لم يوقظني صوت المنبه مثل كل يوم، استيقظت وحدي، وسريعاً ودون أن أبرح سريري نظرت إلى الساعة المعلقة على الحائط فوجدتها متوقفة، جريت أبحث في الساعات المعلقة على حوائط البيت جميعاً فوجدتها كلها متوقفة، حتى الساعة التي في يدي متوقفة، لم ينقذني إلا الهاتف، اتصلت بخدمة الدليل وأخبروني بأن الساعة الآن الثامنة والنصف. أطمئن قلبي وبدأت رحلتي المعتادة كل صباح من الحمام إلى الدولاب إلى المكواه إلى غرفتي إلى مكتبي إلى المرآة، ثم إلى السلم، فأخرج من البيت. سقط من رحلة الصباح المعتادة هذه الأيام، الخمس عشرة دقيقة المخصصة للإفطار وكوب الشاي... بسبب رمضان، مما أتاح لي فرصة أكبر للنوم خمس عشرة دقيقة زيادة.
لكن ظلت مسألة توقف الساعات تشاغلني طول الطريق، تخيلت لو أن الحياة وقفت بي عند ساعة معينة - هي الآن مثلاً - هل سأكون سعيدة؟ لماذا كل هذا الشغف بالغد؟ لماذا دائما أتطلع للمستقبل ولا أعيش اليوم! لماذا لا استطيع ضبط مؤشر الطموح عند درجة معينة، فلا أنسى يومي ولا أتجاهل ما يجب عليّ تعلمه من أمسي؟ وبينما أفكر في كل هذا تذكرت أبيات أحمد مطر الرائعة:
صدفةً شاهدتني
في رحلتي منيّ إليَ
مسرعا قبلتُ عينيَّ
وصافحتُ يديَّ
قلتُ لي: عفواً...
فلا وقت لديَّ
أنا مضطرٌ لأن أتركني...
بالله... سلم لي عليَّ
وأكتشفت أني بكل الأسف مضطرة لأن أتركني وحيدة حيث أنا إلى حين!!