Wednesday, June 24, 2015

كابوس الإخوان قبل الأخير

الإخوان المسلمين مظاهرات


تعيش جماعة الإخوان المسلمين كابوس مفزع هذه الأيام، أحد مشاهده يتمثل في تخلي قوى العالم عن دعم الجماعة والاعتراف العالمي الغير معلن بأن الإخوان تمارس العنف وتدعم الإرهاب، على عكس الصورة السابقة التي كان يسوق بها الإخوان لنفسهم على أنهم التيار الإسلامي الأكثر اعتدالاً وسلمية بين كل تيارات الإسلام السياسي الأخرى. 

أي أن خدعتهم الكبرى قد تكشفت، وتجلى ذلك في واقعتين هذا الشهر: واقعة توقيف مذيع الجزيرة الإخواني أحمد منصور في ألمانيا على خلفية لقاء إعلامي مع زعماء جبهة النصرة، وواقعة إعلان الخارجية الأمريكية رفضها لقاء قيادات الإخوان في واشنطن. 

أضف إلى ذلك كم الانقسامات الشديدة التي تحدث الآن بداخل التنظيم الدولي للجماعة على مستوى القيادة، وإنفلات الوثاق بين القيادات والقواعد داخل مصر وخارجها، وتخلي أنصار الجماعة عنها، إما هؤلاء الذين انضموا لتحالفاتهم الإسلامية أو الذين ناصروهم في مظلوميتهم الكاذبة من باب حماية الحقوق.

لكن لا يعني ذلك أن جماعة الإخوان انتهت أو في طريقها للنهاية، فهي كالثعبان، مهما تقطع جسده سيبقى حياً، ولا سبيل للقضاء عليها سوىالضرب على الرأس حيث مكمن الشرور، وعلى مصر كدولة ومجتمع مدني وإعلام، تحقيق تلك الضربة بأسرع وقت ممكن من خلال:  

أولاً: تكثيف الأنشطة الغير رسمية في الضغط على الحكومة الأمريكية والإتحاد الأوربي لإدراج الإخوان ضمن التنظيمات الإرهابية لديها، وهو هدف نسعى إليه منذ سنتين من خلال "الحملة الشعبية لإدراج الإخوان كتنظيم إرهابي دولياً" ولدينا من الوثائق ما يثبت تورط الإخوان في أعمال تضر بالأمن القومي ليس فقط في مصر، ولكن في أمريكا وأوروبا أيضاً. والآن هو الوقت الأمثل لينضم كل المهتمين تحت راية هذه الحملة واستغلال ما حققته من نجاح حتى الآن. 

ثانياً: إسقاط الإسلام السياسي من المعادلة المصرية تماماً وذلك باتخاذ خطوات ملموسة تجاه مسألة تطوير الخطاب الديني التي دعى لها الرئيس مراراً، وعدم اللجوء لبدائل الإخوان في السياسة، لأن المساحة التي أتيجت للإسلام السياسي في حقب سابقة تضاءلت بشدة مؤخراً بسبب تصاعد عنف الإخوان وأنصارهم من السلفيين والجهاديين، بما جعل من الأولى شطب هذه المساحة من الحياة السياسة المصرية أصلاً. 

ثالثاً: الاستمرار في تحقيق تقدم سياسي وليس اقتصادي فقط، رغم تفهمي لحاجة مصر الملحة لنهضة اقتصادية تعوض كل ما خسرناه السنوات الماضية، لكن العالم لا يهتم كثيراً بالنمو الاقتصادي الداخلي قدر ما يهتم بتطور البلاد السياسي وإلى أي مدى مصر أصبحت قريبة أو بعيدة من تحقيق الديمقراطية. ومن ذلك، أستكمال خارطة الطريق، مع ضرورة تقوية دور الأحزاب وخلق مناخ يسمح بالتنافس الشريف فيما بينها، على عكس الصورة المهتزة التي نعيشها حالياً.

رابعاً: الاستمرار في تطوير قواتنا المسلحة وأفرادها لأداء أدوار القوات المسلحة التقليدية المرتبطة بالحروب والأنشطة العسكرية أو الأدوار الغير تقليدية المرتبطة بالأنشطة الاجتماعية والاقتصادية، لأن قواتنا المسلحة ما زالت هي الورقة الرابحة في علاقاتنا مع العالم، خصوصاً أمريكا، وهي مصدر الاهتمام الحقيقي بمصر كدولة قائمة ذات جيش حقيقي، ليس له مثيل في كل المنطقة العربية. 

إن القضاء تماماً على سموم الجماعة الإرهابية ليس مهمة سهلة، وستأخذ وقت. لكن العبرة في المثابرة ومواصلة الكفاح حتى النهاية لأن مصر، وربما العالم بأسره، لن ينصلح حاله ويعتدل ميزانه قبل أن تتحول جماعة الإخوان المسلمين من واقع مُر إلى صفحة سوداء في كتب التاريخ. 

