Sunday, July 11, 2021

كيف وصلت البحرية المصرية إلى قادر ٢٠٢١

 


افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يوم السبت الثالث من يوليو، القاعدة البحرية التي طال انتظارها في ميناء جرجوب، على الساحل الشمالي الغربي لمصر في البحر المتوسط. تحمل القاعدة العملاقة اسم "الثالث من يوليو" تيمناً بذكرى توحد إرادة الشعب والجيش في الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين من السلطة في عام ٢٠١٣. اختتم حفل افتتاح القاعدة البحرية الجديدة بتنفيذ المناورة العسكرية "قادر ٢٠٢١" التي تم فيها استعراض المعدات المتطورة والمستوى الاحترافي المتقدم الذي وصلت له القوات البحرية المصرية خلال السنوات القليلة الماضية.
إن قاعدة ٣ يوليو في جرجوب هي القاعدة البحرية الثالثة، والقاعدة العسكرية الرابعة، التي تم بناؤها خلال السنوات الخمس الماضية، في إطار المهمة المستمرة لتحديث وإعادة بناء قدرات القوات المسلحة المصرية، خاصةً القوات البحرية. بالإضافة إلى قاعدة جرجوب، يشغّل الجيش المصري قاعدة بحرية في رأس بناس بالمنطقة الجنوبية للبحر الأحمر، وقاعدة بحرية مركزية في شرق بورسعيد في شمال شرق قناة السويس، بالإضافة إلى قاعدة محمد نجيب العسكرية في مرسي مطروح، التي تعد أكبر قاعدة عسكرية من نوعها في إفريقيا والشرق الأوسط، منذ أن بدأت العمل في يوليو ٢٠١٧.
حسب تصنيف جلوبال فايرباور للعام ٢٠٢١، تحتل القوات البحرية المصرية المرتبة السابعة بين أقوى الأساطيل البحرية في على مستوى العالم. لقد تم بذل جهد كبير، في السنوات الخمس الماضية، للوصول بالقوات البحرية المصرية إلى هذا التصنيف المتقدم. بدأت الرحلة الصعبة لتجديد وبناء قدرات القوات البحرية المصرية في يناير ٢٠١٧ من خلال تقسيم الأسطول البحري، لأول مرة في التاريخ، إلى أسطولين: جنوبي وشمالي. يتركز عمل الأسطول الشمالي على منطقة البحر المتوسط والسواحل الغربية، بينما يتركز عم الأسطول الجنوبي على منطقة البحر الأحمر وشمال قناة السويس.
تم تصميم البنية التحتية وتوزيع الأفراد والمهام على الأسطولين الشمالي والجنوبي بحيث يكون كل منهما قادر على ردع التهديدات المحتملة الناشئة عن الصراعات الإقليمية والجيوسياسية المتنامية في شرق المتوسط والقرن الأفريقي، كما أنها تعزز مكانة مصر الاقتصادية كمركز لوجيستي آمن بين أوروبا وأفريقيا وآسيا في منطقة تعج بالتهديدات الإرهابية وسيطرة الميليشيات على الممرات البحرية الهامة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ميليشيات الحوثي في اليمن وتنظيم داعش في الصومال. لا تقتصر الأهمية الاقتصادية لمصر على كونها الدولة التي تملك وتدير قناة السويس وحسب، ولكن أيضاً أضافت اكتشافات الغاز الأخيرة، في المنطقة البحرية المصرية في البحر المتوسط، أهمية خاصة لمصر كمحور جديد للطاقة بين القارات الثلاث.
لتسهيل استيعاب حجم التطوير الذي حدث في القوات البحرية المصرية، خلال الخمس سنوات الأخيرة، دعنا نقارن الأسلحة والمعدات المتقدمة التي تمتلكها البحرية المصرية اليوم بما كانت تمتلكه قبل عشر سنوات. في عام ٢٠١١، كانت مصر تمتلك بالكاد عددًا قليلاً من الغواصات الصينية التي تم شراؤها في الثمانينيات عدد قليل من الفرقاطات التي أعادت البحرية الأمريكية تدويرها، والتي اشترتها مصر منها في التسعينيات. اليوم، في عام ٢٠٢١، أصبحت مصر واحدة من تسع دول على مستوى العالم تمتلك حاملة الطائرات ميسترال، بالإضافة إلى الكورفيت الفرنسي جوويند، وفرقاطات فريم الإيطالية والفرنسية الصنع، بالإضافة إلى الغواصات الهجومية المتطورة فئة ٢٠٩/١٤٠٠مود.
بالإضافة لذلك، تتعاون المصانع التابعة للقوات البحرية المصرية، منذ عام ٢٠١٨، مع أكبر شركات بناء السفن الفرنسية والألمانية على التصنيع المحلي للفرقاطات وغيرها من العتاد البحرية. ضمن مراسم افتتاح قاعدة ٣ يوليو في جرجوب، رفع الرئيس السيسي العلم المصري على ٤٧ قطعة بحرية حربية جديدة، إيذانًا بدخولها إلى الأسطول المصري.
لم تقتصر عملية بناء قدرات القوات البحرية المصرية على تحسين حجم وكم التسليح في الأسطول البحري فقط، ولكن أيضاً اهتمت ببناء قدرات الأفراد من خلال التعليم والتدريب على أحدث المخرجات العالمية الخاصة بالتكنولوجيا البحرية. منذ عام ٢٠١٩، شاركت القوات البحرية المصرية في عدد غير مسبوق من التدريبات العسكرية المشتركة الإقليمية والدولية، التي أجريت غالبيتها في البحر المتوسط والبحر الأحمر، بالإضافة إلى تدريبات أخرى أجريت في مياه غير مصرية. على سبيل المثال، في أكتوبر ٢٠٢٠، أجرت القوات البحرية المصرية مع القوات البحرية الروسية تدريب مشترك في البحر الأسود كان هو الأول من نوعه بين البلدين. وحالياً، يشارك أفراد البحرية المصرية في تدريبات "Sea Breeze 2021" في البحر الأسود، في الفترة بين ٢٨ يونيو إلى ١٠ يوليو، مع ٣٢ دولة أخرى، تحت إشراف الأسطول السادس للولايات المتحدة والدولة المستضيفة أوكرانيا. جدير بالذكر هنا، أن هذه هي أول مرة تجتمع فيها القوات المصرية والإماراتية مع القوات التركية في تدريب واحد، وهذا أمر ذو مغزى سياسي مهم لمنطقة الشرق الأوسط، لا سيما في ضوء الصراعات الإقليمية الأخيرة في ليبيا وفي البحر المتوسط.
إن الموقع الجغرافي للقاعدة البحرية المصرية الجديدة في ميناء جرجوب، وكذلك توقيت افتتاحها، وأسماء الزعماء المدعوين لحضور حفل الافتتاح، وأيضاً سيناريو المناورة البحرية الجوية قادر ٢٠٢١، يحمل عددًا من الرسائل المهمة التي توجهها القوات المسلحة المصرية، ليس فقط إلى الشعب المصري، ولكن أيضًا للقوى الإقليمية والدولية، الصديق منها والمعادي، رسالة مفادها: أن مصر قد استعادت سيادتها على البحرين الأحمر والمتوسط وكل ما يرتبط بهما من مصالح اقتصادية وأمنية.