Thursday, January 23, 2020

Egypt 2020: The Unpaved Route to Democratic Reform

President El Sisi in Parliament


Nine years ago, on the 25th of January 2011, Egypt’s history was rewritten by a popular non-violent revolution, skillfully organized by young people, whose life-time, then, was lesser than the time-span of the thirty-years rule of the autocratic regime they brought down, within only eighteen days. I was one of those pro-democracy anti-dictatorship revolutionaries. I had my fair share of exaggerated optimism, stemming from deep political naivety, that characterized most of the young revolutionaries in Tahrir Square, at that time.

We believed that the miraculous spill that enabled us to overthrow Mubarak’s regime, in eighteen days, would empower us to build a liberal democratic state within a year or less. Eighteen months later, we woke up from our dreamy optimism to the super awakening shock of watching the Muslim Brotherhood in presidential office and the extremist Salafists making legislations in Parliament. It took us another popular revolution, supported by the military institute, to remove them from power and get back on track for rebuilding our new democratic state.

Getting back on the track of liberal democratization, after removing Islamists from power, was not an easy mission. The Muslim Brotherhood was not as accepting as Mubarak and his affiliates to the political defeat they encountered. They swore to ensue death and blood against those who removed them from power. They targeted innocent civilians, military personnel, policemen, and state institutions, with the purpose to create a state of extreme chaos, similar to the post Arab Spring Syria or Libya, so they can find their way back in power, as a “parallel” government. It was impossible to pursue democratic reform under this constant security threat.

For two years, between 2013 and 2015, Egypt was heavily invested in controlling that domestic security threat, while lobbying international support for the new elected political regime of President El-Sisi. By 2016, the police forces managed to successfully restore security in the main cities, including the capital city of Cairo, while the military was busy with the war on Islamist terrorist groups in northern Sinai. Hence, the Egyptian state got a chance to plan for socio-political reform.

For President El-Sisi, social and economic reform was a higher priority to democratization and political reform. While this approach invigorated a lot of media criticism against El-Sisi’s regime, time has proven its validity for the unique case of Egypt. It was almost impossible to rush into building a liberal democratic state, in a country that suffers from strong political divisions, severe economic depression, and lack of security. Nigeria is one example of many states that failed by rushing into western-style democratic reform before laying the proper foundation for a stable democratic state, by first stabilizing economy and improving the state of security and social development.

As we are about to enter a new decade in the age of the post-Arab-Spring Egypt, it is time for the political leadership and citizens to consider taking serious steps towards building a stable liberal democratic state; based on multiparty system and peaceful devolution of power. In a recent statement, President El-Sisi hinted on the importance of considering a merger plan amongst the active political parties, noting that one of the obstacles in the way for appropriate and rapid political reform is the huge number of ineffective political parties. Egypt has more than one hundred registered political parties in addition to a dozen of non-registered political blocs. An average Egyptian would hardly recognize or remember the name of only two of those parties, not because of their political reputation, but because of their charity initiatives around elections.

The main guarantee for Egypt’s successful progression towards economic reform and social development is ensuring state stability. In turn, the main guarantee for state stability is by pursuing a long-term plan for liberal democratic reform. The first step in building a stable liberal democratic state should be creating a reasonable number of efficient and vibrant political parties, that can peacefully compete against each other for the benefit of the citizens. Over the coming five years, Egypt is expected to organize a series of elections starting with municipal council elections in 2020, parliamentary elections in 2021, and presidential elections in 2024. This week, parliamentary discussions around the parties’ merger plan has been initiated by Al-Wafd Party; hopefully resulting into a workable solution, in the near future.


مصر 2020: من معركتي البقاء والبناء، إلى معركة الإصلاح السياسي


تسعة أعوام قد مرت على ثورة يناير، التي غيرت وجه مصر ووضعت حداً فاصلاً بين تاريخ قديم كُتِب ومات قبلها وتاريخ جديد ما زال في طور التكوين، بينما نكتب تفاصيله بإيادينا. كانت الثورة المصرية أخت لسلسلة من الثورات الشعبية التي ضربت المنطقة العربية في العام ٢٠١١، فأصاب بعضها أهدافه بدقة ثم تلاشى أثره، بينما ضل بعضها الهدف فأصاب نفسه وتدمّر ودمّر كل ما حوله. فعلت هذه الثورات بجيلي ما لم يفعله أي حدث أخر في كل الأجيال التي سبقتنا، فقد كانت هي الطريقة التي أعلنَا بها عن أنفسنا وعن وجودنا، وتمكنَا بها من هدم أنظمة ديكتاتورية تجاوز أعمارها أعمارنا الصغيرة نسبياً في ذاك الوقت.

