإرهابيين - التكفيريين) لازم يكون بيكره الإسلام من أساسه وعنده موقف عدائي من فكرة الدين نفسها، هذا في رأيي كلام ساذج وبيقوي شوكة الإسلاميين ويقوي خطابهم المتطرف عن إن احنا كلنا كفار وهم ال على حق، 

القواعد الشعبية ال انخدعت بهرتلات الإخوان والسلفيين في العشرين سنة ال سبقوا ثورة يناير، وقعوا فريسة سهلة لهذا التطرف بسبب عدم وجود خطاب معتدل يوازيه، وهذا ما يحاول الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف القيام بإصلاحه الآن. 


خامسأ، العقيدة الدينية المعتدلة مهمة جداً عند الجيش المصري من أول ما اتخلق في التاريخ حاجة اسمها الجيش المصري، ومش هاروح بيكم بعيد، راجعوا كده حرب أكتوبر؟ الحرب حصلت في رمضان والجنود كانوا بيحاربوا وهم صايمين، وكانوا بيصلوا قبل ما يطلعوا كل عملية، وهم بيستشهدوا كان بينطقوا الشهادتين (لا إله إلا الله محمد رسول الله)... 
أقولكم على الأقوى من كده كمان؟ لفظ "شهيد" ده أصلاً تعبير ديني.  

وكمان محاضرات شيوخ الأزهر للجنود والضباط في الجيش والشرطة دي بتتعمل طول الوقت ومن زمان جداً، ولها دور جبار في تقوية الروح المعنوية للجنود... يعني ظهور الشيخ رمضان عبد المعز وحديثه مع الجنود لم يكن مجرد مشهد أقحمه المخرج بيتر ميمي في المسلسل تحت ضغط من الأزهر كما يدعي البعض.

وأخيراً، لا تحمّلوا الأمور أكبر من حجمها حتى لا تفرقوا الصف في مواجهة الإرهابيين. احنا في أمس الحاجة أن نبقى يد واحدة في مواجهة هذا العدو الغاشم. الحرب على الإرهاب مش دولة علمانية ضد دولة دينية، مش حرب كفار ضد إسلاميين، دي حرب وطن اسمه مصر ضد مرتزقة بيحاولوا يسرقوه ويذلوه، وهم بيستخدموا الدين كوسيلة لذلك.

تحيا مصر بجيشها القوي وشعبها الواعي.