Wednesday, June 17, 2015

في مسألة الفريق شفيق

الفريق أحمد شفيق


إن الفريق أحمد شفيق لم يعد للظهور على الساحة السياسية المصرية لأنه لم يختفي عنها أصلاً، كل الحكاية أن بعض الإعلاميين عادوا للاهتمام بأخباره التي تجاهلوها طيلة أشهر، بعدما نشرت الصحف أخبار عن تحركات حزب الحركة الوطنية لتشجيع المسؤولين في مصر على اتخاذ إجراءات بشأن تأمين عودة شفيق ورفع أسمه من قوائم الممنوعين من السفر بسبب قضية لا يفهم أحد سر تعليقها حتى اليوم. 

استغل هؤلاء الفرصة وأتوا بالفريق شفيق تحت مقصلتهم وأعطوا لأنفسهم الحق في إجراء تحقيقات معه على الهواء لم يقم بها النائب العام نفسه حتى الآن، ومن ثم تلقف المتلقفون على السوشيال ميديا تصريحات الرجل التي لم تخالف الحقيقة في شيء، وحرفوها ليبدو وكأنه يهاجم الرئيس السيسي أو يقدم نفسه كبديل عنه، وهو أمر مستحيل أن يخطر ببال عاقل، ليس فقط لأن الفريق شفيق لن يقبل على تلك الخطوة لما فيها من خطر كبير على استقرار البلد، ولكن أيضاً لأن الشعب المصري الذي أحب الفريق شفيق وأيده في مواجهة الإخوان في 2012 هو نفسه الذي أختار المشير السيسي في 2014 ومازال يؤمن به ويدعمه، ويرى أن كليهما عضدين لا ضدين.  

كل ما يريده الفريق شفيق – ونحن أيضاً – هو شيء من التقدير الذي يستحقه في بلده. هل نعيب على الرجل إنزعاجه كلما رأي أسمه يشوه على صفحات جرائد وطنه، أو نستكثر عليه شعوره بالمرارة لتجاهله في مشهد 3 يوليو العظيم، في حين سمح لأخرين بتصدر المشهد وقتها ولم يكن لهم أي دور يذكر مقارنة بدور الفريق شفيق وأنصاره في إسقاط فاشية الإخوان. بل على العكس، كان بعضهم مؤيداً أعمى للإخوان قبل وأثناء فترة استيلائهم على مصر لأسباب دينية لا علاقة لها بحب الوطن، وتسبب بعضهم الأخر بمواقفه المائعة بعد 3 يوليو في توريط الوطن في خيبات ما زلنا ندفع ثمنها حتى اليوم ثم فر إلى أوروبا متعمداً رشق جسد الوطن بتغريدات كالشوك المسمم بين الحين والآخر – وحاشى لله أن يفهم كلامي على أنه مقارنة بين الفريق شفيق وهؤلاء. 

هل نعيب على الفريق شفيق إصراره على استكمال التحقيق في انتخابات الرئاسة 2012 التي ما زالت تشكل عثرة في علاقاتنا الخارجية بسبب تصوير الإخوان لها بالديقمراطية وبالتالي تمنح نظام الإخوان شرعية كاذبة وتنفي عن النظام الحالي تلك الشرعية في نظر العالم، على عكس الواقع الذي شهدته بنفسي كمدير لفريق مكون من سبعة ألاف متابع وسبعة وأربعين منظمة مجتمع مدني وقتها، قام بتوثيق ما بهذه الانتخابات من تزوير فج ينفي عنها صفتي الحرية والنزاهة، فضلاً عن شبهة التلاعب بالنتائج الجاري التحقيق فيها حالياً.

إن الفريق شفيق - من وجهة نظري – ليس طامعاً في منصب أو راغباً في سلطة، هو رجل أحب مصر لدرجة أن فراقه عنها يؤلمه، ولا يريد سوى أن يعود لأحضان وطنه ويعيش فيه معززاً مكرماً، بالشكل الذي يليق بتاريخه كعسكري شريف، وكوزير ناجح نضرب بإنجازاته المثل، ثم كرئيس وزراء يوم هرب الجميع من تحمل المسئولية، وأيضاً كمرشح رئاسي في معركة ضارية ضد تنظيم إرهابي بدافع إنقاذ الوطن.

ولأنه ليس في مصلحة أحد استمرار هذا الحال، نتمنى أن يتوقف الإعلام عن تناول الموضوع بطريقة درامية تعقد الأمور ولا تحلها، وأن يعجل القضاء بالبت في القضايا المعلقة، وكلي ثقة في حكمة القيادة السياسية في مصر لاحتواء الموقف بأسرع وقت، قبل أن يسيء أعداء الوطن استغلاله. 