لكن الأمر الأعظم من معايشة تجربة الثورة نفسها، كان ما تعلمناه منها ومن الأحداث التي وقعت بعدها، فمثلما هدمت الثورة حاجز الخوف الذي ملأ قلوب المصريين على مدار عقود، رفعت الأحداث الجسام التي تلتها غشاوة من السذاجة كانت تغلف عقولنا المتفائلة، التي لم تكن تتوقع، بخبرتها السياسية المحدودة جداً، أن جماعة الإخوان المسلمين كانت تقف على باب ثورتنا متربصة لاختطافها ووأدها، من أجل خلق فراغ سياسي يمكن الجماعة الإرهابية من الصعود نحو أعلى نقطة في السلطة السياسية، وتحويل مصر لعاصمة خلافة تقود الجماعة العالم من خلالها، تحت لواء التعاليم الإرهابية لأبيهم المؤسس حسن البنا والنظريات المختلة لمفكرهم الأعظم سيد قطب، والفتاوى السادية لشيخهم الأكبر يوسف القرضاوي.

غير أنه من حسن طالع الشعب المصري أن كان له جيش يحبه ويحميه، ينحاز له لا لمن يجلس على كرسي الرئيس، يدافع عنه وعن إرادته بقدر ما يدافع عن أمنه واستقراره، ولولاه ما تمكن الشعب من إنقاذ مصر من براثن جماعة الإخوان التي اختطفت الوطن في غفلة أو لنقل “نشوة” الثورة.

خضنا، جيشاً وشعباً، بعد هذه المرحلة الصعبة، حروباً سياسية أكثر ضراوة على المستويين الداخلي والدولي، في معركة عنوانها “البقاء” نجحت مصر فيها باستعادة الأمن والاستقرار ومقاومة حالة الفوضى التي أراد الإخوان، ومن هم وراءهم من قوى دولية معادية، فرضها علينا، وانتهاء باختيار ابن مصر المخلص، المشير عبد الفتاح السيسي، الذي كان جزءاً أصيلاً من نجاح ثورة يناير ضد مبارك في ٢٠١١ وثورة يونيو ضد الإخوان في ٢٠١٣، لتبدأ مصر من بعدها معركة عنوانها “البناء” نجحت خلالها مصر، في وقت قياسي، في تحقيق تطور هائل على مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً بين الطبقات المهمشة والأكثر فقراً.

وبينما نحن اليوم على أعتاب عقد جديد في مسيرة الزمن، وبعد تسع سنوات من ثورة شعبية كان على قمة أولوياتها بناء الدولة الديمقراطية، آن الأوان لمصر، الدولة والشعب، أن يدشن معركته الجديدة تحت عنوان “الإصلاح”، والمقصود هنا الإصلاح السياسي الشامل الذي سيمكن مصر من إدخال تعديلات ضرورية على النظام السياسي العام في مصر، تتعلق بالحوكمة والديمقراطية والتنمية السياسية، وهو أمر تحدث الرئيس السيسي عن ضرورة إرساءه كضمانة لا غنى عنها لاستقرار الدولة وأمنها، في مواجهة تحديات المستقبل المتوقعة وغير المتوقعة.

ولن ينسى التاريخ للرئيس السيسي تحركاته المشهودة نحو تحقيق هذا الإصلاح، بقدر ما تتيح له صلاحياته والظروف السياسية والأمنية التي تمر بها مصر، وأيضاً بقدر جاهزية الشعب والدولة لتحمل ما تيسر تفعيله من تلك الإصلاحات، ومنها تمكين المرأة في المناصب السياسية والتشريعية العليا، وتأهيل الشباب وتدريبهم على القيادة وإتاحة الفرصة لهم لتولي مناصب مؤثرة في نظام الحكم كوزراء ونواب برلمان ونواب محافظين، لكن لا يمكن أن تستمر القيادة السياسية للدولة، أو رئيس الدولة، في بناء الدولة الديمقراطية وحده، يجب أن يكون في مصر أحزاب سياسية مؤثرة قادرة على إعانته نحو تحقيق هذا الهدف.


