Saturday, January 27, 2007

سلسلة مقالات وليد راشد 5- النمل





النمــــــــــــــــل

بقلم/ وليد راشد
waleedrashed83@hotmail.com



كثيرا ما كنت أسأل نفسي عن سبب تسمية "سورة النمل" بهذا الاسم في القرآن الكريم, لماذا النمل؟ و هو ذاك المخلوق الذي نتمتع بالمشي عليه أناء الليل و أطراف النهار! لماذا مثلا لم تسمى سورة سليمان, ذلك النبي الذي تحدثت عنه نفس السورة: "وآتينا سليمان ملكا عظيما"؟ لماذا ليست كباقي السور المسماة بأسماء الأنبياء (محمد, طه, إبراهيم, نوح, يوسف ...) هكذا كنت أفكر وظللت أبحث عن قيمة النمل في السورة و سبب التسمية إلى أن وجدته في: "و قالت نملة يا أيها النمل أدخلوا مساكنكم ليحطمنكم سليمان و جنوده و أنتم لا تشعرون"! هكذا قالت النملة! نعم تحدثت و كانت صاحبة موقف و إيجابية, فكانت تستطيع أن تدخل دون أن تعلن النداء: "يا أيها النمل" و كانت تستطيع أن تقول نفسي نفسي و كانت تستطيع أن تقول لا لن أنطق و أتكلم ما دام الأمر لا يعنيني, إلا أنها الإيجابية, فهل وصلنا إلى قامات النمل في إيجابيته وموقفه؟ بل أظن أننا وصلنا إلى طول النمل فقط

و حتى تلك القرية التي أرسل لها الله عز و جل ثلاثة من الأنبياء دفعة واحدة و لم يؤمن أهلها, جاء لهم مؤمن سورة يس, و من أين جاء؟ "و جاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين ..." لماذا جاء و دعا إلى سبيل ربه و هناك ثلاثة أنبياء يدعون؟ لماذا همه أن يتكلم و لم يسكت؟ و لماذا لم يقل نفسي نفسي فأنا آمنت فنفسي و من بعدي الطوفان؟ و لماذا لم يقل "إمشي جنب الحيط" خوفا على حياته, و قد ذهبت حقا حياته! إلا أنه رفض ترك الرمق الأخير و قال و هو يموت: "ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين"

و لماذا غاب الهدهد عن طابور الملك الحكيم سليمان؟ و لماذا نطق مؤمن سورة هود داعيا إلى الله؟ و لماذا نطق الصحابي سلمان الفارسي عارضا مشورته على رسول الله صلى الله علية و سلم بحفر الخندق؟ و لماذا وقفت إحدى دعاة السلام الأمريكية أمام الجرافة الإسرائيلية لتمنعها من هدم أحد المنازل الفلسطينية؟ و لماذا أصبحت قصص الإيجابية والمواقف في عداد صفحات التاريخ وذكريات وقصص نتحاكى بها؟

هل كل قصص القرءان الداعية و الآمرة بالإيجابية كانت عبارة عن فراغات تملئ صفحات المصحف؟ أم أنها حجه علينا سنسأل عنها وعن كيفية تطبيقها؟

مثلا لو سألتك منذ متى كان آخر يوم كنت إيجابي فيه؟ و ما الشيء الذي إذا حدث ستكون ثورتك و حينها ستنطق مثلما نطق السابقون؟ ألم يكن الدم في يوم من الأيام يغلي في العروق؟ لماذا لم تعد تعنينا كل أمورنا الخاصة و الخاصة جدا, و أصبحنا نسلم عيانا بيانا و بمنتهى روح الانهزامية, فمثلا لو أعلن السائق الذي يقود المواصلة التي تختارها في حياتك أن أجرته قد زادت فسوف ندفع و بمنتهى روح المودة؟ كل شيء في حياتنا أصبح مفروضا و سلبيا لا تختاره و لا يختارك! يفرض عليك لتسلم و لتقول "نعم موافق" حتى تعديل 34 مادة من الدستور من الآن بأي شكل من أشكال التعديل سيصلون فالإجابة "نعم موافق" أو حتى لو قلت لا أوافق فهي أيضا تحل محل نعم أوافق.

لماذا كل هذا الكم من النوم العميق؟ و متى الإفاقة؟ و قد قال الفاجومي منذ 40 عاما:

وأطلق كلابك في الشوارع واقفل زنازينك علينا
و قل نومنا في المضاجع
و اتقل علينا بالمواجع
إحنا أتوجعنا واكتفينا
وعرفنا مين سبب جراحنا
وعرفنا روحنا و التقينا
عمال و فلاحين و طلبة
دقت ساعتنا و ابتدينا
نسلك طريق مالهش راجع
و النصر قرب من عنينا
و النصر قرب من أيدينا
النصر قرب من عينينا


كان يقول الفاجومي: "أدي إحنا نمنا ما اشتهينا" و منذ حوالي 40 عاما لم نشتهي النوم إلى الآن و مازلنا في نوم و كأننا عن أهل الكهف نتحدث