Friday, July 22, 2016

لأن في الكتابة شفاء... سأكتبه





أغنية وبحر ورمل ولحظة غروب، كانت كافية أن تستدعي كم لا يحتمل من اللوم، لوم النفس هو أقسى أنواع الألم. ولأنهم يقولون أن خير وسيلة لشفاء الألم، هي أن تكتبه، فقد قررت أن أكتب. 

لكن كيف لي أن أكتب عامين من الآلام التي اقترفتها على يد رجل يملك من القسوة والأنانية ما جعلني أتحول من شخص محب للكون ومتفائل دائماً إلى شخص خائف ومتشكك في نوايا ودوافع الناس؟ كيف لي أن أحكي قصة كانت كل لحظات سعادتي فيها وهم أخترعه عقلي كوسيلة للتعايش مع ساعات طويلة من الإحباط وخيبة الأمل أصابت قلبي بلا رحمة؟ كيف لي أن أحكي عن رجل بعت الجميع لأجله، وهو الذي كان يفكر كل يوم كيف يبيعني؟ لكن عزائي أني عندما أكتشفت حقيقة معدنه رميته من حياتي رمياً، وبلا أي ثمن.

ما زلت ألوم نفسي كلما تذكرت المرات التي لم يعاملني بها كما أستحق، كل تلك المرات التي لم يحترم فيها وجودي ولم يحافظ على مشاعري وهو يغازل أخريات تحت عيني وسمعي، كل تلك المرات التي انتقدني فيها لعيب فيه هو، وكل تلك المرات التي بخل علي فيها بكلمة حب، وكل تلك المرات التي نمت فيها بالهاتف في يدي بانتظار كلمة "تصبحي على خير" التي استطاع هو أن ينام دون أن يقولها رغم علمه أني أنتظر، وكل تلك المرات التي طلبت فيها منه أن يساعدني، فخذلني بطلب قطع علاقتنا حتى لا يتحمل مسؤولية بسيطة كتلك، وكل تلك المرات التي قلت له فيها أني أريده سندي وأماني في هذه الدنيا، فكان أول من يتركني أواجه غدر الأيام وحدي، كل تلك المرات التي وقعت فيها ووقف بجانبي فيها أصدقاء لم يكن هو واحداً منهم، وكل تلك المرات التي مارس فيها لعبة الصمت وتركني أضرب رأسي لأني ببساطة لا أعرف لصمته سبباً. 

لقد مارس هذا الرجل على قلبي كل الألعاب النفسية والعقلية التي تعكس حجم العقد النفسية التي يعاني منها هو شخصياً، ومن شدة حبي له كنت أتركه يفعل ذلك بي لعلني أكون سبب في شفائه أو لعله يتغير. في أحد المرات وعدني فعلاً أنه سيتغير، وبعد أسابيع عاد أسوأ مما كان، فالطبع دائماً يغلب التطبع.  

كيف تحملت قسوته تلك، ولماذا فضلته على آخرين قدموا لي قلوبهم على طبق من ألماس؟ لم يكن فيه ميزة واحدة أفضل منهم لأقول أن عقلي هو من رجح كفته، أين كان عقلي من البداية وهو يدمرني بهذا الشكل؟ ربما ميزته الوحيدة كانت أني كنت أحبه بصدق، ولا أندم مطلقاً على أني أحببت دون حساب، فالحب نعمة من الله، سعيد هو من اختبرها وعاشها، وتعيس هو من كانت بين يديه ولم يقدّرها أو يحافظ عليها. دعه يحترق بتعاسته إذاً. لكن كيف لي أنا أن أستعيد نفسي وسعادتي؟ 


بعض الذكريات لها سبعة أرواح، حتى لو قتلتها بكامل إرادتك واحتفلت بالنصر فوق جثتها ثم دفنتها بيديك وصليت لله شكراً أنك تخلصت منها للأبد، ستجدها يوماً ما تعود وبيدها سوط من حنين سيمزقك دون رحمة!


ها أنا قد عملت بالنصيحة، وأخرجته وآلامي من ذاكرتي على صفحة من ورق، لعلها تكون بداية جديدة لقلبي، ولعلني اتخلص من كل هذا الكم من الخوف والشك الذي دخل قلبي خلسة في لحظات ضعف ويأس، وغداً قريباً سأعود من جديد لأنا التي أحبها، تلك الفتاة التي تحب الدنيا وتحبها الدنيا.