وربما هنا تكمن أكبر مشكلة سياسية تمر مصر بها حالياً، وهي المشكلة التي تعتبر عائق رئيسي نحو تحقيق أي تطور حقيقي نحو بناء الدولة الديمقراطية، آلا وهي حالة الفوضى التي تمر بها الأحزاب السياسية في مصر، ما بين:


• أحزاب قديمة لا يعرف الجيل الحالي إلا ما يراه عنها في أفلام الأبيض والأسود القديمة،


• وأحزاب “الرجل الواحد” التي نشأت في أواخر عهد مبارك لتلميع شخصيات سياسية معارضة آنذاك دون أن يكون لها أي أجندة أو برنامج يتعلق بمستقبل الوطن أو المواطن،


• وأحزاب حديثة نشأت في خضم النشوة السياسية التي أصابت الناس بعد ثورة يناير، ويتجاوز عددها المائة حزب لكنهم كغثاء السيل لا نفع يرجى منهم ولا نشاط يذكر لهم،


• بالإضافة إلى عدد من الأحزاب الدينية التي ازدهرت تحت حكم الإخوان، وما زالت تعمل حتى الآن برغم عدم دستورية أو قانونية أوضاعها،


• وأخيراً عدد محدود جداً لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من الأحزاب التي ظهرت في السنوات القليلة الأخيرة والتي تعمل بشكل موسمي، أي في مواسم الانتخابات فقط، ونشاطها يشبه أنشطة الجمعيات الخيرية، دون أن يكون لهم أي دور سياسي حقيقي في اكتشاف وتأهيل الكوادر السياسية والتأثير في الحياة العامة، أو حتى إتاحة مساحة صحية لقوى المعارضة للتعبير عن أنفسهم بشكل إيجابي يثري الحياة السياسية ويطور من منظومة الحكم في مصر للأفضل، بعيداً عن أسلوب المكايدات السياسية المنفر، والذي تمارسه المعارضة منذ زمن مبارك.

وقد وجه الرئيس السيسي، ضمن كلمة له الشهر الماضي، بضرورة بحث الأحزاب فيما بينها عن طريقة للسيطرة على حالة الفوضى تلك، واقترح سيادته فكرة دمج الأحزاب الصغيرة والمتناثرة في كيانات حزبية محدودة العدد لكن كبيرة الحجم والتأثير، كخطوة أولى نحو التعجيل بعملية الإصلاح السياسي في مصر، وهو الأمر الذي تلقفه قيادات حزب الوفد بالبرلمان وبدأوا من خلاله سلسلة مناقشات تهدف لتحقيق هذا الدمج، ومن يعرف كيف تعمل الأحزاب في مصر، سيعرف أن مسألة الدمج هذه هي مسألة في غاية الصعوبة، وسوف تتطلب الكثير من الجهد والمفاوضات، لكن لو نجحت ستكون بمثابة إعلان بداية جديدة على خلفية سليمة وقوية لمنظومة العمل السياسي في مصر بشكل عام، خصوصاً مع كل الاستحقاقات الانتخابية المنتظرة في مصر خلال الخمسة أعوام القادمة على مستوى حكم المحليات والبرلمان بغرفتيه، والانتخابات الرئاسية أيضاً.


Tuesday, January 21, 2020

Curious: How Egypt Survived the Arab Spring?


This January marks the 9th anniversary of Egypt's Arab Spring revolution that brought down Mubarak's autocracy, on January 25th, 2011. 

Egypt and Tunisia are the only two countries that survived the destructive aftermath of the Arab Spring. Egypt was not as immune as Tunisia to a tragic scenario similar to that of Libya and Syria, where Islamists, military, and revolutionaries got involved into civil war. However, in Egypt, the conflict management strategies selected by each of the three parties, especially the military leadership, played a significant role in helping Egypt survive the dire consequences of the Arab Spring. One core strategy that made the whole difference was the high discipline to nonviolent action, not only by the revolutionaries, but also by the military forces that was sent to control the protests. 

Curious to learn more about how the skillful use of nonviolent action and strategies helped Egypt survive the Arab Spring, we invite you to read the book:


available on Amazon and all affiliated bookstores worldwide.



Here is a brief review about what to expect to see inside the book: 


This book is the first publication to introduce “reverse nonviolent action” as a new theory within the socio-political field of nonviolent action and strategies. Through studying the curious case of Egypt during and after the waves of Arab Spring revolutions, the author proposes an insider’s answer to Arab Spring’s academic and political most complicated questions. This is the first Arab Spring related study to analyze the strategic choices made by the military institution, official and non-official Islamists, and the young liberal democratic activists to employ violent aggression, nonviolent strategies, and reverse nonviolent action to achieve social change and win political power.




