في مسألة إعادة فتح قضية التمويل الأجنبي، وحتى لا تأخذ الأمور أكبر من حجمها، الموضوع له أكثر من بعد يجب أن يؤخذ في الاعتبار:
إن قضية التمويل الأجنبي تتم على محورين:
* الأول خاص بتلقي مصريين وأجانب يعيشون على أرض مصر لأموال من جهات أجنبية لفتح أفرع لمنظمات دولية في مصر، وقد تم ذلك عبر حساباتهم الشخصية، وبدون الحصول على الترخيص اللازم من وزارة الخارجية، وبالتالي ينظر القضاء تحديداً في مسألة كسرهم للقانون المصري في هذا الشأن.
* المحور الثاني خاص بتلقي بعض المنظمات المصرية لأموال من جهات مانحة حكومية وغير حكومية من خارج مصر، بخلاف القانون، لأن هذه المنظمات مسجلة على أنها شركات خاصة أو مكاتب محاماة، في حين أن القانون يسمح فقط للمنظمات المسجلة لدى وزارة التضامن الاجتماعي فقط بتلقي أموال من جهات مانحة دولية تحت إشراف الوزارة وبموافقتها. وهذا أيضاً ما ينظر فيه القضاء الآن.
وبناءاً عليه، فإن القضاء يمارس عمله الطبيعي والمتوقع منه بملاحقة المنظمات المخالفة سواء كانت محلية أو دولية، وأي كلام عن أن هذا تصفية حسابات مع الحقوقيين أو محاولة لقتل المجتمع المدني كما تردد مؤخراً، ليس إلا عبث، والأكثر منه عبثاً أن يدعي بعض الحقوقيون المدانون في القضية أن الدولة المصرية تفعل ذلك كرد على بيان البرلمان الأوروبي، وكأنهم يعلنون تبعيتهم وانتمائهم لكيانات أجنبية!!
هذا مع الوضع في الاعتبار أن أغلب المدانين في هذه القضايا يعيشون خارج مصر الآن سواء مصريين أو أجانب، وعدد المنظمات المدانة أول عن آخر لا تتجاوز 15 منظمة على أقصى تقدير من أصل أكثر من 4000 منظمة مجتمع مدني تعمل في مصر على الأقل نصفهم منظمات حقوقية مجال عملها الديمقراطية وحقوق الإنسان.
ولعله خيراً، أن يتم إعادة فتح هذه القضية الآن، حتى يعرف كل طرف ما له وما عليه، ويتم وضع أساسات سليمة قبل مناقشة قانون الجمعيات الأهلية الجديد في مجلس النواب. إن العمل في إطار القانون الذي تقره أي دولة هو واجب على أي شخص يعمل في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية، اليس من التناقض الشديد أن نطالب بإقرار الحقوق وسيادة القانون، بينما نفعل ذلك من خلال كسر القانون وعدم تطبيقه على أنفسنا كحقوقيين؟