Saturday, November 21, 2009

مصطفى النجار شاهد على ما حدث أمام سفارة الجزائر في الزمالك أمس





قبل البداية
-----------
قبل القراءة ، لا يعني هذا ان نسكت عن المطالبة بحق ابنائنا
وكرامة مصر التي اهينت بالسودان
ولكن كيف تكون المطالبة بحقنا ورد اعتبارنا
بشكل حضاري
هذا هو التحدي
-----------
النوت للمصريين فقط مع تقديرنا للجميع
-----------------

لأن ما حدث يجب ان يوثق ويجب ان ننتبه لما فيه من دلالات خطيرة تنذر بخطر بالغ علي مصلحة الوطن ، أضغط علي نفسي وقلبي الموجوع لأحكي ما رأيته بعيني وابكاني في ش 26 يوليو بحي الزمالك بالقرب من سفارة الجزائر بشارع البرازيل – مساء الخميس وفجر الجمعة 20 – 11 - 2009
------------
الساعة 1 منتصف الليل احاول ان أصل الي كوبري 15 مايو قادما من ميدان التحرير لأقوم بتوصيل اصدقاء لي كانوا معي في عشاء تأخرنا فيه ، اصدقائي مقيمون بالقرب من سفارة الجزائر بحي الزمالك ، قضيت علي مطلع الكوبري اكثر من نصف الساعة وقد اصيب الطريق بالشلل الكامل وعندما صعدت فوق الكوبري وقفت متسمرا حوالي نصف ساعة اخري حتي اصل الي نزلة الزمالك التي وجدتها مغلقة من قبل الشرطة لأسير مضطرا في اتجاه العجوزة وعندما انتصفت المسافة اقف بسيارتي علي يمين الطريق كما وقفت عشرات السيارات لنشاهد التجمعات الحاشدة التي كان هتافها يهز المكان اسفل الكوبري وفي مقابلة شارع السفارة ، الصفوف الامنية والكردونات تسد الطريق امام المتظاهرين وتمنع عبورهم للسفارة ، الهتافات تتعالي وتغدوا اكثر سخونة ، يأتي ضابط ليهتف بنا لكي نتحرك بسيارتنا كي لا يتوقف الطريق ، امضي بسيارتي وانزل نزلة العجوزة وامبابة واعود مرة اخري للكوبري لانزل في شارع ابوا الفدا ذو الاتجاه الواحد ، لسوء حظ اصدقائي ان بيتهم يقع وسط المربع الكبير الذي فرضه كردون الامن ومنع الدخول فيه ، الساعة تقترب من الثانية والنصف ، اسير بشارع ابو الفدا واحاول ان ابحث عن اي ركنة ادخل في شارع علي الشمال،

يسألني عسكري حراسة علي أحد السفارات : انتم عايزين سفارة الجزائر
نحن : نعم
طيب تعالوا اركنوا هنا
انا : نركن فين ؟ يفاجئني : هنا في مدخل السفارة وشدوا حيلكم عشان تلحقوا الرجالة ، لازم سفارة ولاد ال ... دي تتكسر النهاردة عشان يعرفوا اننا مش هفق ....!

اركن فعلا في مدخل السفارة – وهذا بالطبع مستحيل حدوثه في اي وقت اخر – وانزل انا واصدقائي لندخل الي شوارع جانبية ، نجد بجوارنا العشرات من الشباب في مجموعات تتكون من 5 الي 10 و20 فرد تجري بسرعة وتهتف يلا يا شباب ...!

المشكلة اننا لا نعرف الطريق ولا احد من الشباب الذين يتسارعون في الجري يعرف اين المكان ، يتضامن معنا عساكر اخرون يحرسون سفارة اخري ويشيرون لنا : من هنا يا رجالة ..ادخلوا يمين في شمال في يمين هتلاقوا المظاهرة

يسرع الجميع ، اصدقائي منهم صحفية بوكالة اجنبية قادمة لمصر من حوالي شهرين فقط ، تصمم علي الذهاب معنا ، احذرها تقول لي : لا هاجي معاكم او هروح وحدي اشوف اللي بيحصل ، امضي مع المجموعة وانا قلق جدا علي دخولها لهذه المنطقة الخطر ولكن بمجرد وصولنا اكتشف ان هناك عدد كبير من الفتيات موجود ويشاركن بحماس ، نخرج من الشارع الذي تقع عليه بنزينة موبيل ، لنجد امامنا سيارة اسعاف بداخلها شاب مجروح في قدمه جرحا ينزف ويصرخ من الألم ، نسرع اليه نسأله : انا مينا يوسف ، الحكومة بتضرب فينا وقبضوا علي اخويا جوا هو وناس صحابنا ، ومش عارف اوصل لاخويا ، طالما انتم صحفيين اعملوا حاجة الشباب هيضيعوا هنا
نترك مينا ونقترب من الدائرة الاكبر التي امتلأت بشباب اغلبهم في سن 18 الي 25 سنة ، يجري بجوارنا جرحي اصيبوا بجروح في رؤسهم وفي اقدامهم ، تسيل دماءهم ويسندهم اصحابهم حتي يصلوا بهم لسيارات الاسعاف التي كانت تقف علي بعد 200 متر تقريبا