Sunday, January 12, 2020

Middle East 2020: From proxy war to Face-off confrontation

Middle East war 2020

The new year came with a new surprise for the people of the Middle East, as the United States killed Iran’s most powerful military commander, Qassem Suliemani and some of his assistants. While bracing for Iran’s response, a mixture feeling of celebration and panic overwhelmed the citizens of the region, particularly those closer to Iran in Syria, Iraq and the Arab Gulf region.

After days of versing hollow threats, Iran held a huge funeral for the Mullahs’ favored notorious general, wherein more than fifty Iranians were killed, and then fired a dozen of rockets on an empty American military base in Iraq, and one of the rockets hit a civil plane and killed more than 170 people, including Iranians.

Soon after the weak and confused response from Iran, the frightened people of the Middle East dismissed the thought of anticipating a third world war; forgetting that the Middle East has already been drowning in war, for about a decade. The world powers fighting via proxies in Syria, Libya, and Yemen are already operating a covert third world war. 

The United States surprising attack on Iran, that left Iran and its closest allies in extreme shock and perplexity, will not put an end to this ongoing war. Rather, it will redefine the methodologies and strategies adopted by non-Middle-Eastern powerful players in managing their conflicting interests in the Middle East.

It is a turning point, wherein those international powers are expected to give up on guerilla/ proxy battles; employing terrorist militias and the so-called parallel governments against each other, to directly confront each other in an overt/ face off conflict. Due to its expensive cost, this direct confrontation is not expected to take a military form. 

Most likely, the new overt war shall make use of political pressure and diplomatic negotiations to manage the conflicting interests of all involved parties, including not only the conflicting world powers but also the people of the countries wherein they fight.

The defeated response by Iran, the deafening silence of Qatar, the Russian expansion in Syria and Libya that forced Turkey to withdraw to a limited border area in northern Syria and retreat from military intervention in Libya, are only a few signs on the changing nature of conflict that we are going to witness in the Middle East, in 2020.This new form of relatively calmer conflict might weaken the terrorist militias sowing mayhem all over the region, today; and thus, left the immense pressure suffered by civilians in conflict-zone countries.

As the civilians get relieved from the pressure of proxy militia wars, they will turn their attention to influence long-awaited political and governance-related changes in their home countries. We may see countries, like Libya and Syria, ditching their so-called “parallel governments” and unregulated political parties, which appeared in the aftermath of the Arab Spring revolutions and intensified the internal conflicts rather than offering a solution to them, to unite under elected unified governments that could help lay the foundation for their new states. 

We may see countries, like Iraq and Lebanon, cleaning their governments from Iran-loyalist politicians, to replace them with more patriotic political leaders, who would make the social, political, and economic interests of their own citizens a priority. Meanwhile, political stability and national security is also expected to improve in North African countries, like Egypt and Tunisia. That may, also, lead to more stability in countries going through political transition, like Algeria and Sudan.

Yet, the most important political event to watch for, in 2020, is the Palestinian elections, should they eventually are held. The high probability of Hamas’ seizure of the government, the legislative bureau, and the Palestinian Authority, through those elections, may turn the table in favor of the terrorism-sponsoring squad of Iran, Turkey, and Qatar. Such a development will simply re-empower the militia and terrorist organizations this squad is backing and will consequently take the whole Middle East region back to where we were before, January 2nd, the day the notorious general Qassem Suliemani was killed.


الشرق الأوسط 2020: بداية مرحلة الحرب على المكشوف

Middle East war 2020

أصاب عموم الناس في منطقة الشرق الأوسط، مع بداية العام الجديد، وعلى اختلاف انتماءاتهم السياسية والاجتماعية وحتى الدينية، حالة من الذعر والترقب وصلت لحد مبالغة البعض بادعاء أننا مقبلين على حرب عالمية ثالثة، وذلك على خلفية الأزمة التي نشبت بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية بعد عدد من الاشتباكات بين الطرفين على الأراضي العراقية انتهت بتصفية قاسم سليماني بواسطة القوات الأمريكية، في ثاني أيام العام الجديد. 

قاسم سليماني هو أهم قائد عسكري لدى إيران، والمحرك الفعلي والمدبر الأعلى لكل الميليشيات التابعة لإيران في الجانب الشرقي من منطقة الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي لم ترد عليه إيران إلا بكلمات تهديد جوفاء، ومسيرات جنائزية حاشدة حصدت أرواح أكثر من خمسين إيراني بسبب التزاحم والتدافع، وبعض الضربات الصاروخية إلى داخل العراق، والتي لم تسفر عن أي خسائر تذكر للجانب الأمريكي.

