Friday, July 09, 2021

المسألة الليبية في قاعدة جرجوب البحرية

 


تحتفل مصر هذا الأسبوع بالذكرى الثامنة لسقوط نظام الإخوان المسلمين من الحكم، عام ٢٠١٣. ضمن الاحتفالات، قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم 3 يوليو، بافتتاح قاعدة بحرية جديدة باسم "٣ يوليو" في ميناء جرجوب، على الساحل الشمالي الغربي لمصر في البحر المتوسط. حضر حفل الافتتاح كل من سمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي.


إن القرب الجغرافي للقاعدة البحرية المصرية الجديدة من الحدود الليبية يسلط الضوء بشكل خاص على الدور الذي قد تلعبه هذه القاعدة العسكرية الجديدة في تعزيز التعاون السياسي والعسكري بين مصر وليبيا، حيث تقع قاعدة جرجوب على شاطئ البحر المتوسط بين مدينتي مرسى مطروح وسيدي براني، على بعد ١٢١ كيلومتراً (حوالي ساعة ونصف الساعة فقط بالسيارة) عن الحدود المصرية الليبية. تمثل ليبيا العمق الاستراتيجي الغربي للأمن القومي المصري، ومن ثم، يشكل الوضع الأمني المرتعش في ليبيا والفشل المحتمل للعملية السياسية مصدر قلق مباشر لمصر، لا سيما في ضوء استمرار وجود القوات التركية على الأراضي الليبية، وكذلك استمرار نشاط الميليشيات المحلية والمرتزقة الأجانب التابعين لكل من تركيا وروسيا هناك.
ذكرت بعض وسائل الإعلام الليبية، في الأيام القليلة الماضية، أن مصر أرسلت دعوة لحضور حفل افتتاح القاعدة البحرية إلى قيادات سياسية ليبية على الجانبين الشرقي والغربي، وذكروا تحديداً كلًّا من رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح وقائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، وكلاهما من الجانب الشرقي. أما على الجانب الغربي، من طرابلس، لم تدع مصر إلا محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي فقط، بينما تجاهلت دعوة عبد الحميد الدبيبة، رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية، رغم منصبه الحساس. على ما يبدو، استبعدت مصر الدبيبة بسبب دعمه لاستمرار تواجد القوات التركية في ليبيا. يحمل هذا التحرك من جانب مصر معنى مهمًا، لا سيما في ظل التوترات المتزايدة حاليًا بين عدة فصائل سياسية في ليبيا.
يسير رئيس الوزراء الدبيبة على خيط رفيع للغاية لإنجاز المهمة الصعبة الموكلة لحكومته، وهي مهمة توحيد الصف الليبي الشرقي والغربي قبل إجراء الانتخابات العامة في ديسمبر. تتمثل إحدى الخطوات المهمة لتحقيق هذه الوحدة في تعيين وزير دفاع يمكنه الجمع بين الجيشين الشرقي والغربي تحت قيادة واحدة. في مارس، ذكر الدبيبة أنه لم يستطع تعيين وزير دفاع بسبب "ضغوط هائلة على حكومته من قبل جهات خارجية". وبدلاً من ذلك، صادق الدبيبة بصفته رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية على الاتفاقية العسكرية التي وقعها سلفه في حكومة الوفاق مع الجيش التركي في عام ٢٠١٩.
خلال الأسبوع الماضي، تبادلت اللجنة العسكرية الليبية (٥+٥)، ورئيس المجلس الرئاسي، ورئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية، خطابات رسمية حول ضرورة تسمية وزير الدفاع وعدم الاستمرار في ترك هذا المنصب الحساس شاغراً لأكثر من ذلك. وقد هددت اللجنة العسكرية والمجلس الرئاسي بأنهما قد يقومان بتعيين وزير للدفاع، في اجتماع مقرر عقده يوم 4 يوليو، إذا استمر رئيس الوزراء في تجاهل مطالبتهما بتعيين وزير دفاع. مع تصاعد هذا الخلاف، يبدو أن هناك انقسامات حادثة بالفعل بين قيادات حكومة الوحدة الوطنية، على عكس ما قد يبدو من استقرار نسبي في طرابلس، وهذا يعد تحديًا إضافيًا إلى جانب التوترات القائمة بالفعل بين الفصائل السياسية والعسكرية في المناطق الشرقية والغربية، بما يزيد من احتمالات الفشل السياسي واندلاع حرب أهلية جديدة ستكون كارثية على ليبيا وجارتها المباشرة مصر، وربما على منطقة البحر المتوسط بأكملها.
من المتوقع أن يلتقي الرئيس المصري مع القادة الليبيين، الذين تم دعوتهم، على هامش حفل تدشين القاعدة البحرية الجديدة في جرجوب. لنأمل إذن أن يتمكن هذا الاجتماع من إنقاذ العملية السياسية الهشة في ليبيا ووضع حد للانقسامات السياسية والعسكرية المزمنة التي تهدد أي خطوة تتخذ في اتجاه الإصلاح.