اساعد صديقتنا الصحفية في عمل حوارت سريعة مع بعض الشباب المشاركين للتعرف علي الموقف
محمد : مبرمج كمبيوتر : لو ما خدناش حقنا هنبقي ملطشة للدنيا كلها
سامح : طالب : احنا اتغدر بينا في السودان ولازم ناخد حقنا
فتحي : سائق : كان لازم الحكومة تبعت حي شبرا وحي بولاق يشجع مش يبعتوا عيال سيس تضرب هناك وتجري زي الفيران ، لو رحنا كنا قطعناهم ولاد ال .............

الغضب يمليء الجميع يتحدثون بانفعال وحدة ويكيلون الشتائم التي كنت اخجل وهم يتحدثون امام فتاة بمثل هذه الالفاظ ، اسألهم عن وظائفهم ؟ اتفاجيء ان منهم مبرمج كمبيوتر ، واخر خريج فنون جميلة ، واخر محاسب والبعض طلبة والبعض صنايعية في حرف مختلفة وكلهم قادمون من اماكن مختلفة من القاهرة ، تتعالي الهتافات والشتائم البذيئة وحرق اعلام الجزائر واشعال النار عبر زجاجات السبراي ، الحماس يشتعل اكثر ، الشوارع الجانبية تبدوا كصنابير مياه تضخ كل لحظة مزيدا من البشر يدخلون في زفة وهياج وصراخ ، يحملون اعلام مصر ، السيارات التي اخطأ اصحابها وتركوها تحت الكوبري يصيبها التلف من وقوف المتظاهرين عليها وقفزهم عليها ، اسرع الي بعضهم
اقول : يا رجالة حرام كدا دي فلوس ناس مالهاش ذنب انزلوا يا جدعان ، واحد منهم يصرخ : انت جزائري ؟؟ قلت له : انا مصري وادي بطاقتي بس انزلوا حرام عليكم ، لا يسمعون ويتقافزون ليخبطوا بأقدامهم علي سقف السيارات كلما اشتد الحماس

اسوق اليكم نماذج من الهتافات التي استمرت حتي الفجر :
ك .... يا جزائر
هيلا هيلا وهيلا هو ...الجزائر ....ك
ون تو ثري .. ك ..الجيري
مش عايزين سفارة
يا حكومة وسخة ..يا ولاد الو .... ( دا موجه لحكومة مصر لما الامن كان بيبدأ ضرب )
مصر الدين ..يا مت ....... ، انتم مين ..معر ........ ( الهتاف دا موتني من الضحك شعب متدين فعلا بيقول الدين عندنا وبيقذف الناس في نفس الجملة )
http://www.youtube.com/watch?v=7rbjHXl4L8k&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=sRwGSjE0A9c&feature=related

دي فيديوهات رفعها احد من كان معنا في المكان ..( شاهدوها وعذرا للألفاظ الجارحة )
احنا المصريين ..يا ولاد المت ......
كاس العالم مين ..يا ولاد المت .......
يا تطردوهم ..يا ندبحوهم

الغريب في المشهد ان هؤلاء الشباب لا يعرفون بعضهم ولم يدعوهم احد للقدوم الان بل كل واحد منهم سمع علي الفيس بوك او التويتر او من ناس صحابه او كان معدي بعربيته فنزل بشارك والاكثر غرابة وجود البنات لهذا الوقت المتأخر ولكن شهادة حق لم اري حالة تحرش او معاكسة لاي بنت طيلة مكوثي هناك

بين الحين والاخر يغني الشباب اغاني وطنية مثل : يا احلي اسم في الوجود يا مصر يا اسم مرسوم للخلود يا مصر ..نعيش لمصر ونموت لمصر ..مصر مصر تحيا مصر