إن الحديث عن اشتعال حرب عالمية ثالثة في العام ٢٠٢٠ هو أمر مبالغ فيه إلى أبعد حد، وإن كان هذا لا ينفي حقيقة أن المنطقة في حالة حرب ممتدة منذ ما يقارب عقد كامل، في صورة معارك صغيرة ومتفرقة، لكن كلها تقع تحت نفس الفئة من حيث كونها صراع واحد كبير بين قوى الإسلام السياسي على اختلاف مشاربها ومذاهبها وداعميها، والتي تتفق جميعاً على تدمير الدول الوطنية الحديثة وإعادة المنطقة لعصر الخلافة، وبين دول المنطقة وقواتها المسلحة التي تحاول جاهدة أن تحافظ على سيادة أراضيها وتوحيد مواطنيها على خلفية قومية واحدة في مواجهة ذاك التخلف.

ولكن، في المقابل، لا يمكن الجزم بأن الضربة الأمريكية القاصمة لإيران ستضع حد لمعاناة شعوب المنطقة وتنهي حالة الحرب تلك، بقدرة قادر، بل الفرق الرئيسي والذي من المتوقع أن نشهده في العام الجديد، هو تغير شكل وأسلوب تلك الحرب الممتدة عبر ربوع الشرق الأوسط، إذ إننا مقبلين على مرحلة جديدة سيتحول فيها الصراع من حرب عصابات، تتخفى فيها الدول أصحاب المصالح والمطامع وراء ميليشيات إرهابية، في معارك ليس لها قواعد أو أبعاد واضحة والكل فيها خاسر بدرجة أو بأخرى، إلى حالة من الحرب على المكشوف، تعري فيها الدول وجوهها الحقيقية وتتصارع فيها عبر الأدوات العسكرية والسياسية والدبلوماسية التقليدية، وتعلن عن مصالحها وتتفاوض عليها، وهذا ما قد يبشر، ولو على المدى البعيد، بأن ثمة حلول ممكنة للحالة المزرية التي وصلت لها شعوب المنطقة اليوم، بسبب صراعات قوى خارجية طمعاً في نهب خيرات بلادهم.

وقد بدأت مشاهد الحرب على المكشوف تتجلى بالفعل، وأولها وأهمها هو صمت قطر المطبق، وهي الممول الأكبر للتنظيمات الإرهابية في المنطقة، تجاه مقتل قاسم سليماني، برغم العلاقة القريبة بين الأسرة الحاكمة في قطر ونظام الملالي في إيران، فقبل أسابيع قليلة من مقتل سليماني، كان الأمير تميم والرئيس أردوغان وأية الله خامنئي يترأسون اجتماع اسموه “القمة الإسلامية” في كوالالمبور. وهو أمر يعكس حجم الارتباك الكبير، وربما الخوف أيضاً، داخل أروقة النظام القطري الآن.

ثاني أهم مشاهد تلك الحرب المكشوفة هو الطريقة التي حٌلت بها الأزمة التي كانت تحاول تركيا افتعالها في منطقة شمال أفريقيا وحوض البحر المتوسط، من خلال سعي إردوغان للتدخل العسكري في ليبيا بغرض نهب ما تملكه من ثروات نفطية، وسرقة نصيب أكبر من ثروات الغاز في حوض البحر المتوسط، إذ تدخلت روسيا بشكل صريح لتسيطر على أطماع أردوغان وتجبره على التراجع عن مخططه، وهو الأمر الذي استجاب له أردوغان مضطراً، خوفاً على مصالح تركيا الاقتصادية والعسكرية مع روسيا، وحتى لا تتأثر مصالح تركيا على الأراضي السورية بعد التوسع الكبير للتواجد الروسي خلال الفترة القليلة الماضية والذي أجبر تركيا على التراجع إلى مساحة صغيرة على الحدود الشمالية لسوريا.

مع افتراض سلامة هذه التوقعات، فإن هذه الحرب المكشوفة التي يديرها أصحابها على رقعة الشرق الأوسط، لابد وأن تسفر عن حالة من الهدوء النسبي، ستقلص من تواجد التنظيمات الإرهابية في بؤر محددة يسهل السيطرة عليها، وبالتالي ستسمح لشعوب المنطقة، خصوصاً تلك التي كانت واقعة تحت ضغوط الإرهاب والحروب الأهلية، بالالتفات إلى معالجة أمور داخلية أخرى تتعلق بالحوكمة والشأن السياسي.