Tuesday, June 09, 2015

وزارة للمصريين بالخارج.. لماذا؟

مظاهرات تأييد السيسي في نيويورك

أختتم الرئيس السيسي عامه الأول في الحكم بإنجاز عظيم أكمل به الدائرة الحرجة للعلاقات الخارجية الممتدة عبر أفريقيا والشرق الأوسط، ثم أسيا وأمريكا، وانتهاءاً بأوروبا، من خلال إعادة تأسيس علاقات طيبة مع ألمانيا بوصفها أهم دولة في الاتحاد الأوروبي والأكثر تأثيراً من حيث الثقل الاقتصادي والسياسي، بعد سنوات أهتزت فيها العلاقة بسبب ممارسات جماعة الإخوان الإرهابية إما أثناء وجودهم في الحكم أو حتى بعد سقوطهم. 

وربما كان أفضل ما أعلنه الرئيس في زيارته الأخيرة لألمانيا هو عزم الحكومة على إنشاء وزارة للمصريين بالخارج، وهو الأمر الذي لطالما طالبنا به نحن المصريون في الداخل، ليس فقط لرعاية شئون ومصالح إخوتنا الذين يعملون أو حتى يقيمون في دول أخرى، والذين لم يمنعهم الانفصال المكاني عن الوطن عن إعلان حبهم وتأييدهم له بشكل عملي ومشرف في كل مناسبة ممكنة، ولكن أيضاً للأستفادة من وجودهم وقدرتهم على التأثير كسفراء غير رسميين عن الشعب المصري في هذه الدول، في إطار الدبلوماسية الشعبية التي ازدادت الحاجة لها في السنتين الآخيرتين لمواجهة الآلة الترويجية الكاذبة لجماعة الإخوان الإرهابية ضد مصر.

فبالرغم من المجهود الجبار المبذول في إطار الدبلوماسية الشعبية من جانب قوى المجتمع المدني ورجال الأعمال والسياسيين المستقلين، خلال الفترة الماضية، سواء من مصريين في الداخل أو الخارج، ما زالت هذه المجهودات تفتقر إلى المايسترو الذي يقوم بتنسيقها وإدارتها لتتحرك معاً كقوة مؤثرة موحدة الأتجاه، كما أن مشاركة المقيمين في الخارج في تلك المجهودات كانت تقتصر – في معظمها – على الجيل الأول، ونادراً ما كان يشارك فيها أبناء الجيل الثاني الذين ولدوا في هذه البلاد ويستطيعون أن يؤثروا بقوة على الرأي العام هناك بشأن مصر من خلال تعاملاتهم اليومية العادية. وهو ما نظن أن الوزارة الجديدة تستطيع تنظيمة بشكل احترافي، وبما يخفف أيضاً العبء عن وزارة الخارجية المصرية لتركز فقط على تطوير القنوات الدبلوماسية الرسمية. 

وهنا يأتي السؤال الأصعب عن ماهية الشخص المناسب لتولي قيادة وزارة بهذه الأهمية في تلك المرحلة الحرجة التي تمر بها مصر، حيث يجب أن يكون شخص له خبرة بالعمل الدبلوماسي على المستويين الرسمي والشعبي، وله تأثير وسمعة حسنة دولياً تمكنه من التواصل وكسب ثقة الجاليات المصرية خصوصاً في الدول المهمة بالنسبة لمصر.

وفي رأيي المتواضع فإن أفضل من يمكنه أن يتولى هذا المنصب وتتوفر فيه تلك الصفات وأكثر هو السفير محمد العرابي وزير الخارجية السابق، فقد كان لي شرف التعامل معه كرئيس لوفد الدبلوماسية الشعبية الذي انضممت له قبيل زيارة الرئيس السيسي إلى ألمانيا، وقبلها في فاعليات الوفد الحقوقي الذي رافق الوفد الرسمي في المراجعة الدورية الشاملة لملف مصر في حقوق الإنسان في جنيف، وشهدت بنفسي حجم التأثير الذي يحظى به على مستوى دوائر صناعة القرار هناك أو حتى على المستوى الشعبي، فبالرغم من أنه ترك منصبه الرسمي طوعاً منذ بضعة سنوات، إلا أنه لم يتوقف عن ممارسة عمله واستغلال علاقاته الخارجية الواسعة لصالح مصر خصوصاً في أوروبا، نقطة قوته الأكبر. 

أما عن التوقيت المناسب لبدء الوزارة الجديدة عملها، فيجب أن يتم قبل بدء أعمال البرلمان الجديد الذي تم تخصيص بعض مقاعده للمصريين بالخارج، بحيث يمكن التنسيق معهم والاستفادة من وجودهم في كيان مؤثر في عملية صناعة القرار كالبرلمان، إما فيما يتعلق بالتشريعات الداخلية ونقل الخبرة أو فيما يتعلق بأنشطة تمثيل مصر دولياً كبرلمانيين.