اصبح المشهد رتيبا ، الأمن يمنع الشباب من التقدم فيهتفون ويطبلون ثم يتحرك بعض الجنود بالعصي والدروع فيجري الشباب ويقع بعضهم علي الارض ويفقدون احذيتهم تحت الزحام والتدافع ، ثم يعودون ، كر وفر ، وبينما اقف علي الرصيف افاجيْ بصف يدخل يحمل صناديق خشبية غريبة ، اجري نحوهم ، ايه دا يا رجالة ؟؟
يجيبيني احدهم : دا مولوتوف احنا هنحرق ولاد الكلب دول وكل اللي ساب المصريين يضربوا في السودان
يصعقني ما رأيت وانا اري الصندوق الخشبي مليء فعلا بزجاجات مولوتوف ، اقول لهم : حرام يا جدعان ، احنا كدا هنأذي مصريين وناس غلابة مننا ، المنطقة كلها هتولع ، يشتمني احدهم : انت شكلك خواف ومعندكش كرامة وراضي باللي عملوه فينا
اسرع الي ضابط يقف امام الكردون اقول له الشباب هيولعوا الدنيا ومدخلين مولوتوف ، يقول لي : ما تخافش القصة دي كلها هتتلم حالا وخد صحابك والصحفية دي اللي بتصور وامشوا دلوقتي لو خايفين علي نفسكم
وبعدها بقليل يبدأ الفرار والجري بعد ضرب الامن للبعض بالعصي والجري خلفهم ونجري مع من يجري ونتوقف عند فندق الماريوت نلتقط انفاسنا ونعاود لنفس المكان ويصدمني منظر بعض الفتيات فوق السيارات المركونة بالشارع وأتألم وانا اري عدد منهن يهتفن بنفس الهتافات الخارجة مع الشباب

يمر الوقت ويقترب موعد الفجر الذي ينطلق اذانه من المسجد الموجود في اول الشارع ، فتصمت كل الاصوات وتهدأ كل الجلبة حتي ينتهي الاذان وبعدها يمسك امام المسجد الميكرفون ويوجه خطابه للشباب يحاول تهدئتهم : ويقول : ابناءنا الاعزاء : ان الله يقول : واطيعوا الله واطيعوا الرسول واولو الامر منكم ...وتستمر كلماته وما ان ينتهي حتي تبدأ الاصوات مرة اخري تردد هتافاتها وشتائمها وبعد ان تنتهي الصلاة يدخل الامر لبعد جديد ، اذا ببعض المجموعات تدخل بأجولة ممتلئة بالحجارة والدبش ويبدأ رمي الحجارة لتصيب بعض الواقفين وبعض العساكر والضباط وهنا نقرر ان نمشي فورا ونحن نري بعضهم يمسك بشوم ويكسر في بعض السيارات الموجود في المكان ويتحول المكان لساحة حرب حقيقية تضار علي اثره واجهة البنزينة وبعض المحلات وبينما نحن في طريقنا لسيارتنا عبر الشوارع الجانبية نقابل نفس العساكر العاملين في حراسة احد السفارات الذين دلونا في البداية علي الطريق ، يضحكون ويقولون لنا : الله ينور يا رجالة

واعود لنفس المكان في الصباح مع عدد من الاصدقاء الصحفيين لنصلي الجمعة في مسجد قريب لتصدمنا مشاهد التدمير والخراب التي حلت بالسيارات والمحلات والبنزينة وبعد الصلاة تصطف تشكيلات الامن لتعتقل كل من يحاول التجمهر او تفرقه وكذلك تنزع الأعلام من ايدي البعض حتي لا يتجمع حولها من يريد ان يعترض ويتظاهر لنفس السبب

في النهاية لن اعلق واترك لكم الصور والفيديوهات لتعبر عما حدث في يوم لن تنساه مصر لأنه ينبيء بدلالات بالغة الخطورة وارسل به رسالة عاجلة للمهيجين الجالسين في صحفهم وفضائياتهم يزيدون النار اشتعالا ولا مجال للمزايدة علي الوطن وابناءه مع الاحتفاظ بحقنا في رد كرامتنا بأسلوب حضاري ومعاقبة كل من اساء لمصر وابناءها ..اللهم احمي مصر وابناء مصر ووحد امتنا وبصرها باعدائها... يا رب


مقاطع فيديو عن ما حدث:

http://www.youtube.com/watch?v=PJ9Fgzl6Wyg
http://www.youtube.com/watch?v=88eai32N0EA
http://www.youtube.com/watch?v=BW6i0g8pVvQ
http://www.youtube.com/watch?v=Ij3KTSSK2iI