فقد نرى مثلاً تخلص بعض الدول مثل ليبيا وسوريا من الحكومات الموازية والكيانات السياسية المشتتة التي تكونت في أعقاب ثورات الربيع العربي، وربما تنجح في إقامة حكومات موحدة، بينما من المتوقع أن تقوم بعض الدول الأخرى بعمل تغير جذري في نظام الحكم أو الرموز الحاكمة بها مثلما هو الحال في لبنان والعراق، وحتماً سيزداد الاستقرار لدى غالبية الدول في شمال أفريقيا مثل مصر وتونس وحتى الجزائر. 

لكن يبقى أهم حدث سياسي علينا جميعاً مراقبته في ٢٠٢٠ هو الانتخابات الفلسطينية، إن تمت بالفعل بعد توافق كافة الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية، إذ أن المنظومة الحالية داخل الأراضي الفلسطينية تزيد من احتمالات فوز حركة حماس بالسلطة، ولو حدث ذلك فسوف تتغير دفة الأمور بالكامل لمصلحة إيران وقطر وتركيا، وربما ينفث الروح في التنظيمات الإرهابية التي ترعاها تلك الدول من جديد، وبالتالي تعود المنطقة لنقطة صفر.

Friday, January 03, 2020

مقتل قاسم سليماني.. بداية النهاية لنظام الثورة الإسلامية في إيران


اليوم هو يوم فارق في تاريخ العالم، وواقع الشرق الأوسط، اليوم قتلت القوات الأمريكية قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني.

هذا الرجل يتخطى في إرهابه البغدادي وبن لادن، هو مؤسس كل الكيانات الإرهابية التابعة لإيران، من تنظيمات وميليشيات، والتي تعيث فساداً في دول الشرق الأوسط منذ عقود، وهو المسؤول عن قتل ما يزيد على خمسمائة ناشط مدني عراقي الشهر الماضي فقط، عبر اغتيالات مباشرة، بهدف إخماد الثورة في العراق.
نظام الملالي في إيران كانوا يسمونه الخاتم الذي يزين أصبع إيران، كان بالنسبة لهم كل شيء، لهذا فإن مقتله اليوم هو بداية النهاية لإيران وجبروت النظام الإيراني.

وكما هو متوقع، التنظيمات الإرهابية التي كان يدعمها سليماني في السر مثل حركة حماس، خرجت تنعيه ووصفته بالشهيد! كما فعلت الجزيرة (قطر) أيضاً، وبالتأكيد أن أردوغان (تركيا) في صدمة كبيرة الآن.

الرئيس الأمريكي ترامب اتخذ خطوة الهجوم على مكان سليماني في العراق منفرداً دون موافقة الكونجرس، وذلك بعد سلسلة من الاستفزازات الإيرانية كان أخرها الاعتداء على السفارة الأمريكية في العراق، وكذلك مقتل وإصابة أفراد في قاعدة عسكرية أمريكية هناك، لهذا كان يجب أن ترد الولايات المتحدة، وطبعاً لأن ترامب كان يعلم أن الكونجرس لن يوافق، اتخذ الخطوة منفرداً، وللأسف خرج الديمقراطيين في الكونجرس بعد ساعات من نجاح الضربة الأمريكية يلومون ترامب بدلاً من أن يشكروه بحجة أن ما فعله سيصعد العنف في الشرق الأوسط، وهناك في الإعلام من يردد هذا الكلام الغير منطقي للأسف.

إلى هؤلاء القلقين بشأن تصاعد العنف في الشرق الأوسط بعد مقتل الإرهابي قاسم سليماني، لا تكذبوا على أنفسكم... فإن الشرق الأوسط يعوم في بحر من العنف منذ عقود بسبب سليماني وميليشياته، الفرق الآن أن هذا العنف يقتل الإرهابيين ويحافظ على حياة ملايين المدنيين التي فقدت على يد إرهابهم.

صحيح أن الضربة أمريكية، لكن الأبطال الحقيقيين لهذه الواقعة هم شباب العراق الذين لم يرهبهم ميليشيات إيران ونزلوا يطالبون بتحرير بلادهم منهم. والعار كل العار على الحكومة العراقية التي تنعي سليماني على أنه "شهيد"!!

أما بالنسبة لمستقبل مصر في خضم هذا اللهيب، فلست خائفة على بلد يقودها رجل مثل عبد الفتاح السيسي.