حياتنا هي عبارة عن سلسلة لا نهائية من الاختيارات، في كل دقيقة تمر علينا نكون مجبرين على الاختيار ما بين أمرين أو أكثر. لا ليس فقط كل دقيقة بل ربما كل ثانية، حتى مع تلك الأشياء التي نتصور أننا نفعلها بتلقائية أو تفعل لنا دون أن نشغل بها بالنا كثيرا، أنظر مثلا لعملية التنفس ذاتها، لك أن تختار أن تدع الهواء يخرج من رئتيك أو يبقى فيهما، ولك أن تختار أن تستنشق الأوكسجين أو لا تستنشقه، وفي جميع الأحوال أنت الوحيد الذي سيتحمل مسئولية هذا الأختيار فإما أن تنهي حياتك بالامتناع عن التنفس بكامل إرادتك او تقرر الاستمرار فتعود للتنفس من جديد، هكذا هي الحياة في كل شيء كبر أو صغر، عندما يأتيني النادل مثلا ليسألني ماذا أريد أن أشرب، أحيانا أتردد كثيرا خوفا من أختار شيئا قد يضر بصحتي أو يزيد من وزني، حتى قبل أن أدخل هذا المقهى، فقد ترددت كثيرا في أي مقهى أدخل! كل شيء في حياتي حدث باختياري منذ يوم ولدت وحتى الآن، وهكذا أنت! لا تصدق أن شيئا في الحياة كان مفروضا عليك، لا شيء مفروض، كل شيء كان خاضع لاختياري إلا شيء واحد عائلتي، أمي وأبي – رحمه الله – وأخوتي، وعلى الرغم من أن تلك العائلة هي الشيء الوحيد الذي لم اختره فإنها أكثر شيء أحبه في هذا الكون، اللهم دم عليّ نعمة العيش مع عائلتي الرائعة، حتى وإن كانوا يخنقون حريتي، فإن هذا أختياري، أخترت أن أضحي ببعض حريتي في مقابل آلا أفارقهم أو أعيش بعيدا عنهم.
Middle East and the Mediterranean affairs from the perspective of an Egyptian award-winning writer and human rights activist. Writes in Arabic and English.