Wednesday, July 28, 2021

العدالة الاجتماعية في حياة كريمة


لو أن الرئيس السيسي لم يفعل شيئاً، طوال فترة رئاسته، سوى أنه حقق العدالة الاجتماعية ووفر حياة كريمة للفقراء لكفاه.

في غضون خمس سنوات فقط، نجحت إدارة الرئيس السيسي في توفير حياة كريمة للمواطنين الفقراء، من خلال القضاء على ظاهرة العشوائيات التي كانت تحيط بالقاهرة والإسكندرية، واليوم بدأت الدولة في تنفيذ مشروع أكبر يستهدف تطوير وإعادة تأهيل البنية التحتية في المناطق الريفية التي تمثل أكثر من ٨٠٪ من المساحة الجغرافية المأهولة بالسكان في مصر. 

لن يسهم هذا المشروع في تحسين الظروف الحياتية لأهل الريف فقط، ولكن من المتوقع أن يعمل هذا المشروع المهم على تقوية البناء السياسي والاقتصادي للدولة المصرية نفسها. والأهم من ذلك، هو التأثير غير المباشر لعملية تطوير الريف في تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية التي طالما كانت منافذ مفتوحة تسربت من خلالها الراديكالية والتطرف الديني وجماعات الإسلام السياسي إلى قلب المجتمع المصري.

في عام ٢٠١٦، بعد عامين فقط من توليه منصب رئيس الجمهورية، قضى معظمهما في محاولة إنقاذ مصر من خطر الإرهاب الذي انتشر فيها عقب سقوط الإخوان المسلمين من الحكم، قرر الرئيس السيسي أن يصارح المصريين بحقيقة الوضع الاقتصادي الآيل للسقوط، لا سيما بعد ثورتين قضيا على الأخضر واليابس، وأعلن على المواطنين بشجاعة شديدة قراره بعمل إصلاح اقتصادي شامل، وطلب منهم الصبر على قسوة هذا الإجراء حتى يكتمل ويثمر خيره، ومن هنا بدأت معركة البقاء والبناء.  

حين أعلن الرئيس السيسي خطة الإصلاح الاقتصادي، انقسمت ردود أفعال متابعيه من المخلصين والمغرضين بين مصدوم ومكلوم، وهناك من توقع أن الفقراء سيخرجون إلى الشوارع ليثوروا غاضبين عليه مثلما سبق وفعلوا مع كل سلطة سياسية أعلنت قرار مماثل منذ عهد السادات وحتى الأيام السوداء التي حكم فيها الإخوان. لكن على عكس كل التوقعات وقف الفقراء في ظهر السيسي وأيدوه ووعدوه بتحمل قسوة الإصلاحات الاقتصادية، ليس فقط لأنهم على ثقة من إخلاصه وأنه ليس فاسداً كمن سبقوه، ولكن لأنه ربما يكون الرئيس الوحيد الذي انتبه لمطلب الفقراء الذين شاركوا في ثورة يناير، وتاهت مناشداتهم وسط أطماع سياسية غلفت المشهد آنذاك، وهو مطلب تحقيق العدالة الاجتماعية. 

صحيح تماماً أن ثورة يناير ٢٠١١ ضد مبارك لم تكن مدفوعة بأسباب اقتصادية، بمعنى أنها لم تكن "ثورة جياع"، إلا أن شعاراً واحداً كان يتردد في كل المظاهرات التي صاحبت الثورة وهو: "عيش، حرية، عدالة اجتماعية". إلا أن أحداً لم يكترث لهذا الشعار الذي يمثل مطلب أساسي لقطاع عريض من الشعب المصري الذي لا يفهم المصطلحات التي تغنّى بها الشباب الثائر وطنّت بها المنصات الإعلامية في وقت الثورة، مثل الديمقراطية والحريات المدنية وحقوق الإنسان. فقط، كانت غاية أحلامهم أن يعيشوا حياة آدمية كريمة في مسكن ملائم وفرصة عمل تمكنهم من توفير احتياجاتهم الأساسية من مأكل ومشرب، وهو ما أصطلح المتخصصون على تسميته بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهو أحد الفئات الرئيسية التي تقيّم على أساسها الأمم المتحدة حالة حقوق الإنسان في أي بلد. 

بينما انشغل الجميع، في داخل مصر وخارجها، طوال العشر سنوات التي مرت على ثورة يناير، بالضغط على الدولة المصرية من أجل إحراز تقدم على مستوى الحقوق السياسية، كوسيلة لقياس نجاح أو فشل التغيير السياسي في مصر، ركزت استراتيجية الرئيس السيسي على احراز نجاحات على مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، باعتبارها الأساس الذي يمكن للدولة البناء عليه من أجل تمكين المواطن من التمتع بحقوقه السياسية المكفولة بقوة الدستور. وهو أمر منطقي، فليس معقولاً مثلاً أن تطلب من مواطن فقير لا يجد بيتاً يأويه أو طعاماً يسد به جوعه أن يهتم بتشكيل مؤسسات الدولة ويشارك في انتخاب ممثليه في صناعة القرار. 

بل يجب أولاً أن توفر له الدولة احتياجاته الإنسانية الأساسية وتهيئ له المناخ المناسب الذي سيمكنه من ممارسة حقوقه السياسية، وإلا أصبح هذا المواطن أداة سهلة في يد كل سياسي غير شريف يستطيع ببساطة استغلال احتياجاته في تحقيق أهدافه السياسية الخاصة، مثلما رأينا في الاستحقاقات الانتخابية التي تلت ثورة ٢٠١١ وانتهت بنا لكارثة وصول الإخوان المسلمين للحكم باستخدام أكياس الزيت والسكر واللعب على المشاعر الدينية للبسطاء.

الآن، في عام ٢٠٢١، أي بعد خمس سنوات من انطلاق مشروع الإصلاح الاقتصادي الشامل، أثبتت استراتيجية السيسي نجاحها، حيث كان تقديم العمل على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية سبباً في تدعيم البنية السياسية للدولة، وتمكين المواطنين من ممارسة حقوقهم السياسية والمدنية بشكل حقيقي ومؤثر يعكس إرادتهم الحرة.