رغم أنف الإرهاب، كل عام ومصر أم الدنيا وقد الدنيا. إنها الذكرى الثانية لتحرير مصر من براثن جماعة الإخوان الإرهابية، الذين سرقوا حلم ثورتنا في غفلة يبدو أن القدر لن يكف عن معاقبتنا عليها أبداً، لكن عزاؤنا أننا لم نستسلم وجعلنا من الثورة ثورتين، رغم علمنا بأن الثورة الجديدة سيكون ثمنها الدم، وأننا دخلنا حرب لن تخمد نارها بين يوم وليلة، واخترنا - شعباً وجيشاً - أن نكمل للنهاية، ونجحنا فيما ظن العالم أنه من المستحيلات.
تفاءلوا رغم الألم، لأن المعركة الدائرة بيننا وبين الجماعة الإرهابية منذ عامين، ما هي إلا مرحلة ستمر كقبض الريح في عمر مصر، نعم هي مرحلة مؤلمة، لكن الزهرة الجميلة كي تثمر لابد وأن تنغرس في الطين أولاً، ولأن المأساة التي نعيشها اليوم لا تساوي واحد على مليون مما كانت مصر مقبلة عليه باستمرار الجماعة الإرهابية في الحكم، إما على مستوى الأمن الداخلي أو العربي أو حتى على مستوى الأمن والسلم في العالم.
تفاءلوا رغم الألم، لأن لدينا جيش من خير أجناد الأرض ما زال صامداً في وجه عدوان الإخوان وأنصارهم من الجماعات الإرهابية ذات المسميات المختلفة والهدف الواحد على حدودنا الشرقية والغربية والجنوبية، رغم تخلي العالم عن مساندتنا، ورغم مساندة بعض الدول لإرهابهم للنيل من مصر.
تفاءلوا رغم الألم، لأن في مصر جهاز شرطة مدنية هم أيضاً خيرة الرجال، تصدوا لمحاولات الإرهاب زعزعة الاستقرار في الداخل وتعطيل الاقتصاد وشل حياتنا، ولولاهم ما شعرنا ببعض الأمان الذي نشعر به الأن، ولأنهم رغم ما يلاقونه من ويلات أدناها عدم التقدير وأعلاها القتل والتعذيب، استطاعوا على مدار عامين تصفية عشرات البؤر الإرهابية، وأضطروهم غير أسفين لإشهار وجههم القبيح وإيديهم الملوثة بالدماء أمام العالم.
تفاءلوا رغم الألم، لأنه ما زال لدينا رفاهية المطالبة بمزيد من الحقوق والحريات في ظل دولة تعلي سيادة القانون فوق جميع السلطات، ولم تستغل الظروف التي تمر بها مصر لارتكاب ممارسات قمعية أو فرض إجراءات غير عادلة، حتى لو كانت المسألة تتعلق بتعاملهم مع قوى الشر والإرهاب، ورغم قدرتهم على الانتقام بشكل مباشر. هزتني كلمة الرئيس السيسي في إفطار الأسرة المصرية منذ أيام قليلة عن ضرورة التوحد واستعداده لتقبل كل من يريد أن يعيش بيننا في سلام مهما أختلفنا معه في الرأي والموقف، فجاء الرد مباشرةً من جماعة الدم باغتيال محامي الشعب، المستشار هشام بركات.
تفاءلوا رغم الألم، لأن في مصر قيادة سياسية واعية تفهم ضرورة أن تعمل بيدين، يد تبني ويد تحارب، وأننا بعد شهر وبرغم كل التحديات، سنشهد إطلاق واحد من أكبر المشروعات القومية في تاريخنا، محور قناة السويس الجديد، الذي تم إنجازه في عام واحد فقط - وهو أمر لو تعلمون عظيم - وما سيتبعه من أنشطة استثمارية ضخمة ستأتي بخير كثير على المصريين.
تفاءلوا رغم الألم، لو أن هذه الجماعة الإرهابية قتلت ألاف المصريين على مدار عامين، فأعلموا أن هذا أهون بكثير من أن كانت مصر بالكامل ستمحى من على الخريطة وتتحول إلى مجرد ولاية داخل الدولة الإسلامية التي أخترعوها، تماماً مثلما حدث مع دولتين كان اسميهما العراق وسوريا.
تفاءلوا رغم الألم، لأن "ربنا موجود" ومصر مباركة في كل كتبه، ولأن البد التي لم تنهزم أبداً على طول تاريخها، لن يهزمها حفنة من تجار الدين والدم.