أوجه هذا البوست بالأساس للسادة الغاضبين دائماً والذين شاركوا في تظاهرة يوم الجمعة الماضية أمام نقابة الصحفيين، كدروس مستفادة، أرجو منهم أن يستوعبوها جيداً، لو كانوا فعلاً مهتمين بالأرض والعرض وسلامة هذا الوطن وبقائه:
1) الكذب لا يفيد:
أن تكون التظاهرة الحقيقية لا يتجاوز عددها عشرات، في شارع ضيق أمام نقابة الصحفيين، وتصورها أنت على أنها انتفاضة شعبية من أجل إسقاط النظام، فهذا كذب، وعندما يكتشف الناس كذبتك، فتداري عليها بنشر صور قديمة من مظاهرات 2011 و2013، فهذا نصب علني. وأن تدعي بعد كل ذلك نجاح هذه التظاهرة الهزيلة التي لا ترقى لزحمة أتوبيس نقل عام الساعة الثامنة صباح يوم الثلاثاء، فهذا غش. وأن يكون الهدف من التظاهرة كما أدعيتم في الدعوة لها أنها من أجل الأرض والعرض، بينما تتحول بقدرة قادر الهتافات لإسقاط النظام، فهذا شغل تلات ورقات!! لا يمكن إطلاقاً تحقيق نجاح لمطالبك دون كسب القواعد الشعبية في صفك، وإصرارك على ممارسة الكذب والنصب يجعل هذه القواعد تحتقرك.
2) المظاهرات لن تفيد:
نحن الآن دولة مكتملة المؤسسات، بها مئات الطرق التي تستطيع من خلالها توصيل صوتك لصانع القرار، دون أن تلوح للناس التي أرهقتها خمس سنوات من الفوضى بالعودة لنقطة الصفر، لأنك فقير التجربة ولا تعرف تعمل أي شيء فيه ابتكار، ولا تجيد سوى الصوت العالي، المصريين خاضوا كم من المظاهرات خلال السنوات الماضية أحدثت لهم حالة من الإشباع، والصوت الوحيد الذين يستمعون له الآن هو صوت العمل والعقل. وربما هذا يفسر السبب في اشتباك الأهالي مع المتظاهرين في منطقة وسط البلد وإصرارهم على تسليمهم للشرطة. باختصار، المواطن يرى في مظاهراتك تلك تهور يهدد مصالحه الشخصية، وشايفك واحد عاطل وفاشل أتيت لتدمير ما تعب هو في بنائه بالعرق والكد طيلة سنوات سواء كان هذا الشيء الغالي والثمين هو بيته أو محل عمله، أو وطنه.
3) حاجز الخوف اتكسر من زمان:
ضحكت كثيراً عندما قرأت بعض التعليقات التي انتشرت كالجراد على الفيسبوك بعد فشل التظاهرة، وهم يقولون "المهم أننا كسرنا حاجز الخوف، وأرغمنا الدولة على أن تسمعنا وتعرف أن للشارع صوت!" أي هزل هذا الذي تقولون؟ القيادة السياسية الحالية، تعرف تماماً أن الشارع المصري له صوت، وتأخذ برأيه في الاعتبار في كل خطوة تخطوها. ولا تنسوا أن الرئيس السيسي نفسه ومن معه من رجال كانوا هم الداعم لكسر حاجز الخوف عند المصريين من البداية، فالرئيس السيسي كان عضو في المجلس العسكري ورئيس المخابرات وقت قامت ثورة يناير، وهو الذي قرر مع زملائه وقتها الانحياز للشعب وإرادته وصوته، وكان هو أيضاً وزير الدفاع في زمن الإخوان، والذي قرر أن يضع روحه على كفه ويواجههم من أجل إعلاء إرادة هذا الشعب للمرة الثانية.
4) عاوز تحافظ على الأرض؟ أعمل حاجة مفيدة:
مع أفتراض أن بعضكم فعلاً يهمه مصلحة مصر ولكن فاهم الوطنية غلط، ومع افتراض حسن النية (التي لا أراها أنا شخصياً فيكم) للأخر، أنصحكم يا سادة بكسر الحاجز النفسي بينكم وبين المواطنين، بأن تكونوا جزء منهم، بأن تكدوا وتكدحوا مثلهم، أن تشاركوهم همهم البسيط في حياة كريمة، وأن تستغلوا طاقتكم إما في الحرب ضد أعداء الوطن، أو في إنجاز عمل مفيد ينتج خيراً للوطن، وليس بإعادة هدم كل شيء. أراهنكم، أن لو الجيش فتح باب التطوع من أجل الدفاع عن الأرض والعرض في سيناء غداً، لن ينضم أي منكم، تماماً مثلما فعلتم في الانتخابات، هذا إن لم تزايدوا على الجيش لأنه طلب منكم التطوع وتتهموه بالتقصير!!
بالله عليكم كونوا على قدر المسؤولية. أي شيء في الدنيا يمكن تعويضه، أما الوطن لو خسرته، فلن يعوضك عنه الكون بكل براحه واتساعه. وأسألوا أشقائنا في دولة عظيمة كان اسمها سوريا.