Sunday, July 25, 2021

العلاقات المصرية الإسرائيلية فيما وراء التهديدات الأمنية


بعد عشرين عامًا من الحرب وأربعة عقود من السلام البارد، بدأت العلاقة بين مصر وإسرائيل مؤخراً تميل أكثر إلى شكل علاقة طبيعية بين دولتين جارتين عاديتين. في العامين الماضيين على وجه التحديد، بدأت العلاقات المصرية الإسرائيلية تأخذ شكلاً أكثر منطقية وأقل عاطفية، حيث فاقت نقاط التعاون الثنائي الكثير من العقبات التي أثارتها الخلافات الإقليمية. على الرغم من ذلك، ما زالت هناك حاجة إلى مزيد من الجهود للحفاظ على هذا الشكل الجديد للعلاقة بين الدولتين، وتجنب العودة إلى البرودة السابقة تحت ضغط الصراعات الإقليمية التي يشترك فيها الدولتين بشكل أو بأخر. 

في الأسبوع الماضي، بعث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي برسالة إلى الرئيس الإسرائيلي الجديد، إسحاق هرتسوغ، لتهنئته بفوزه في الانتخابات. أعرب الرئيس السيسي في رسالته عن أمله في أن تساهم التحولات السياسية الجديدة في إسرائيل "في زيادة تعزيز ثقافة السلام"، لا سيما فيما يتعلق بتحقيق حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، حيث كتب الرئيس السيسي في متن الخطاب: "إنني أتطلع بشدة إلى مساهمتك في هذا الصدد حتى تتمكن منطقتنا في النهاية من التمتع بالسلام الذي نتطلع إليه جميعًا".

في أواخر يونيو، تحدث الرئيس السيسي عبر الهاتف مع رئيس الوزراء الجديد، نفتالي بينيت، لتهنئته على نجاحه في تشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة في إسرائيل. ناقشا الزعيمان العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك الوضع في غزة ووقف إطلاق النار بوساطة مصرية بين حماس وإسرائيل. وقبل ذلك بأسابيع قليلة، تحدث وزير الخارجية المصري عبر الهاتف مع نظيره الإسرائيلي، يائير لابيد، الذي يشارك أيضًا في قيادة الحكومة الائتلافية الإسرائيلية الجديدة مع رئيس الوزراء بينيت. في منتصف يوليو، التقى وزيرا الخارجية معاً في بروكسل، على هامش اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي.

بدأت العلاقة بين مصر وإسرائيل تتحسن بشكل حقيقي ومتنامي منذ أن تولى الرئيس السيسي منصبه في منتصف عام ٢٠١٤. كان الدافع الأساسي لهذا التغير المهم والإيجابي في العلاقات المصرية الإسرائيلية هو التحولات السياسية التاريخية التي حدثت داخل مصر بين يناير ٢٠١١ حيث الثورة ضد مبارك ويونيو ٢٠١٣ حيث الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين من سدة الحكم الذي وصلوا إليه في غفلة من المصريين. في أعقاب ثورات الربيع العربي، كان أمراً حتميًا بالنسبة للطرفين المصري والإسرائيلي إن يتعاونا كدولتين متجاورتين جغرافياً ومرتبطان أمنياً ضد التهديدات المشتركة التي تشكلها الكيانات غير الشرعية والتنظيمات الإرهابية التي انتشرت كالجراد في جميع أنحاء الشرق الأوسط، آنذاك.

في عام ٢٠١٤، كانت إسرائيل واحدة من عدد قليل جدًا من الدول غير العربية، التي فهمت سبب اضطرار الجيش المصري للاستجابة لمطالب المصريين الذين وقعوا على استمارات حملة تمرد وخرجوا إلى الشوارع بالملايين بأن تصدى للنظام الثيوقراطي الذي كانت تحاول جماعة الإخوان المسلمين إقامته بعد تسلقهم سلم الديمقراطية. بينما كانت حماس تمرر الأسلحة والمؤنة بشكل غير شرعي إلى الجماعات الإرهابية التابعين لها في سيناء، مثل جماعة بيت المقدس، كانت إسرائيل تتعاون مع مصر على تعديل معاهدة السلام، الموقعة عام ١٩٧٩، بما يسمح بدخول معدات عسكرية وجنود إلى المنطقة ج في شمال سيناء من أجل محاربة العناصر الإرهابية التي انتشرت هناك. بحلول عام ٢٠١٥، تصدرت أخبار التعاون الأمني بين مصر وإسرائيل في شمال سيناء عناوين الأخبار. بنهاية عام ٢٠١٧، نجح التعاون الأمني بين مصر وإسرائيل في السيطرة على الإرهابيين التابعين لحماس وإنهاء جزء كبير من وجود تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في تلك المنطقة.

يخبرنا التاريخ أن التعاون الذي يقوم من أجل التصدي لتهديد أمني مشترك عادةً يكون تعاون مؤقت وقصير الأجل، وبمجرد إزالة التهديد الأمني، تميل الأطراف المتعاونة إلى العودة إلى خلافاتهم المعتادة. لكن لم يكن هذا هو الحال بالنسبة للشكل الحديث الذي تقوم عليه العلاقات المصرية الإسرائيلية. لحسن الحظ، في عام ٢٠١٨، قدمت اكتشافات الغاز في شرق البحر المتوسط مشروعًا مشتركًا يربط الدولتين ببعضهما ويدفعهما لاستمرار التعاون. في الوقت الحالي، تشارك مصر وإسرائيل في عدة مشاريع لاستخراج وتصدير الغاز والكهرباء إلى أوروبا. كما أن هناك رغبة مشتركة لزيادة الميزان التجاري بين البلدين والذي يبلغ حاليًا أقل من ١٥ مليون دولار أمريكي، وفقًا لبيانات البنك الدولي لعام ٢٠١٩.

يمثل انتخاب حكومة جديدة في إسرائيل فرصة جيدة لدفع العلاقات المصرية الإسرائيلية إلى الأمام بشكل جديد ومختلف عن كل ما سبق، خاصة في ظل الموقف الإيجابي الذي يتبناه حاليًا كبار المسؤولين المصريين والإسرائيليين تجاه بعضهم البعض. ولكي يحدث ذلك، يحتاج القادة في الدولتين إلى التركيز على علاقتهم الثنائية وما يتضمنها من مصالح متبادلة وفرص متاحة يمكن لكل منهما الاستفادة منها، لا سيما في القطاع الاقتصادي والتجاري، بدلاً من تركيز غالبية جهودهم التعاونية على مكافحة التهديدات الأمنية وحل المعضلات الجيوسياسية التي لا ولن تنتهي في الشرق الأوسط.