أحمر و أبيض و أسود و نسر ذهبي... كانت تلك هى أولى الألوان التي تعلمتها في طفولتي، كانت تقول مُدرستي (و أمي الحبيبة في ذات الوقت) أن الأحمر لون دماء الشهداء الذين حرروا الأرض الطيبة منذ عهد أحمس و حتى اليوم و الأبيض لون قلوب المصريين الطيبين و الأسود لون الليل الساحر في سماء القاهرة الطيبة. أما الذهبي فهو لون النسر الموجود في منتصف العلم.
منذ فترة طويلة و أنا أحب اقتناء العلم المصري، عندي علم صغير في البيت، و علم متوسط الحجم في مكتبي، و بالرغم من ذلك لم أستطع أن أمنع نفسي منذ أيام فقط من شراء علم كبير جدا لأغطي به المقعد الخلفي في سيارتي.. و أصبحت من حين لأخر ألتفت إليه في فخر و كأني أريد كالمجنونة أن أتوقف في الشارع و ألتقط صورا للشباب الذين يلفون أنفسهم بعلم مصر عقب مباريات المنتخب في بطولة كأس الأمم الأفريقية.
يتجدد عشقي لعلم جمهورية مصر العربية مع مباريات كرة القدم التي يخوضها المنتخب, لست متابعة جيدة لبطولة كأس الأمم الأفريقية التي كان يلعبها الأبطال، لكني متابعة جيدة جدا لردود أفعال المصريين و فرحتهم و هتافاتهم التي تنم عن عشق أصيل لهذه البلد نادرا ما تجد له مثيل في كل العالم.
لكن ما يؤرقني حقا و يفسد علي سعادتي بتأمل مشهد العلم هو النسر الموجود في المنتصف إذ أنني لا أجد أي علاقة أو رابط بين النسر بلونه الذهبي و بين كل الألوان الطيبة الأخرى الموجودة في العلم.. فإن كان الأحمر لون دماء شهداء الأرض الطيبة و الأبيض لون قلوب المصريين الطيبة و الأسود لون الليل الساحر في القاهرة الطيبة فما الذي أتى بالنسر الذهبي وسط كل هؤلاء الطيبين و هو النسر من الكواسر – أي من الطيور التي تأكل اللحم – و أكيد أكيد شرير.
و بالرغم من أن الأيام أخبرتني بعد ذلك (سرا طبعا) أن الأحمر هو لون الحب و الأبيض لون السحاب و الأسود لون الظلام، فإنها لم تخبرني حتى اليوم بما يدل عليه اللون الذهبي أو ضرورة وجود نسر في قلب العلم أصلا!!